23 ديسمبر، 2024 8:12 ص

الصلح ليس انكساراً بل تثبيت حقوق 

الصلح ليس انكساراً بل تثبيت حقوق 

كل مجتمع يمر بأزمة او حرب أهلية او توتر او نزاع ، يؤثر بصورة مباشرة او غير مباشرة على علاقة مكوناته ، ويؤثر على مستقبل هذا المجتمع ، يكون المجتمع احوج ما يكون الى وضع خارطة طريق يتم الاتفاق عليها من جميع الأطراف ، تثبت الحقوق ، وليعرف كل طرف حقوقه وواجباته ، وما له وما عليه ، لتكون خارطة طريق لهذا المجتمع ان كان يطمح الى التعايش وصون وحدة وطنه واستقلاله وسيادته ، ولنا في صلح الامام الحسن (ع) مع معاوية أبهى صور حفظ الدين والوطن ودماء المسلمين ، اذ المصلحة العليا هي فوق كل الاعتبارات ، فهو ابن من قال ( لإسالمن ما سلمت أمور المسلمين وان كان الجور علية خاصة ) تضمن صلحه (ع) تقييداً لمعاوية حد الأغلال بعدما جعله يتقيد بما لم يتخيله من قيود قد تفرض عليه في يوم ما ، تنازل له عن الخلافة بشرط الالتزام بكتاب الله وسنة رسوله وسيرة الصالحين من بعده ، وهو تركيز على غاية السلطة وليس على شكلها او من يتسلمها ، وليضمن عدم توريثه او طغيانه اشترط عليه ان يكون الامر للأمام الحسن من بعده ، فان حدث له حادث فللحسين ، اضافة الى تهذيب خطابه ، وضمان عدم طائفيته وسبه لأمير المؤمنين ، اشترط عليه الكف عن ذلك ، ولحفظ حقوق المجاهدين ممن حفظوا الارض والعرض مع امير المؤمنين ( ع ) ، اشترط استثناء ما في بيت مال الكوفة ، فلا يشمله تسليم الامر ، ولادامة التعايش السلمي المجتمعي اقتضى ان يكون الناس أمنون حيثما كانوا في ارض الله ، لا يؤاخذون لانتمائهم او عقيدتهم او آراءهم المجتمع العراقي بكل ما عاناه من حروب مع داعش ، اضافة الى التوترات والنزاعات الداخلية السياسية التي ألقت بضلالها على المجتمع ، مما صدع وحدته ، وقدرته على التعايش موحداً ، يعتبر بأمس الحاجة الى تسوية تاريخية ، تكون قادرة على اعادة الالفة بين المجتمع ، وترسم خارطة طريق لما يجب ان يكون مستقبلاً ، بشروط واضحة ومحددة ولا تبخس حق احد ، ولا تجامل احد ، فلم تبقى اي مساحة للمجاملة او المرونة الزائدة ، وأول مضامينها ان يتم الاعتراف بالنظام السياسي الديمقراطي الجديد ، وما تفضيه الانتخابات الحرة والنزيهة ، لضمان عدم ادعاء المظلومية والتهميش والتباكي على طغيان الماضي ، الواقع بما يفرضه يوجب الاعتراف بالاخر وباغلبيته السكانية وكل ما تفرضه هذه الاغلبية من استحقاقات 
لضمان شفافية التطبيق والالتزام ، وعدم الجور يجب الالتزام بثلاثة معايير أساسية تكون ضامنة لحقانية التسوية ، اولاً ان لا يتم باي شكل من الاشكال مكافأة القتلة او العفو عنهم ، ثانياً ان لا تتعارض التسوية مع قيم العدالة والقانون والدستور ، ثالثاً ان لا يتم مصادرة نتائج أية انتخابات حرة يقول فيها الشعب كلمته ، والتسليم لها ، على ان تكون هنالك ضمانات صريحة ، لكي لا يتم التنصل عن هذه التسوية ، وأهمها الضمانات الدولية وعلى رأسها الامم المتحدة ، وكذلك الضمانات الداخلية التي تكون على شكل قرارات بتجريم داعش والبعث والارهاب ، وكل من حمل السلاح ضد الشعب العراقي ، لان الصفحة الجديدة التي ستفتح لا يحتمل ان تكون ملوثة ، او تفتح لتطوي معها حقوق المُضحين ، وما زادنا أملاً هو إقرار قانون الحشد الشعبي ، لحفظ حقوقه ، وبيان جدية وارادة الجميع في رد الجميل لمن لا نمتلك من نفتخر بهم غيرهم .