22 نوفمبر، 2024 9:47 م
Search
Close this search box.

الصلاة تحت ظلال السيوف وفي محيط العتبات المقدسة‎

الصلاة تحت ظلال السيوف وفي محيط العتبات المقدسة‎

أجمعت كتب التأريخ التي دونت واقعة كربلاء عام 61هـ أن الإمام الحسين عليه السلام طلب من عسكر عمر بن سعد أمران الأول ليلة العاشر من محرم الحرام حين بادر الجيش لشن هجومه على رحل الإمام الحسين (ع) فطلب منهم أن يمهلوه حتى الصباح فعكف هو وأهل بيته وأصحابه على إقامة الصلاة وتلاوة القرآن والإبتهال الى الله سبحانه وتعالى ، ونقل في الخبر أنه كان لهم دوي في تلك الليلة كدوي النحل بين قائم وراكع وساجد وقارئ للقرآن ، والأمر الآخر حين إشتبكت الأسنة والرماح في صبيحة يوم العاشر وتقاتل الجيشان وحان وقت صلاة الظهر طلب الإمام الحسين (ع) أن تتوقف المنازلة بين الجيشين ويمهلوه ليؤدي هو ومن تبقى من أهل بيته وأصحابه صلاة الظهر ، وسأله أحدهم بأن الوقت والظرف والأجواء كلها حرب وإشتباك وقتل ودماء فأجابه (إنما نقاتلهم من أجل إقامة الصلاة كما أمر بها الله سبحانه وتعالى) ، في وقتنا الحاضر وفي ظل الوضع الراهن صورة أخرى نراها في جبهات القتال والمواجهة وخطوط التماس ضد الزمر التكفيرية وتنظيم داعش الإرهابي حيث تصدح أصوات الأذان وتقام الصلاة وأحيانآ المقاتلين يؤدونها جماعة لايبالون بأزيز الرصاص وقرقعة المدافع . مما تقدم نستشف بأن الصلاة لها أهمية بالغة جدآ وإقامتها في وقتها أمر لابد منه ومن الضرورات مهما كانت الظروف ولا تؤجل بأي حال من الأحوال فتأجيلها باب من أبواب الإستهانة بها فكيف والحال إذا كانت الظروف إعتيادية وفي ظل حياة طبيعية ، ومما يؤسف له ويؤشر عليه ومعروف أن غالبية المسلمين في بلدان عديدة ومنها العراق يمارسون حياتهم ويسعون لمتطلبات معيشتهم بشكل إنسيابي ويمنحونها أهمية بالغة دأبت عليها أنفسهم ولكن الصلاة لا يولونها تلك الأهمية بل أن الصلاة تكون في آخر جدول حياتهم اليومية وبعد أن يتفرغوا من كل إلتزاماتهم الحياتية ولا أعتقد أن هذا السلوك ينتمي الى خط الإمام الحسين (ع) بل هو أبعد مايكون عن سيرته العطرة ومنهجه القويم . والغريب في الأمر أن المحيطين بالمراقد المطهرة في كربلاء المقدسة والنجف الأشرف والكاظمية المقدسة من محال تجارية والمنشغلين في شتى الأعمال يسمعون بآذانهم صوت المؤذن ينادي جهارآ حي على الصلاة وينظرون بأم أعينهم إقامة الصلاة لكنهم يبقون منشغلين بالبيع والشراء وكأن الأمر لا يعنيهم بالمرة أو لديهم إستثناء من هذه العبادة في وقتها ولا يبالون بها ولا من متعض لأهمية ركنها ، ومع هذه السلوكية اليومية التي إعتادوا عليها تراهم يتباهون بإنتمائهم الى مذهب أهل البيت (ع) ويعتبرون أنفسهم أصحاب السبق في هذا الإنتماء ويتنافسون في إحياء المناسبات ولهم الأولوية في ذلك بإعتبارات كل منهم يتشدق بأنه جار لمرقد الإمام . أعتقد هذه من العادات والتقاليد التي ترسخت في مفاهيم الناس لا تتعدى كونها جهل وقلة وعي وإدراك وفهم حقيقي لماهية الصلاة وفلسفتها لذا يستوجب على القائمين برعاية المراقد المقدسة أن يتصدوا لمهمة بالغة الأهمية في نشر الوعي وإلزام المحيطين والمتواجدين حول هذه المراقد بضرورة التوقف عن البيع والشراء والتوجه لأداء الصلاة التي لا تأخذ من وقتهم سوى دقائق معدودة يلبون فيها النداء ويطبقون سلوكية إسلامية واقعية وتؤشر الى الإنتماء الحقيقي لرسالة الإسلام وتكون مصداق لأتباع أهل البيت (ع) الذين يؤمنون بالإسلام الأصيل الذي إعتبر الصلاة هي عمود الدين إن قبلت قبل ماسواها وإن ردت رد ماسواها وإن إقتضى ذلك إصدار تعليمات إرشادية وضوابط قانونية ونشر ملصقات توجب وقف حركة التبضع وتوزع على تلك المحال والباعة وتلزم الجميع الإقتداء بها ومتابعة تنفيذها ميدانيآ بدقة وإرشاد الممانعين وتنبيههم وتوعيتهم ويمكن فرض عقوبات لمن يخالف تلك التعليمات إن إستوجب الأمر ذلك ..

أحدث المقالات