1
أتيتُ الآن متأخراً إلى ما كتبه السيد وسام الصراف في عدد سابق من ( كتابات ) حول قانون تقاعد أعضاء مجلس النواب وكيف يجب أن يكون وعلى أي أسس ينبغي التعامل مع مواده ، و على أي منها إعتمد المجلس الموقر في تشريع ٍ نادر كما أشار ، لقد كانت مناقشتهُ وافية ووفق مفاهيم مهنية منطقية وإقتصادية في آن واحد …
شكراً للسيد الكاتب أولاً … والذي أبدى إستغرابه من تشريع كهذا ، وأنا أقول إنه تشريع سعى أغلب النواب لتحقيقه منذ بداية حملاتهم الإنتخابية ووضعوه نصب أعينهم كأسبقية أولى في تطلعاتهم غير المشروعة ، فقد كان هو الهدف الأسمى لهم كما يبدو ، ولتذهب مصالح أبناء الشعب إلى الجحيم …الشعب الذي كان السبب في أن يصلوا إلى ما لا يحلمون به وأغلبهم جاء القبة خالي الوفاض .
كان بودي لو تطرق الكاتب الفاضل أيضاً إلى شأن ٍ في غاية الأهمية يتعلق بقوانين تقاعد معوقي الحرب وما يتعلق بنسبة العجز التي يستحق عليها أي منهم من مخصصات تتناسب وتضحياتهم وهو أمر مشروع كما أظن ، وأني هنا أأمل من شخصه الكريم أن يدلو بدلوه ثانية ويبيّن وفق رؤيته القانونية ما يتعلق بهذا الأمر الذي أراهُ مهماً جداً لحياة المعوق وإحتياجاته التي تغيب دوماً عن ذاكرة المشرّع ، ومن ثم المقارنة بين من أعطى كثيراً ولم يأخذ شيئاً وبين من أخذ كثيراً ولم يعط شيئاً … وبين من عمل في الدولة بجد وجهد لأربعين عاماً وبين من عمل فيها أربعة أعوام ( نصفها غيابات ) …
إنني هنا أبحث عن أمر واحد فقط …. أين هو العـــدل في تشريعاتنا ؟؟ وأين هو الجانب الإنساني والحضاري في أهدافها وفي أسبابها الموجبة ؟
ربما يمكن لبعض المعوقين – ممن هم بنسبة عجز ٍ دنيا – من العمل وبما يتناسب وقدراتهم الفكرية والبدنية وبما يمكن أن يحصلوا عليه من إيراد ٍ بسيط يساعدهم نسبياً ، ولكن المعضلة تكمن في ( المشلولين ) أولئك المقعدين من جرحى الحرب والذين تطلق عليهم تسمية ( المعاقين) ) أيضاً دون الإنتباه إلى الفرق الكبير بين المُقعد والمُعاق إذا ما قورن بين الإثنين من الجانب الفني والطبي …
الشلل نوعان … (الشلل الرباعي ) وهو الشلل التام الكامل لأطراف المصاب العليا والسفلى ، أي أن المصاب لا يستطيع أن يحرك أي جزء من جسمه إلا رأسه فقط ..
أما النوع الآخر وهو الأقل ضرراً ويدعى بـ ( شلل الأطراف السفلى ) وهو الأكثر شيوعاً ، ويصنفان طبياً بنسبة عجز كامل 100 % … وكلاهما تقريباً بذات النتائج والأضرار .
الكثير لا يدرك ما الشلل … البعض يتصورهُ عدم قدرة المشلول على المشي أو الحركة أو أنه مجرد إرتعاش في الساقين أو الذراعين أو الرأس …الشلل أكبر من هذا ، إنهُ عاهة كل العاهات البدنية ، هو القتل والتدمير بعينه … أيُ ضرر يتعرض له الحبل الشوكي – ولأي سببٍ ٍكان – يؤدي إلى الشلل ، وكلما إرتفع موضع الإصابة فيه زاد الضرر وزادت نسبة العجز … يفقد المبتلى بالشلل كل مقومات الحياة الطبيعية ، يفقد الحركة والإحساس بكل جزءٍ في أسفل موقع إصابته … يدمّر فيه كل أو أغلب أجهزة الجسم العاملة و تتوقف أكثر وظائف الجسم حيوية … يفقد فيه المريض قدرته في التحكم والسيطرة على أمعائه وعلى مثانته وتلك المصيبة البلاء بلا شك ، كما تنهار لديه القدرة الجنسية التي وهبها الله لخلقه من أجل إستمرار الحياة وديمومتها ، ولا أريد بيان تفاصيل مؤلمة أخرى أعكر بها صفو القاريء الكريم لكن ذلك من أجل الإيضاح فقط ، وحتى يدرك المسؤولون ومن بيدهم القرار ، المأساة التي يحياها المشلولون ليس إلا … ولو أني أدرك تماماً أن لا أحداً منهم ( يقره أو يسمع ) ولكن ما أسلكه هو أضعف الإيمان …
ثم إن البعض من المقعدين المشلولين أو أغلبهم لا يستطيع الإنتقال والحركة من الكرسي المتحرك إلى السرير وبالعكس أو الدخول إلى الحمام دون مساعدةٍ ما ، وهذه المساعدة ينبغي أن تكون قائمة كل الوقت ، وفي بلدان ٍ أنعم الله عليها بالحس الإنساني (وليس النفط ) ، يُستخدم شخص أو أكثر على نفقة الدولة لإعانة ومساعدة والقيام على خدمة المشلول طيلة 24 ساعة براتب ٍشهري مجزي …
فتصور سيدي القاريء العزيز كيف هو الإنسان … يضاف إلى كل ذلك ما يحتاجهُ المشلول هنا من مُعينات ومستلزمات طبية تكون باهضة الثمن أحياناً وبعضها ضروري للإستخدام اليومي الدائم ، أما ما يتعرض له المصاب بالشلل من تداعيات ٍمرضية فيكون فيها أوهن من الوهن ، كإلتهابات المثانة أو الكليتين والأمعاء وغيرها ، وهو الذي لم يستطع إلتقاط ما يسقط منه على الأرض أو لا يستطيع إرتداء ملابسه بنفسه إلا بعون … ألا تتطلب هكذا حالة تعسة مزرية من إهتمام ٍكاف ٍوإضافاتٍ مجزية في الراتب التقاعدي للمشلول من جرحى الحرب تختلف عما للأصحاء من أقرانه ؟ ولو أن هناك بعضٌ ممن هم في (مقامات ٍ عليا ) لم يزل يؤكد أن هذه الإصابة وغيرها هي نتيجة أداء واجب الولاء لشخص ٍما في زمن ٍما … فهل يعقل هذا أيها السادة ؟؟
لتعلموا جميعاً أن كل ما حدث لأي شهيدٍ أو مفقودٍ أو مشلولٍ أو معوق من جرحى الحرب هو نتيجة لأدائه واجبه كجندي ٍمقاتل إحترم جنديته برجولة ودون أي إعتبارات أخرى ويستحق عليها قانوناً مميزات ٍوإمتيازات خاصة ، قد ينظر إليها البعض من منظور قاصر ورؤية عقيمة ، ولكنها تظل أنظمة جيش وتعاليم سامية للجندية الحقة ، فمن ذا الذي يستحق الولاء والتضحية والجود بالنفس من قادة أو زعماء أو ملوك ورؤساء مهما كانت تسمياتهم وعناوينهم وجبروتهم وطغيانهم ، سوى الوطن وترابه وسيادته ؟؟؟؟
إنني أطالب هنا وبكل إصرار كل من يدعي الإهتمام بشؤون المواطنين أن يطلع ميدانياً في كل من مدينتي الذرى والشموخ للمعوقين في بغداد ، على ما يعانيه المشلولون … أكرر .. المشلولون المقعدون منهم ، من مآسي ومعاناة ، سيجدوا أن أغلبهم يشكو دوماً من كثرة شراء وتبديل الأفرشة والأغطية الخاصة (المانعة للبلل الدائم ) الذي يتعرضون له في ليلهم ونهارهم ، وما يؤدي ذلك إلى التلوث والإلتهابات المستمرة ، ولا أخجل من أن أبين وأوضح ذلك لأنه الواقع المر الذي يحياهُ المشلولون ولله حكمته ولا إعتراض على إرادته ، إضافة إلى الإنكفاء النفسي والشعور بالخذلان الذي يعيشهُ كل منهم بسبب الحرج الشديد المؤلم أمام الآخرين في مختلف المواقف التي ينزف فيها حياءً وإنكساراً بسبب عجزه وعدم سيطرته وتحكمه بالوظائف المهمة في جسمه وبمرأى وملاحظة من لم يعرف ما الشلل وما يسببه لصاحبه ، ولا أتردد هنا في بيان ما يصيب المشلول وشعوره بالعجز من ضعف قاتل يدفعه أحياناً إلى التفكير بجد ومحاولة وضع حد ٍ لحياته وتعاسته وبأي طريقة كانت …
وإن أصاب أحدهم تقرح ماٌ من الفراش أو الكرسي المتحرك – رفيق المشلول الدائم – نتيجة الجلوس والبقاء المستمر عليه فتلك مصيبة وبلاءٌ آخر ، حيث يتطلب الأمر أن يظل أسير سريره وسجيناً لجدران غرفته لثلاثة أو أربعة أشهر في ظروف ٍ لا يُحسد عليها ، كي يمكن معالجة تلك التقرحات – إن أمكن معالجتها أو الشفاء منها – ، ورغم وجود مراكز صحية قريبة إلا أنها لا تستطيع أن تفعل شيئاً أحياناً ، وفي حالات متقدمة يلجأ الأطباء إلى إجراء الجراحة اللازمة لترقيع التقرح ..
إن هذا غيضٌ من فيض لما يعانيه هؤلاء ، وأعود لأقول إن من لا يعرف ما هو الشلل وما بلواه ، عليه أن يجلس لساعة واحدة لا أكثر و دون حراك على كرسي ٍللمعوقين ، وأن يسكب ماءً وليس ( غير الماء ) ما بين فخذيه كي يدرك ما يعانيه المشلول أحياناً من ألم ٍ وحرج قاتل في مواقف تمر به أو يمر بها مجبراً وسط مشاعر الضياع والخذلان …
2
في لقاءٍ لهُ مع قناة الحرة الفضائية وضمن برنامج ( حديث النهرين ) … تطرق السيد هيثم الجبوري عضو مجلس النواب قبل فترة عن قضايا عديدة من ضمنها موضوع التقاعد وقانون التقاعد ، ورداً على سؤال لمقدم البرنامج حول إمكانية مراعاة تثبيت مخصصات تتوافق ونسبة العجز لدى المتقاعدين من معوقي الحرب في قانون التقاعد ، أكد الرجل أن ذلك موضع الإهتمام وقيد الدرس عند دراسة مواد القانون أعلاه … سمعنا الكثير من السيد النائب عبر اللقاءات والندوات ، وكان – وكما نجدهُ – نقي السريرة وصادق النية في تعاطفه مع شرائح عديدة من خلال الطرح والمناقشة ، ولكني أرى ويرى الكثيرون أن ذلك لا يكفي مطلقاً ، فالكل يتطلع إلى الأفعال والنتائج ميدانياً وعلى أرض واقعنا المهلهل الذي زاد فيه الكلام عن حده بدل أي فعل ٍنتمناه ، ربما نجد السيد الجبوري متفاعلاً حقاً خلال المناقشات ونرى فيه صدق الإحساس ولكني أقول له هنا … شكراً يا سيدي على ما تضمرهُ ولكن ألا ترى أن الأمر يتطلب ( قتالاً ) وجهداً إستثنائياً من أجل تحقيق ما تريدهُ أنت لخدمة من قال لك نعم بإصبعه البنفسجي … نحن ندرك أن هناك الكثير من مبررات ٍتعرقل جهدك وجهد غيرك من الخيّرين في هذا الشأن وغيره تحت قبة برلمان الصراعات الأزلية التي لن تصل إلى نهايتها أبداً كما يبدو لأي متابع … صراعات أغفل برلماننا هذا بسببها الكثير من هموم الناس وسعى البعض فيه لخدمة تطلعات ٍشخصية لمنافع فردية ضيقة فقط …
قد تكون تلك المبررات ألتي أشرتُ إليها منطقية أحياناً ، ولكنها تستند في أغلبها إلى ضحالة المواقف المتخذة أزاء معوقي الحرب ومنتسبي الجيش بشكل عام … نعم أقول هذا وبدون تحفظ ، لأن البعض من سياسيينا – ومع الأسف – ينظر إلى هؤلاء المغلوبين على أمرهم وكأنهم من منتسبي جيش ٍ كان يدين بالولاء التام لشخص رئيس الدولة حينها ، وعندما يعود العقلاء منهم للقسم النبيل الذي يقسم فيه خريجو الكليات العسكرية عند مراسيم تخرجهم أمام الله وعلى مسمع من أبناء شعبهم ، لم يجد أي منهم في ديباجته ما لهُ علاقة برئيس أو شيخ أو أمير أو زعيم وإنما كل ما يحملونهُ من ولاء هو ولاؤهم لوطنهم وسيادته والدفاع عن أرضه ومياهه وسمائه …
في مختلف جيوش العالم المتقدمة منها والنامية ، مكانة خاصة متميّزة لهؤلاء المحاربين المعوقين الذين قدموا ما إستطاعوا لخدمة الجندية الحقة ، كما وينظر إليهم بإحترام كبيرعلى أنهم أدوا واجبهم خلال الحروب على أساس ٍ مهني صادق ووفق ما تمليه عليهم سياقات نشأوا على إحترامها والتقيد بها في مختلف المواقف وعبر تاريخ تلك الجيوش …
وهنا وفي بلد ( الحضارات والتقاليد العريقة ) نجد الأمر مختلفاً تماماً وللأسف … نظرة إلى معوقي الحرب تتسم بالحقد والتشفي من قبل بعض ممن يدعون إنهم بناة دولة في العراق الجديد … هؤلاء الذين كان أغلبهم يتمتع بمباهج الحياة في بلدان أوربا وأمريكا ونحن هنا ( نتمتع ) بحروب ٍ شرسة لا ناقة لنا فيها ولا جمل وإنما مجرد تنفيذ أوامر لا بد من تنفيذها كجنود لا يمكن لأي منهم مناقشتها ، وقد دفع العراق فيها ثمناً باهضاً من شبابه وثرواته بسبب سياسات ٍخاطئة مجنونة طيلة سنين ….
لا تستغرب عزيزي القاريء الكريم من هذا … إن هذا النفر الحاقد المتشفي موجود ٌ… موجود ٌ… موجود ، وربما يكون سبباً في عرقلة أي تشريع يصب في صالح هذه الشريحة المتعبة المهملة والتي يتمنى البعض فيها الخلاص من حياة ليست بحياة …
لقد تاجر البعض من المنتفعين بمأساة هؤلاء الأبطال وأنشئت الجمعيات والمنظمات بدعوى السعي لتوفير العيش الكريم لهم ولعوائلهم ، وجاءت الهبات من كل حدب ٍوصوب وتمتع المُدّعون بالدفاع عن الحقوق بإمتيازات الإيفاد إلى المؤتمرات وحضور الندوات والحديث الثرثار عبر الفضائيات … ولكن جعجعة ولا نرى طحنا ، لا شيء جديد سوى… أقيم المؤتمر الفلاني وعقدت الندوة الفلانية ، وحضرها السيد فلان الفلاني رئيس جمعية ( ما أعرف شنو ) وتراه يرتدي البدلة الأنيقة وربطة العنق الفاخرة وهو يمشي على قدميه دون أي عوق ٍذي أهمية ، وهنا يطرح السؤال نفسه … كيف يشعر هذا وغيره بالمعاناة الحقيقية لمن يعيش هو مترفاً على حساب الجراح … لمن هذه الجمعيات ولمن تلك المنظمات إن لم يكن هناك من نفع بيّن لمن أنشئت ( من أجلهم …) ؟؟!!!
دعوا عنكم هذه الهالات الباهتة وإركلوا – أيها المعوقين – هؤلاء الذين تسلقوا على مأساتكم ليكونوا كما هم الآن وإتركوا الأمر للدولة عسى أن تحقق لنا شيئاً … ربما .
إن ما يعانيه المشلولون هو بلاء لا تتحملهُ الجبال … ويبقى الإيمان بقضاء الله هو الفصل بين الضعف واليأس ، وبين أن يضع المشلول أمره بيد الله جلت قدرته .
إتقوا الله في مواقفكم يا من تدعون التقوى ، إنظروا للأمر نظرة عقل وبصيرة لا أن تدفع بكم الأهواء وجنون السلطة ومشاعر الإنتقام إلى غمط حقوق شريحة هم آباؤكم وإخوانكم وأبناء عمومتكم … لم يأت بهم أحد من النقب أو تل أبيب ، إنهم أبناء العراق يا أيها السيدات والسادة … نعم ربما هناك الكثير ممن إنتسب للجيش آنذاك وتسلق سلم المسؤولية والقيادة دون وجه حق وحتى دون أدائه قسم العسكرية الحقة – وكما يحصل اليوم – ربما أساء هذا النفر التافه وتسبب في أذى الكثير من أبناء شعب إبتلي بأشباه الرجال عبر تأريخه الطويل ، كان هناك رجال الخليفة وكان هناك رجال الوالي ورجال الأمير وأخيراً رجال الرئيس … هل هؤلاء هم جيش العراق ؟ لماذا ننسى أن هناك الأغلبية الخيّرة فيه والمؤمنة بما جاءت به تعاليم السماء وقدسية المواطنة الحقة ، وهناك الكثير ممن آمن بواجبه كجندي دون أي إعتبار آخر … فهل يؤخذ المرء بجريرة غيره ؟؟
ما هذا المنطق وما هذه الرؤية العقيمة … أنظروا إلى المجاميع الهائلة من الضباط البواسل المتعبين بعد سنين خدمة طويلة و هم يتقاطرون على لجان التسجيل تلبية لدعوة لم يتأكد البعض منهم ما هو ألقصد منها ، وهم ساعين بصدق لا لشيء إلا على أمل تحسين ظروفهم المعيشية فقط ، فلا همّ لهم الآن سوى أن يحصلوا على حقوقهم المشروعة برواتب تقاعدية مجزية ( حالهم حال عباد الله ) من الموجودين الآن في الخدمة … لقد دفع الجميع إستقطاعات مستمرة طيلة خدمتهم لغرض أن تكون عوناً لهم في شيخوختهم وعند تقاعدهم وليست تلك منة تدفعها دولة لا تريد إيفاء الدين على أقل تقدير !!!!
إنني أرجو مخلصاً من السيدين الفاضلين السيد وسام الصراف والدكتور هيثم الجبوري – أمد الله في عمريهما – بذل الجهد ( إعلامياً وقانونياً وبرلمانياً ) من أجل إنصاف من تطرقت إليهم في حديثي ، ولست أدري هل أن بيت مال المسلمين بات يشكو من شحة في ذهبه و(ملياراته المفقودة ) وأكياس دراهمه عندما تعلق الأمر بمن يستحق الإهتمام من أبناء جيش ٍ يفتخر به كل من عاش على أرض هذا الوطن الحبيب …
وأخيراً وقد ثرثرتُ كثيراً وأتعبتُ من يتابع هذه السطور ، أود أن أتناول أمراً في غاية الأهمية ربما لا يراهُ البعض كما أراه …
إنهُ ما يتعلق بتسمية ( الجيش السابق ) .. هذه التسمية التي ألصقت بالشرفاء من أبناء جيش ٍ باسل أثبت عبر كل مراحله أنهُ جيش العراق بحق وجيش العراق فقط … ولا يمكن أن نرضى نحن أبناؤه أن نكون ضمن هذا المسمى الدخيل ، فليس هناك جيش حالي وجيش سابق ، إنه جيش واحد منذ تأسيسه في عشرينات القرن الماضي … فماذا يطلق على رجال المرحوم عمر علي وزكي حسين حلمي ورفيق عارف وغيرهم ؟؟ ألم يكونوا هم رجال الجيش نفسه … إنني أجد في هذا الإسم فرزاً مقصوداً تفوح منه رائحة تلوّث التاريخ … وتفضح التمييز غير المشروع في الرواتب التقاعدية بين منتسبي جيش ينبغي أن يكون واحداً … أعيدوا النظر بتسمية ( الجيش السابق ) التي أساءت إلى مؤسسة الجيش في ماضيه وحاضره ودون أن يدرك أحدٌ ذلك ، فهل أطلق عبد الكريم قاسم ( رحمه الله ) تسمية الجيش السابق على جيشه بعد القضاء على الحكم الملكي ، وهـل فعــل عبد السلام عارف ومن جاء بعـده كما يجري الآن بحق جيش ٍأصيل ؟؟؟ وهل أن ذنبه هو أن يصدر أحد المهووسين بكراهية العراق وشعبه ورجاله قراراً بحله دون مبرر كي يكون جيشاً سابقاً ؟؟؟؟
ما هذا يا سادتي … يا جماعة الخير أهكـذا تورد الإبـل ؟؟؟؟!!!
لتكن هناك حملة إعلامية من أجل تغيير تسمية ( الجيش السابق ) …. فيا أيها الخيّرون في كل مفاصل الدولة والبرلمان وفي كل التيارات السياسية ، أناشدكم وأرجو أن تكونوا بمستوى المسؤولية الوطنية الحقة وأن تعيدوا النظر في كل المواقف التي تسيءُ لكم قبل أن تسيء لجيش ٍعريق لهُ مآثرهُ وماضيه الناصع … إنه جيشكم أنتم بلا شك ومهما كانت التسميات ، ولكن لا يمكن لجيشكم هذا أن يكون سابقاً وهو وبكل فخـر وتأكيــد ….
جيش العراق فقط …
أنني أطالب جاداً أن يعاد النظر رسمياً في هذه التسمية المبتكرة ، ولتكن التسمية وكما أراها بتواضع … ( المقاتلون القدماء ) … أو ( المحاربون القدماء ) …
فيا أيها الإعلام الخيّر وأنتم يا أيها العقلاء في بلاد الحضارة ، لتكن تسميتكم حضارية … ونعم … نعم لـ ( المقاتلين القدماء ) أو ( المحاربين القدماء ) .
أما أنتم يا سادتي يا أصحاب القرار فتذكروا دائماً أن ( خير الناس من نفع الناس ) … وأنتم لم تقدموا شيئاً لأولئك المقاتلين القدماء بما يتناسب وما قدموه من تضحيات أولاً ومع ما عليه أقرانهم الموجودين في الخدمة – حفظهم الله – ثانياً …
أكرر هنا ما قلته مرة … إنها ليست منة أو هبة أو ( مكرمة ) منكم لنا … إنه حق مشروع عرفاً وقانوناً ورغم كل التشريعات … أليس كذلك ؟؟
وأنا أتساءل ويتساءل الكثيرون غيري ….
لماذا تفصّل التشريعات في بلدنا على قياسات ٍخاصة محددة ؟؟ ولماذا تتعدد قوانين التقاعد في دولتنا ؟ ولماذا يُغمط حق من لا يطالب بحقه جهاراً !! ولماذا يصل بنا الحال إلى ما نحن عليه الآن ؟؟ .
أشكر القاريء الكريم … وأعتذر عن الإطالة …
بارك الله في شعب وجيش العراق ….
* جريح حرب مُقعد
[email protected]