23 ديسمبر، 2024 6:22 ص

الصراع في العراق بداية النهاية

الصراع في العراق بداية النهاية

في بداية مايسمى الربيع العربي انعكست الازمة السياسية على العراق كما دول المنطقة وقد تمثلت رغبة الجماهير في العراق بثلاث توجهات . فقد كانت مطالب المناطق الوسطى والجنوبية تنعكس في مواجهة سوء الخدمات والبطالة والفقر بينما انعكست مطالب المناطق الغربية بالتهميش والاقصاء والاجتثاث . بينما انعكست مطالب الكرد في مزيد من الحريات ومواجهة تسلط الاحزاب والعوائل على المقدرات .
الحكومة الثانية للسيد المالكي شهدت اخفاقات كارثية في تقديم برنامج اصلاحي وتحقيق العدالة المجتمعية واجراء مصالحة وطنية وكانت حكومة السيد المالكي الاولى لاتشبه الثانية باي من المقاييس .
ان النجاحات التي حققها المالكي في حكومته الاولى وطرحه للمشروع الوطني ومحاربته للطائفية ونجاحاته الامنية جعلت له مقبولية اخلاقية لدى جميع المكونات . ولكن تركيبة الحكم في العراق والنزعات والطموحات الحزبية وتدخل دول الجوار جعلت السيد المالكي قائد انقلاب اكثر من كونه رئيس وزراء منتخب . ورغم مايعرف عن السيد المالكي من تقوى وتسامح وتواضع ونزاهة لكنه ارتمى في مواجهات جانبية مع حلفائه وخصومة ونتج عن ذلك ان اجتمعت قوى سياسية مختلفة بين فترى واخرى على الاطاحة به وسحب الثقة عنه .
المالكي يعتبر ان خصومة الحقيقيين هم الاكراد وبعض القوى الشيعية الرايدكالية ولم يكن يتبنى نزعة او خلاف مع القيادات السنية والمكون السني رغم سلسلة الاخطاء التي ارتكبها السياسيين السنة .
المؤسسات الامنية وفشلها الذريع في معالجة ملف الارهاب اضافه الى اعتماد السيد المالكي على قيادات عسكرية ليس لها اي  قدرة على الابداع والتطور اللازمين لبناء مؤسسة قوية ، فاغلب الجنرلات من المعوقين ابداعيا وعملياً . فهم مجموعة من العواجيز وكبار السن يغلب عليهم التنظير والتعليم اكثر من كونهم قادة ميدانيين  وليس فيهم سوى الطاعة العمياء والاخلاق الرفيعه واخرين شرهين في جمع المال وغنم المكاسب واصبحوا ظاهرة يتندر بها بسطاء الناس .
فالذي يدير الملف الامني في وزارة الداخلية لم يسبق له في حياته حل ازمة مشجارة بين اثنين او التحقيق في سرقة كيلو طماطة من بقال .
ان الله يهب من يشاء ويعز من يشاء ويرزق من يشاء ويذل من يشاء . وكل هذا يرجع في ان تكون زعيم قوم او رجل ثري او ان تكون بصحة وعافية او نائب في البرلمان. لكن طير السعد يجعل مصير الناس بهذة الطريقة جريمة لاتغتفر تدفع ثمنها حياة عشرات الالوف من البشر بسبب هذا الطير الذي حط في غفلة من الزمن على شخص هو من يدير ملف وزارة الداخليه وتسبب في نتائج كارثية في الملف الامني منذ عشر سنوات ولحد الان .
ان الاخفاقات ، اي اخفاقات ، يكون مسؤول عنها افراد بحكم مسؤليتهم الادارية لاي مؤسسة او دائرة ومها كبر حجمها او صغر . وتبدا من الشرطي والجندي وتنتهي باعلى المناصب . ولم نلحظ ان تحمل المسؤولية في الاخفاق الامني ممن يتبوء المراكز المهمه والحساسه وكانت دائما ترمى في مرمى صغار القيادات . وتنهي تلك القيادات بتشكيل مجالس تحقيقة لم تكن القيادات العليا طرفاً فيها ،  حتى اصبحت تلك القيادات مثل ملك متوج او نائب ضابط في الجيش ( مصان غير مسؤول ) .
ان ظاهرة الفساد الاداري المروع في وزارة الداخليه والدفاع شكل اخفاقاً لحق ضررا بالعراق اكثر من الارهاب .
هؤلاء القيادات الامنية والعسكرية لايقلون طاعة وتملق عن القيادات العسكرية السابقة في عهد صدام في رسم صورة مغايره للواقع وتبني ستراتيجيات جرت البلاد الى  كوارث لاتنتهي .
وقد بقى التخطيط السيء وضعف اداء المخابرات والاستخبارات والامن دون حل مع الاعتماد على طاقة بشرية هائلة من الجنود والشرطة تسند لهم واجبات غير فعالة ومؤثرة وساهمت في ارهاقهم وخلق حالة من التذمر والكسل والعجز . فان انتشار هذا الكم الهائل من الجنود والشرطة في المدن لايعكس نجاحاً امنيا وانما انعكس بشكل  بطاله مقنعه ارهقت البلاد والعباد . ان عدم اعتماد ستراتيجية امنية واستخبارية كفوءه يرجع للبيرقراطية والمصالح والنفوذ الذي استشرى واصبح ظاهرة غير قابلة للحل بسبب التوزيع الحزبي والطائفي للمناصب الامنية وماسواه .
المالكي الوطني النزيه حقق نجاحا وطنيا في حقبته الاولى ولكن .
لم يستطيع الصمود امام تجربة كردستان في النجاحات الامنية والاقتصادية وبقدر ماكان المالكي يحرص على دور الاخوة الكرد لكنه كان حذراً في تدخل الكرد السياسي والامني والاقتصادي في الاقليم العربي وكانت واحدة من اخطاء المالكي ملف كركوك والمناطق المتنازع عليها والبترول . فقد استطاع الاخوة الكرد ومالهم من وزن سياسي محلي ودولي من نقل الصراع مع الحكومة المركزية وبما يشكل حرب قومية الى نزاع طائفي في الاقليم العربي وقد تمكن الكرد من استثمار اخطاء الاجهزه الامنية في اعتقال حماية العيساوي وبما يشكل ازمة سبقتها حمايات الهاشمي الذي كان مدعوم من الاقليم نكاية بالمالكي . وكان المالكي يعتبر الحويجة رئته في تحدي الاكراد وزيادة التلاحم الوطني العروبي تحولت وبسبب الغباء السياسي الى مرارة ممتلئه بحصى الطائفية ومخلفات الماضي .
صراع المالكي مع الاكراد تحول الى صراع طائفي مع السنة العرب الذين تقبلو طعم الاكراد بسذاجة مدعومة بتأييد اقليمي جعل الازمة كبيرة وبما شكل عودة الجماعات المسلحة التي تخلت عن السلاح وتبني حلف جديد مهد لدخول تنظيمات داعش بشكل سجل خرقا امنيا وعسكريا غير مسبوق لازال مثار جدل في كيفية تمكن هولاء من العودة بهذة القوة رغم الجاهزية والاستعداد العسكري .
استطاع الاكراد من هزيمة المالكي بحنكة سياسية واستخبارية في تحريض السنة عكس الجعفري الذي انهزم بدهاء ومكر حلفائه قبل خصومة الاكراد ومثلما ابعدت المادة ١٤٠ الجعفري فان نفس المادة سوف تبعد المالكي وبغطاء شيعي سني ناتج عن اخطاء المصالحة الوطنية وقرارات بريمر التي تجعل الصديق عدو والعدو صديق .
المالكي لم تسعفة قرارته في دعم العرب السنة وكانت اخطاء التحدي للمالكي في القبول بالمطالب غير الشريعة فيصل مهم في تغير البوصله السياسية .
فتجددت المطالب في حقوق الناس في المؤسسات الامنية والعسكرية المنحله وقرارات هيئة اجتثاث البعث سيئه الصيت . واختلطت الصورة بين كبرياء المالكي وتحريض الاكراد وتشفي غرمائه الشيعة بازمته مع السنة .
واصبح خصوم السنة الحقيقين اقرب لهم من المالكي رغم الصراع الطائفي معهم في الحقبة السابقة والذي كان فيها المالكي رجلاً تاريخياً في انهاء الصراع الدموي الطائفي . بينما اصبح المالكي حمالة تداعيات النفاق السياسي وضحيته .
المالكي ورغم الاحداث الساخنة بينه وبين السياسيين السنة لكنه يبدو اكثر تقبلا ومقبولية لدى عوام السنة من غيره من السياسيين الشيعة .
وان نجاح المالكي الانتخابي في مناطق نفوذه جعله اكثر قوة شعبياً منه سياسياً ويحاول خصومه السنة والشيعة والاكراد ايجاد رئيس وزراء توافقي باقناع المرجعية الشيعية ومركز النفوذ الامريكي والايراني الذي يتودد للمالكي بشكل كبير .
الائتلافات المقبلة وفي حاله فوز المالكي فسوف تشهد نهاية الصراع العسكري في المناطق السنية وبداية صراع قومي مع الاكراد على المناطق المتنازع عليها وكركوك خاصة وسوف يشهد تحالف سني شيعي غير مسبوق ينتهي بانفصال كردستان وبقاء المناطق المتنازع عليها متوتره تنتهي بقوات دولية تفصل بين المتخاصمين وفق الخط الازرق الذي اقرة مجلس الامن ١٩٩١ .  وهذا نجاح كبير للمالكي في انهاء ازمة الصراع الطائفي وبناء الدوله الوطنية .
خسارة المالكي لمنصب رئيس الوزراء وتولي قيادة اخرى سوف يتيح المجال لحكومة جديدة تتفاهم مع السنة وتنهي التمرد وتجعل المصالحه الوطنية اكثر تفاعلا مع صلاحيات واسعه للمحافظات .
ولكن ازمة الصراع القومي مع الاكراد سوف تتجدد كما المالكي .
وعلية فان ملف الحقبة المقبلة من الصراع هو صراع قومي بين الكرد والعرب وخروقات امنية  للتنظيمات التكفيرية المسلحة في منطقة الصحراء المحاذية لسوريا وبما يشكل امتداد لنفوذ داعش في العراق وسوريا .       

[email protected]