الحرب الأهلية بين التنظيمات الشيعية بدأت أولا في الرؤوس التي إنطلقت منها الأفكار الشريرة والأطماع للسيطرة على السلطة وثروات النفط ، وهذه الدينامكية في حالة تفاعل وتصاعد وتحولت الى قوة قهرية تتحكم بالمتصارعين على غنائم السلطة والتحكم في آبار النفط في مدن الجنوب .. حيث تحركت غرائز الجشع وحيوانية الإفتراس المدججة بالسلاح والرعاية الإيرانية التي من مصلحتها إضعاف عملائها كي لا يشعروا بزهو القوة وتسول لهم أنفسهم الإستقلال عنها والإستفراد بسرقة موارد النفط وحدهم دون إعطاء حصة الى إيران !
رأيي الشخصي ان أصل الصراع بين التنظيمات الشيعية هو على ثروات النفط في المدن الشيعية ، أما السلطة فهي مجرد وسيلة توصل المتصارعين الى منابع النفط ، والتحولات التي طرأت على التنظيمات الشيعية هي انها بعد ان تذوقت مليارات الدولارات من سرقة المال وتهريب النفط ، وبعد ان اطمأنت انها أصبحت فوق القانون وأقوى من الدولة ، عندها تضخمت أطماعها وصارت التنظيمات التي تمتلك مليشيات مسلحة تفكر بالإستفراد والإستيلاء على السلطة والنفط والتحكم بهما وسرقة ماتشاء من المال العام ، وهنا بدأ العداء بين (( هابيل وقابيل )) والإقتتال بين الأخوة الأعداء الشيعة الذي بدأ فكريا على شكل أطماع وحب الإستفراد ، ثم تطور الى كراهية وحقد وقرار بإزاحة المنافسين عن الطريق .
طبعا غباء الشيعة – ساسة وأحزاب – لايدركون بديهية ان القوة دائما تريد ان تعبر عن نفسها بحيث تشكل سلطة على صاحبها تقوده الى ساحة الحرب رغما على إرادته ، وإمتلاك الشيعة ميليشيات مسلحة كان الفخ القاتل الذي وقعوا به .. أولا – أصبحوا في نظر المجتمع الدولي جماعة تصدر الإرهاب ، ثانية – أجج الصراعات والأحقاد والأطماع بالسلطة والمال فيما بينهم ، وثالثا – تغيرت صورة الشيعي المظلوم المسالم الجميل المطالب بالعدالة ، الى الشيعي الميليشياوي الإرهابي الذي يمتلك سجونا سرية ويخطف ويقتل ، وقريبا وفق حتمية مسار الأحداث سنشاهد الأطراف الشيعية تتقاتل فيما بينها !
ماذا عن الدور الإيراني ؟
الأيرانيون من أكثر الناس معرفة بالعراقيين بحكم الجيرة ، ثم تعامل أجهزة المخابرات والحرس الثوري مع التنظيمات العراقية وإدراك الإيرانيين ان العراقي في حال شبع من المال وتمتع بالرفاهية سينقلب على ايران ،ولهذا كان الإسلوب المتبع من قبل إيران هو شق صفوف التنظيمات العراقية وإضعافها بإستمرار في زمن المعارضة ، وبعد تغيير نظام صدام حيث بدأوا بتفكيك وتمزيق حزب الدعوة في زمن المعارضة ، ثم التيار الصدري وإضعافه كونه كان يشكل القوى الشيعية الوحيدة على الأرض ، بعدها شتتوا المجلس الأعلى وهكذا ، والآن ليس من مصلحة إيران بروز قوى مسلحة شيعية وحيدة يمكن ان تتمرد على النفوذ الإيراني وتستفرد بالقرار العراقي وثروات النفط مستقبلا ، وإيران تضع إحتمال إنقلاب بعض الشيعة وتحولهم الى أميركا وإفلات الأمور من يدها ، إذ ان أميركا مثلما سمحت لحلفائها دول الخليج التصرف بثروات بلدانهم ، ستسمح كذلك للشيعة بالمثل ، بينما إيران تريد شيعة العراق مجرد عبيد وعملاء يقدمون لها ثروات وطنهم مجانا ، ولهذا ستشجع إيران إندلاع حرب أهلية بين الأطراف الشيعة من أجل إنهاك وإضعاف الجميع ثم تأتي إيران للتدخل وتظهر نفسها بمظهر المنقذ !
ماهو الحل ؟
مادام النفط موجود بكميات كبيرة في العراق وخصوصا المدن الشيعية .. ليس هناك حل ولا يوجد إستقرار ، بلد من العالم العاشر وليس الثالث مثل العراق العراق ، كل شيء فيه متخلف والدولة منهارة ، وتوجد مليارات الدولارات من بيع النفط سائبة بدون حماية من الدولة الغائبة .. السؤال : لماذا تتنازل عصابات الأحزاب وتقبل بالهدوء والإستقرار والعملية الديمقراطية وسيادة القانون ، ما الذي يجبرها وهي مجردة من المباديء وبلا شعور وطني ، وعبارة عن عصابات مافيا .. ليس هناك أي حلول على المدى القريب والمتوسط ، وقد يلتحق العراق بالصومال كي يشاركها مستنقع الخراب الشامل !