23 ديسمبر، 2024 5:19 ص

الصراع العقائدي!!

الصراع العقائدي!!

الذي نسميه صراعا , عنفا , تطرفا , إنحرافا أو غير ذلك من المسميات التي تسوّغ الإنقضاض عليه , إنما هو تعبير سلوكي عن منظومات عقائدية متعفنة في وعي البشر , وممتلكة للاوعيه ومداركه وأحاسيسه وما يراه ويسمعه ويدور حوله.
فالتقاعل مع هذه الحالات كنتيجة لن تصل إلى حل وإنما إلى مضاعفات , لأنها معالجة لعَرضٍ لا لمرضٍ , كالمريض الذي يعاني من الزحار الأميبي وطبيبه يعالج الحالة بمضادات الإسهال , ويغفل إستهداف الأميبا بالأدوية القاتلة لها.
فالمريض سيبقى يعاني من الزحار الأميبي , ومن مضاعفات الأميبا الناشطة في جهازه الهضمي , فتزداد عددا وشراسة وأعراض المريض تتضاعف بخطورة.
فالذي يجري في المجتمعات الحامية الوطيس أنها تحولت إلى سوح مفتوحة لصراع العقائد والتصورات والآيديولوجيات والنظريات , والصراع المحتدم يزداد تأججا لوجود العديد من القوى المستثمرة والمستفيدة , والتي توفر السلاح والعتاد والأموال والدعم الإعلامي واللوجستي , وإدّعاء غير ذلك إنما للتضليل والخداع وتمرير قواعد اللعبة , وتنمية الصراعات وتحقيق الربح الأعظم منها.
ومن هنا فأن المنطقة لن تهدأ , إن لم تصل إلى مستوى الحوارات الإنسانية الديمقراطية المعاصرة التي تحجم عن التقاتل , وتتعلم مهارات التحاجج والتفاعل المعرفي السليم الصالح لمجتمع ووطن يؤمن به الجميع , ومَن لا يريد أن يكون في وعاء واحد بأفكاره ومعتقداته مع الآخرين , فأن الزمن سيدوسه بسنابكه والحياة ستلفظه على جرفها الخاوي.
فالوجود البشري الأرضي المعاصر تفاعلي متبادل وبإرادة إمتزاجية واعية ذات قدرات تطورية تجددية متوالدة , تفرضها قوانين الدوران وسلطة الجذب , وما ينعكس في الأرض من أفكار الأكوان ومنطلقاتها المتحققة في أرجاء كون فسيح.
وما يجري في الواقع المشتعل لن يساهم إلا بزيادة الإلتهاب والأجيج , لأنه كالبنزين الذي ينسكب فوق النار التي أكلت حطبها , ومضت تبحث عن حطب أو أي طري سرقت ماءه وأهلته للإحتراق.
وما دامت الأجيال متوحلة بعقائدها البائدة ومُستعبدة بها , فأنها لن تنجز ما ينفع الحياة ويصنع الوجود الإنساني الأفضل , وإنما ستبقى في دوامة الإتلاف والخسران والضياع.
ولا بد من تحديد السلوك الإجرامي المؤدلج وفرض سلطة القانون وإرادته عليه , والإنطلاق في مشاريع وبرامج الإنفتاح العقلي التنويري والتفاعل التحاوري التحاججي مع الآيديولوجيات والرؤى والتصورات , للوصول إلى آليات ومهارات إنجاز الصالح الوطني الإنساني المشترك.
فقعقة السلاح لا تقضي على الأفكار والآيديولوجيات , وتلك حقيقة تواصلت فوق التراب!!