دعم ايران للمالكي بقوة منذ توليه رئاسة الوزراء عام 2006 ومن ثم في ولايته الثانية عام 2010 وسعيها إعادة توليه ولاية ثالثة عام 2014 مع فشلها في سبيل تحقيق ذلك ، ينبؤ بمدى أهمية استخدام المالكي كأداة طيعة بيد ايران . وبعد مرور أقل من شهرين على تولي السيد العبادي هذا المنصب بدلا عن المالكي ، وجدت ايران ان العبادي ينحى منحاً آخر في سياساته ، فهو بقدر ما يبتعد عن الهيمنة الإيرانية على القرار السياسي العراقي فهو يقترب اكثر من الولايات المتحدة – العدو اللدود لإيران- وفرنسا وغيرها من الدول الغربية الداعمة لحكومة السيد العبادي.
هذه التوجهات اثارت حفيظة ايران ، ما حدا بالسيد علي الخامنئي الى ان يصرح تصريحات معادية ومتوعدة ضد (التحالف الشيعي الحاكم) الذي صنفه بالعمالة للولايات المتحدة الأمريكية. خلاصة هذا التصريح يشير الى : ((أن إيران أصبحت تعرف جيدا بأن التحالف الوطني الشيعي في العراق لم يعد مظلة وطنية تخص العراق. بل أصبح مظلة أميركية وغربية وحتى أسرائيلية في بعض المواقف!. فإن حرية الطيران الفرنسي في الأجواء العراقية تهديد للأمن القومي الإيراني. وأن الطائرات الأميركية خطر على المصالح الإيرانية في العراق وكذلك خطر على حلفاء أيران من العراقيين! وبالتالي نتوقع ولادة (تحالف ظل للتحالف الوطني الشيعي) في العراق قريبا. وسيكون بدعم أيراني وسوف يعقد المواقف على أميركا والغرب في العراق!. وكذلك سيحرج الشيعة الأميركيين في العراق! ))
الامتعاض الإيراني دفع الخامنئي بالحديث عن ظهور (تحالف شيعي جديد) بدعم إيراني في العراق قريباُ. بوادر هذا التغيير في بنية التحالف الشيعي أعلن عنه مصدر برلماني مطلع مشيرا الى ان اجتماع ائتلاف دولة القانون مساء اول امس افضى الى ترشيح القيادي فيه ، وزير التعليم العالي السابق علي الاديب ، ليكون رئيسا للتحالف الوطني الشيعي بدلا عن ابراهيم الجعفري . ومعروف عن السيد الأديب قربه الوثيق من ايران حيث عاش لمدة طويلة فيها إبان هروبه من النظام المباد.
كذلك فان الأخبار الواردة عن اتفاق نهائي بين اعضاء ائتلاف دولة القانون خلال اجتماع عقد بحضور رئيس الوزراء حيدر العبادي على ترشيح وزير النقل السابق ورئيس منظمة بدر على تولي حقيبة وزارة الداخلية بشكل رسمي ينضوي تحت عزم ايران على إيجاد حلفاء عراقيين يشكلون (تحالف ظل) للتحالف الوطني الحالي يمتثل للأوامر الإيرانية التي تسعى الى السيطرة على اداء التحالف الوطني وانصياعهم الى ايران ليكونوا ثقلا في كفتها بدلا من كفة الولايات المتحدة بشكل خاص والغرب بشكل عام. وإن إيران ستقوم بتشجيع اعضاء التحالف المناوئين لسياسة القادة والمسؤولين العراقيين الحاليين في التحالف الوطني، وستدعم من تجده أهلاً لتبوء المناصب الرفيعة في سبيل إنشاء التحالف الجديد المشار إليه.
هذه التجاذبات الجديدة وما تحمله من صراع بين ايران والولايات المتحدة الامريكية في الساحة العراقية سيقود الى تنامي صراع داخلي ضمن البيت الشيعي المهدد بالانقسامات ، وسينشأ تحالف جديد واضح المعالم يسمى بتحالف شيعة ايران وآخر يكنى بتحالف شيعة أمريكا ، ما يهدد وجود الشيعة في العراق خاصة والمنطقة عامة وإن لم يتجاوز سياسيو الشيعة العراقيين هذه المرحلة المهمة والحساسة التي سوف تحدد وجودهم وبقاءهم من عدمه. ومن علامات هذا الاختلاف تصريحات لكيانات متشددة تجاه عودة التواجد الامريكي والغربي في العراق والتهديد بضربه ومقاومته.
انه صراع إيراني أمريكي يتجدد في العراق في هذه المرحلة التي تمثل خطراً محدقاً بأمن وسيادة هذا البلد في خضم حرب عالمية دينية ساحتها المنطقة العربية الممتدة من العراق وسوريا شرقا الى بلدان شمال أفريقيا غربا، حيث مركز ثقلها العراق .