22 ديسمبر، 2024 10:34 م

الصراعات وحماية الحياة والكرامة الانسانية

الصراعات وحماية الحياة والكرامة الانسانية

لا أشك أن قوّة المنطق والثقافة والعقيدة، بالإضافة إلى إمكانية التوصل إلى الاتفاقات السياسية ، من شأنها أن تؤدي إلى انتصار العقول الحرة على أتباع الحكم المطلق والمبادئ الاستبدادية ( هو تصرف من الحكام او الدول وفق أهوائهم ونزواتهم بمصير الناس، حيث لا تراعى كرامة لإنسان و تحرم البلاد وشعوبهم من عطاءات أبناءها ) الذين لا زالوا يرددون نفس الشعارات والمغالطات . لقد شهد العالم في السنوات القليلة الماضية العديد من التحولات والإحداث الكبيرة التي تسببت في معاناة الكثيرين من البشربسبب المغالاة وعدم الانصياع للواقع ، وكانت منطقة الشرق الأوسط على وجه التحديد مسرحاً دامياً لعدد من الحروب المفروضة الغرض منها استغلال الخيرات التي تحملها وتنامي رؤوس الأموال التي ستبقى مهددة شعوبها مع وجود الملايين من الاطفال يعيشون في فقر مدقع، و مع ان الالاف منهم يموتون يوميا من الجوع والحروب والامراض ومن المؤسف ان السياسة الدولية بسكوتها كأنها في الكثير من الاحيان لا تعتبر الإنسان محورا للحياة، بل مجرد آلة في خدمة التنمية السابحة في فلك الاقتصاد فلهذا نرى الصراعات الحالية بعين مجردة في المنطقة والحكام كانهم في واد بعيد عنها .. متناسين ان القيم هي مجموعة من المبادئ التي تقوم عليها الحياة والتي يسعى الانسان للتحلي به و”الحريَّةَ حَقٌّ لكُلِّ إنسانٍ: اعتقادًا وفكرًا وتعبيرًا ومُمارَسةً، وأنَّ التَّعدُّدِيَّةَ والاختلافَ في الدِّينِ واللَّوْنِ والجِنسِ والعِرْقِ واللُّغةِ حِكمةٌ لمَشِيئةٍ إلهيَّةٍ، قد خَلَقَ اللهُ البشَرَ عليها، وجعَلَها أصلًا ثابتًا تَتَفرَّعُ عنه حُقُوقُ حُريَّةِ الاعتقادِ، وحريَّةِ الاختلافِ، وتجريمِ إكراهِ الناسِ على دِينٍ بعَيْنِه أو ثقافةٍ مُحدَّدةٍ، أو فَرْضِ أسلوبٍ حضاريٍّ لا يَقبَلُه الآخَر” ، فهو الذي يساعده على أن يحيى حياة كريمة وسليمة، و تحفظ كرامته وحريته، وتدعم حقوقه، وتحثه على القيام بواجباته، كما تحافظ على عرضه وماله وعقله، وتقوم القيم الإنسانية باعتبار الفرد انسانًا قبل أي شيء، على أن يَرَى في الآخَر أخًا له، “عليه أن يُؤازرَه ويُحبَّه. وانطلاقًا من الإيمان بالله الذي خَلَقَ الناسَ جميعًا وخَلَقَ الكونَ والخلائقَ وساوَى بينَهم برحمتِه،” “والانسان مَدعُوٌّ للتعبيرِ عن هذه الأُخوَّةِ الإنسانيَّةِ بالاعتناءِ بالخَلِيقةِ وبالكَوْنِ كُلِّه، وبتقديمِ العَوْنِ لكُلِّ إنسانٍ، لا سيَّما الضُّعفاءِ منهم والأشخاصِ الأكثرِ حاجَةً وعَوَزًا. أما عن القيم الإنسانية فمنها: “العمل، الحرية، العدل، العلم، الصدق، الأمانة، الإيثار” وما دام الإنسان لا يشكل محورا حقيقيا للسياسة، فإن حضارة العصر ليست مضمونة العواقب..وبتعبير آخر، هي مهددة بالزوال..حتما ستنهار.. والجهل بالعمق الإنساني، والقاعدة الإنسانية، تسبب عبر العصور في كوارث للجنس البشري، مع استمرار الحروب والنزاعات المسلحة والآثار المترتبة عليها في تدمير حياة الأفراد وفرض المعاناة عليهم. وحيث أن حضارات انقرضت ولم يعد لها وجود إلا في شكل مآثر تاريخية.. والأسباب تتجسد في الكراهية والعنصرية وفي حروب بلا حدود.. وما زالت المصالح تنتج مزيدا من التجاهل، واللاإنسانية، وتهدد الكرة الأرضية بالانفلات من مدارها، بل تهدد كل الحياة بالزوال . في الوقت الذي تتبلور فيه منظومة حقوق الإنسان فإنّ الواقع الملموس يكشف عن هوة واسعة بين هذا التبلور النظري وبين التحديات التي تواجه هذه الحقوق. فقد كانت المجموعة الدولية شاهدة خلال السنوات الأخيرة على حقيقة أنّ حماية كرامة الإنسان وحرمته الجسدية والمعنوية مرتهنة إلى حد بعيد لأولويات السياسة الدولية لا كما كفلت مواثيق الأمم المتحدة كرامة الإنسان، وأكدت على حقوقه كاملة، ومنعت الانتقاص منها، وجرمت من يسيء إليها، إلا أنها وللأسف عجزت عن تحقيق ما دعت إليه من مبادىء مثالية .وحماية وحرية الراي ” الذي يكون للإنسان الحق في أن يفكر تفكيرًا مستقلًّا في جميع ما يكتنفه من شؤون، وما يقع تحت إدراكه من ظواهر، وأن يأخذ بما يهديه إليه فهمه، ويعبِّر عنه بمختلف وسائل التعبير”.
في حين ان التقارير السنوية للمنظمات الوطنية والإقليمية والدولية تعكس واقعاً مؤلماً للانتهاك النمطي لانواع الحقوق في اكثر الدول العربية والعديد من دول العالم :حيث تشاهد انتهاكات الحق في الحياة، والموت من جراء التعذيب، وانتهاك الحق في الحرية والأمان الشخصي من خلال اعتقالات غير قانونية، وظاهرة المفقودين والمنفيين واللاجئين والنازحين. لقد شهدت المنطقة تغيرات جذرية وغير نمطية بين منتصف العام 2013 وحتى الان في ايجاد دول ارهابية تبيح القتل بمختلف الاساليب الوحشية و على الصعيدين السياسي والاجتماعي، كما أن اكتساء الدولة البوليسية بشكل متزايد بسمات دينية، قد فاقم من الضغوط على الحريات الدينية، وأدى إلى استشراء العنف الطائفي وقادت إلى تأثيرات هائلة على ألاوضاع في مجمل المنطقة خاصة حقوق الإنسان، بجانب الانتهاكات الشائعة الخطيرة وأنماطها وما يرافقها من ظواهر سلبية فالعوائق جمّة أينما نولّي وجوهنا، سواء تعلّق الأمر بالتفكير في السياسة أو في التاريخ أو في الشأن الديني أو في التربية، وحتى في الأدب والفن كثيراً ما نصطدم بأكثر من عامل معطِّل ، فقد وجدت نظم الحكام العرب ضالتها في تقييد حقوق الإنسان بدعاوى حماية الأمن ومكافحة الإرهاب التي جاوزت الإرهابيين لتنال في بعض الأحيان من المعارضين السياسيين والدينيين والإعلاميين والحقوقيين والنقابيين وتعكس كذلك صورة متردية لمعاملة سجناء الرأي والضمير وغيرهم من المحتجزين، مثلت عمليات القتل خارج نطاق القانون للآلاف عبر استخدام القوة المفرطة في ملاحقة بعض المشتبه بهم، وكذا ممارسات التعذيب الروتينية التي اصبحت وجها بارزا للحصانة التي تتمتع بها الأجهزة الأمنية وغياب الحق في محاكمة عادلة، وانتهاك حريات الرأي والتعبير، والتشديد بدل رفع القيود عن القوانين التي تسمح في حق تكوين الاحزاب ومنظمات المجتمع المدني وحق المشاركة في إدارة الشؤون العامة وفق الاختصاصات القانونية فقط ، وحق ممارسة و إقامة الشعائر و مراعاتها سواء كان فرديا او مع الجماعة ( الاعلان العالمي لحقوق الانسان ، بالتحديد فى البند 18 وتنص على ان كل شخص له الحق في حرية التفكير و الضمير و الدين ) وضمان كرامة الإنسان وتقع على السلطات العمومية واجب احترامها وحمايتها وترتبط بهذه الحقوق الامورالتالية : الحق في الحياة والسلامة البدنية ومناهضة التعذيب والاعتقال التعسفي والاختفاء القسري وإلغاء عقوبة الإعدام، لاصحاب الراي و حرية التنقل والتعبير، والمساواة بين المواطنين، والتضامن الاقتصادي والاجتماعي و المحافظة على السلم والقانون والنظام العام و حماية الحقوق والحريات الأساسية واستخدام سلطة الدولة لفائدة المجتمع، حيث يجب أن تتسم بالحيادية السياسية. ولا يجوز بأي حال من الأحوال أن تكون طرف في الصراعات السياسية انما تبقى محايدة . ولا يجوز بأي شكل من الاشكال تسييس العمليات الخدمية وتجييرها لصالح الانظمة الحاكمة ، لان ذلك يهدد الهدف الأساسي منها وهو تقديم المساعدة لمن هم بحاجة إليها بغض النظر عن أي اعتبارات أخرى وللحكومات الحفاظ على الأمن و لا يبرر لها الاعتداء على حقوق الأفراد في احترام كرامة انسانها بأساليبهم المتشدّدة، وآراء فاسدة ، التي تقتل حوافز الأفراد وطموحاتهم وتحول المجتمعات إلى جثث هامدة ينال منها العقاب بكل بساطة دون ان تحرك ساكناً ، وليس مقبولاً من الرجال والنساء والأطفال أن يُسلّموا بضرورة التنازل عن حرياتهم أو هجرة بيوتهم أو تحمل أي نوع من المعاناة أو سوء المعاملة في سبيل حقهم في البقاء على قيد الحياة في عالم لم تعد الحدود فيه تمنع تدفق المعرفة والثقافة ولم يعد بإمكان أي مجتمع يعيش بمعزل عن غيره من المجتمعات. رغم ان اكثر الدول وخاصة الفقيرة منها على الصعيد الانساني والثقافي لا يواكب تقدمها العلمي والتكنولوجي العالم وتسير في العربة الاخيرة من القطار،