23 ديسمبر، 2024 12:32 ص

الصراعات الدولية والاقليمية في معركة الموصل   

الصراعات الدولية والاقليمية في معركة الموصل   

أخذت معركة الموصل ضد تنظيم داعش ،منحى سسياسيا وعسكريا ،غير ما خطط له ، من جهات محلية وإقليمية ودولية ، مما عقد وأخر حسمها واخراج داعش منها ،فالمعركة على الارض غير المعركة في الفضائيات والاجتماعات والتصريحات والندوات ، وهذا ما يجعل أمد المعركة يطيل ،والتضحيات اعدادها يتصاعد ،ومليونية النزوح يتحقق كما ارادت وخمنت لها الامم المتحدة ، فهل هي ،مؤامرة منظمة ضد الموصل ، أم سوء تخطيط، أو تقصير غير مقصود وفشل خطة عسكرية دون تقدير لمجريات واستحضارات العدو هناك، أم مفاجأة القوات والقادة العسكريين امريكيين وعراقيين بقوة العدو وتنوع اسلحته وتغيير خططه بسرعة مذهلة،اضافة الى استخدامه الارض المحروقة ضد المحررين،الحقيقة المرة ،أن كل هذه الاسباب مجتمعة ،فساعدت داعش على الصمود والمقاومة، وفرض خسائر بشرية غير متوقعة ،بصفوف الجيش والقوات المهاجمة ،رغم صعوبة المعركة بوصفها –حرب شوارع المدن- لم تخضها القوات العراقية سابقا،إضافة وهو السبب الجوهري بتصوري،غياب مقصود لطيران التحالف الامريكي ،وضعف مشاركة طائرات-الشينوك والاباتشي وغيرها –التي غالبا ما تكون سببا بحسم معارك الشوارع ،لتفوقها التكنولوجي العسكري بذلك ، ولكن هذا لم يتم لحد الان ،ونعتقد ان ادارة اوباما تريد اطالة المعركة لاهداف سياسية ،وفرض واقعا جديدا على الارض ،بعد القضاء على تنظيم داعش، وتزامنه مع معركة الرقة في سوريا، اذن الصراعات السياسية والتوافقات،

هي من سيقرر مصير الموصل والمنطقة كلها بعد داعش ، وهذا ما أكدته تصريحات محلية واقليمية ودولية ،وهو عنوان مقالنا الذي نسلط الضوء فيه على تداعيات معركة الموصل، بوصفها معركة تاريخية ،ستحدد شكل خارطة المنطقة الجيوسياسية ، معركة الموصل حسمت عسكريا الان بكل تأكيد،طال الوقت أم قصر، بتضحيات دماء ابناء العراق جيشا وحشدا وشعبا،ومصيره داعش والقضاء عليه قرره اهل العراق الغيارى ، وسيهزمونه في كل العراق، بعد نزوح وتهجير وقتل وتدمير البنية التحتية للمدن ،شارك فيها داعش والميليشيات ودول اقليمية ، أيا كان هدفها وقصدها ، ولكن ما نخشاه بعد تقديم انهار الدم في تحرير مدننا من داعش واخواته،هو التغيير الديموغرافي والتطهير الطائفي والقومي العنصري ، بتدخل دول اقليمية ،تتباكى على شعب العراق في المدن المنكوبة ،اذن الصراعات الاقليمية والدولية ،هي احدى التحديات الاستراتيجية ،التي تواجه الموصل بعد تحريرها،وهذا يتطلب عقد مؤتمرات سياسية خاصة باهل الموصل ،يتفقون ويرسمون من خلالها مصير مدينتهم ويعيدون لها وجهها الحضاري والتاريخي ،بعد ان شوهه تنظيم داعش بجرائمه، وتدمير اثاره وبناه التحتية ،وقتل وتهجير اهل الموصل الاصلاء من جميع الطوائف والديانات ،وهي ليست اقليات وانما هي صانعة حضارات العراق،وكذلك ضمانات دولية تضمن حقوق الموصل وعدم تعرضها الى تغييرات ديموغرافية وتطهير عرقي واثني وقومي لاغراض سياسية،هدفها تفتيت وتجزيء المدينة ،بعد تقسيمها الى دويلات ودكاكين على وفق اسس طائفية وعرقية وقومية ،تفتح باب الحروب القبلية والطائفية والقومية لسنين طويلة ، وهذا ما تخطط له الدول التي تعمل على تقسيم العراق كله، والاستحواذ على حصتها منه ،كما يتطلب من الفعاليات السياسية والعشائرية والرموز الوطنية ،ان تطالب الحكام العرب والمجتمع الدولي ومجلس امنه اللافاعل ومنظمة الامم المتحدة التي تتفرج على معاناة النازحين والمهجرين ببرودة اعصاب وهي تراهم يسيحون في العراء بلا مأوى ولا طعام ولا دواء ، بمنع الدول من التدخل بشئون الموصل ،

لاسيما وان الموصل وأهلها قد حسموا أمرها ،منذ عام 1925،بأشراف اممي وعالمي، وأي تغيير في جغرافيتها  على اسس قومية وطائفية ،هو إجراء يخالف قوانين الامم المتحدة واتفاقية جنيف لحقوق الانسان ،ويدخل البلاد في حروب اقليمية طويلة ، لذا ونحن نعيش معركة الموصل ،نرى اصواتا وتصريحات محلية واقليمية ودولية ،تعمل على اعادة رسم خارطة الموصل على مقاساتها ، وتمنع اقامة مؤتمرا لابناء الموصل نيتوافقون من خلاله على الية تضمن عودة الحياة الطبيعية لاهل الموصل بكل طوائفهم وقومياتهم ،مع ضمان أكيد لحقوقهم ومستقبل اجيالهم ، اليست هذه مفارقة ، منظمة ومقصودة، نحن نرى ان الموصل ، وبتأخر حسم معركتها ضد ارهاب داعش،تتعرض الى مؤامرة اقليمية ودولية لاخضاعها الى قرارات لاتريدها، وتفرض عليها واقعا لاترغبه ، ويرفضه جميع طوائفها، أما تقسيم المدينة اداريا وسياسيا فهو اولى بوادرهذا المشروع ،الذي سيضر بالجميع، ولايخدم سوى طائفة صغيرة سيتعرض مصيرها للفوضى الدائمة على يد شرذمة معادية للعراق واهله، نعم نحن مع توسيع المحافظة اداريا واستحداث محافظات ،ولكن ليس على اسس طائفية وقومية ودينية ، وهذا يخالف الدستور ،اليوم نحن امام صراعات دموية ،تقودها دول تعمل على تحقيق مشاريع خاصة لها ، مدمرة للاخرين، ومعركة الموصل ، مثالا لها، فإيران وروسيا وتركيا وامريكا وفرنسا وبريطانيا ،كل منها له اجندته ومصالحه ومشروعه التوسعي ،والوقت حان تاريخيا وعسكريا وسياسيا لتنفذ هذه المشاريع التي لن تتكرر لحظتها ربما بعد الف عام ،والعراق –بهذا الضعف العسكري والسياسي- ،وهنا مكمن الخطر على مستقبل العراق،انطلاقا من معركة الموصل ، وعندما نقول ،ان معركة الموصل ن لها بعدا استراتيجيا في تحديد شكل المنطقة وانها معركة فاصلة بين عصرين مختلفين ، فإننا نستند الى نظرة استراتيجية لها خلفية تاريخية ونظرة عميقة لواقع سياسي هزيل وضعيف وتابع ،

اذ لايوجد من يقول –لا – في وجه الاطماع هذه، من الاحزاب والكتل الحاكمة ، والتي رهنت ولاءها ،للاجنبي الايراني والايراني والتركي وغيره، ولاتهمه مصلحة العراق،ارضا وشعبا وحضارة ومستقبلا ، فالفساد السياسي والمالي، بلغ مداه المريع الذي لم يشهده التاريخ، في ظل حكومات انتجها واوجدها الاحتلال الامريكي-الايراني،وما تزال تحكم بعقلية طائفية متخلفة، تابعة ذليلة لمن نصبها على سدة الحكم،وهذا هو مقتل العملية السياسية منذ عام الاحتلال الامريكي، اذن معركة الموصل فرصة لاعادة وانتاج حكومة وطنية ،بعيدا عن المحاصصة والطائفية والولاءات الخارجية ، وهذا ما تعمل عليه إدارة الرئيس الجديد دونالد ترامب بكل تأكيد، لان تجربة الاسلام السياسي اثبتت فشلها في المنطقة والعراق تحديدا وفضحت فشل السياسة الامريكية وافشلت مشروعها في الشرق الاوسط، لذا فترامب يعمل على اعادة تجربة امريكا في العراق،ولكنباعتماده ليس على الاسلام السياسي،وانما على العلمانيين واللبراليين والمعتدلين ، وسيعيد النظر بقادة ورجال عراقيين حسبوا على النظام السابق،ممن اثبتوا نجاحهم وتفوقهم الاداري والسياسي المهني في ادارتهم للعراق ،قبل الاحتلال، وما (مبادرة الحكيم-المالكي)ن في إجراء (تسوية تاريخية) ،في العراق ويقصدون بها مصالحة وطنية ، الا استباق فاشل ومفضوح ،لما سيقوم به الرئيس ترامب ،اذ ان مصالحة المالكي –الحكيم فشلت منذ سنوات بعد فساد مريع في وزارتها ، وهي الان جثة هامدة يريد الحكيم-المالكي احياءها ، ونقول انها ليست الا تسوية ترابية تهيلون بها التراب على جثة( مصالحتكم الوطنية) الميتة من سنوات إطلاقها ، معركة الموصل على الرغم من تداعياتها وافرازاتها وخطورة توقيتها ،الا انها تعد معركة التاريخ في انتاج وصناعة تاريخ جديد للموصل والعراق والمنطقة ،رغم مآسيها وكوارثها وزلزالها المدوي في ارجاء العالم ……