الصراعات الداخلية في دوائر الدولة حين يتحول الاختلاف إلى تحدٍّ وفرصة

الصراعات الداخلية في دوائر الدولة حين يتحول الاختلاف إلى تحدٍّ وفرصة

في بيئة العمل، يُفترض أن يكون التعاون والاحترام المتبادل هما الأساس الذي يُبنى عليه النجاح المؤسسي. ولكن الواقع، خصوصاً في بعض دوائر الدولة العراقية، قد يكون أكثر تعقيداً، خاصة حين يصطدم الموظف الجديد باختلافات ثقافية أو بيئية لا يتقبلها البعض.
من خلال تجربتي، واجهت عدة تحديات داخل المؤسسات الحكومية التي عملت فيها. أبرزها كان نظرة بعض الزملاء السلبية تجاه اللهجة وأسلوب الكلام والتفكير، وكأن اختلاف الثقافة يُعد نقصاً لا ميزة. رغم أن العراق بلدٌ متنوع بطوائفه وأديانه ولهجاته وثقافاته، إلا أن بعض الموظفين ما زالوا غير قادرين على تقبّل هذا التنوع كجزء طبيعي وغني من الهوية الوطنية.
كما لاحظت أن الاجتهاد في العمل لا يكونان دائماً محل ترحيب. البعض يرى في نشاط الموظف الجديد تهديداً لمكانته، فيقابله بالحسد أو التقليل، بل وحتى بالإساءة الكلامية. تعرضت شخصياً لبعض المواقف التي حملت كلمات جارحة ونبرة تقليل من الاحترام، وكان الهدف الواضح منها التقليل من شأني أو إحباطي.
إلى جانب ذلك، برزت الصراعات الداخلية والتكتلات المبنية على العلاقات الشخصية أو الانتماءات، والتي أدت إلى أجواء من النفاق والنميمة والحسد. وهي أجواء تُضعف بيئة العمل وتُشتت الجهود، وتؤثر سلباً على روح الفريق الواحد.
لكن من المهم جداً أن أوضح أن كل هذه المواقف كانت نسبية ومحدودة بفئة صغيرة من الموظفين فقط، ولا تمثل الجميع. بالمقابل، حصلت على دعم كبير واحترام وتقدير من الإدارة التي كانت منصفة ومتفهمة، وكان لها دور كبير في دعمي نفسيًا ومهنيًا.
بل وأكثر من ذلك، فإن إدارتي تُعد من الإدارات الناجحة والمتميزة، حيث أظهرت وعياً كبيراً بكيفية توظيف الطاقات الشبابية والقدرات الناجحة في الاتجاه الصحيح. هذه الإدارة آمنت بالكفاءة والعمل الجاد، وسعت إلى خلق بيئة تشجع على الإبداع والمبادرة، بعيداً عن المحسوبيات والانحيازات.
كما أن الكثير من الزملاء أبدوا تعاطفاً وتقديراً وتعاوناً رائعاً، ما جعلني أُدرك أن في كل مؤسسة هناك وجوه مشرقة تستحق التقدير، تقابل الجهد بالاحترام، وتؤمن بقيمة الزمالة والتكامل.
خلاصة القول، أن التحديات الاجتماعية في دوائر الدولة لا يجب أن تُخفي وجود الكثير من الإيجابيات. ما نحتاجه هو وعي أكبر بقيمة التنوع، وثقافة مؤسسية تحتضن الاختلاف، وتعزز روح التعاون والاحترام. لأن الموظف الذي يشعر بالقبول والدعم، هو الأكثر قدرة على العطاء والنجاح.