في الاحتفالية التي أقامتها هيئة النزاهة يوم أمس الأحد 27/10/2013، في بغداد، أشار السيد رئيس الوزراء الى أمور مهمة تعد نقطة الإنطلاق في اطار المعالجات الجادة للفساد الاداري التي لايمكن بدونها تحقيق تقدما على جبهة محاربة الفساد والارهاب في العراق.. حيث تطرق سيادته لذلك بالقول.. أن “الفساد اعطى للمعارضين بابا للدعاية الانتخابية والدعاية المضادة للحكومة والتي استغلت بشكل سيء وستنعكس على نتائج الانتخابات المقبلة والتي ستكون سيئة هي الاخرى”.
حيث يُدرك القارئ لهذه العبارة، والمتمعن في مفرداتها مدى العلاقة بين الفساد الاداري والفساد السياسي الذي تسعى بعض القوى السياسية في الساحة العراقية الى تكريسه لما له من علاقة مباشرة بمصالحهم الحزبية ومكاسبهم الشخصية. كما يصل القارئ معها الى حجم الخطورة التي يشكلها مفهوم المحاصصة الطائفية والعرقية عندما يُتخذ منه معيارا لتحقيق الشراكة الوطنية كبديل عن الأغلبية السياسية وخاصة في المراحل الأولى من عمر بناء الدول الحديثة.
وكما هو معلوم فإن الفساد السياسي عبارة عن سوء استغلال للثقة والصلاحيات التي يمتلكها شركاء العملية السياسية وسوء استغلال مصادر الدولة من قبلهم نتيجة وجودهم الخفي والمعلن في مفاصل السلطة وبما يضع اللوم في نهاية المطاف على الوجوه المباشرة والبارزة في الحكومة أي : على شخص رئيس الحكومة دون غيره، خاصة مع انضمام هؤلاء الشركاء الى جوقة المطبلين والمنتقدين لحالات الفساد الاداري داخل الدولة العراقية دون الالتفات الى الادوار السلبية التي يماسونها من خلف المشهد لعرقلة الاداء الحكومي وتضليل الرأي العام عن حقيقة وجودهم السلبي داخل السلطة.
وعلى حد تعبير ما جاء على لسان دولة رئيس الوزراء، وهو الأقرب للحقيقة فان وجود الشركاء طوال هذه الفترة قد شكل ” بابا للدعاية الانتخابية والدعاية المضادة للحكومة”.. أي ان الشراكة المبنية على مبدأ المحاصصة تشكل بذورا للفشل في أرضية أي حكومة تتشكل على هذا الأساس في المستقبل، حيث لا يشكّل المنجز الحكومي ومهما كان حجمه شيئا يُذكر امام الماكنة الاعلامية للدعاية المضادة للشركاء.
وقد رأينا خلال الفترة المنصرمة هذا النوع من التعطيل الحكومي، تمثل في مناوئة المشاريع الكبرى داخل مجلس النواب وتسريب الوثائق الحكومية الى وسائل الاعلام، والتواجد المكثف للشركاء على شاشات التلفزة لتوجية الانتقادات وتكريس التفسيرات المغلوطة واساءة النوايا بأي خطوة حكومية في أي اتجاه كانت.
ليس هذه الخطوات وحسب، كانت قد تركت اثرها السئ على الوضع الأمني الذي يشهد تراجعا كبيرا على الساحة العراقية، وعلى الفساد الاداي الذي ضرب بأطنابه في مفاصل الدولة العراقية وأجهزتها الحكومية وحتى الأمنية منها.. فهناك ماهو لايقل تأثيرا عن ذلك و المتمثل في المال السياسي المتدفق من الخارج والمنح المالية الضخمة من الدول الاقليمية الى القوى السياسية العراقية والتي لايشك عاقلا في انها مصحوبة بشروط وتقابلها تنازلات على حساب المصلحة الوطنية العليا للعراق.
على العكس من الاستثمار الاقتصادي ذو المردود الايجابي على الوضع العراقي فقد استخدم المال العربي والاجنبي للاستثمار السياسي على الساحة العراقية ، الأمر الذي ترك أثره السلبي على كافة الأصعدة، فقد أسهم المال السياسي القادم من الخارج الى تكريس الفساد الاداري في العراق، ومن ثم أصبح الفساد السياسي والفساد الاداري شريانين رئيسين يغذيان الفعل الارهابي في العراق، يهدفان بالنتيجة الى اسقاط النظام السياسي الجديد أو على الأقل لـَيْ عُنق الديمقراطية في العراق وتسخيرها للحراك السياسي الاقليمي لدول المنطقة، والاتخاذ من الوضع العراقي ورقة تفاوضية في يد بعض قوى المنطقة لتغذية نفوذها الاقليمي.
لذلك فقد وضع رئيس الوزراء العراقي النقاط على الحروف بصراحة متناهية، سواء في تأكيده على حالات الابتزاز التي تمارسها بعض وسائل الاعلام الممولة من الخارج والمحسوبة على العراق، أو في اشارته الى تبعية بعض شركاء العملية السياسية للمال السياسي الاقليمي الذي كرّس بدوره الفساد الاداري، ليشكلا معا : (الفساد السياسي والآخر الاداري بوجود المحاصصة)، رافدان أساسيان لتغذية وديمومة الارهاب في العراق.
وعلى سبيل المثال لا الحصر هذا الخبر المتعلق بالموضوع : (النزاهة النيابية): نجهل مصير المنح المالية للعراق ومنها 5 مليارات دولار خصصتها الكويت لاعمار المساجد السنية آنذاك.
http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=31930