23 ديسمبر، 2024 3:15 ص

الصديق قبل الطريق .. الصديق قبل الطريق ..

الصديق قبل الطريق .. الصديق قبل الطريق ..

من الصعب في هذه الايام ان تجد الصديق الوفي بسهولة ! فربما نطلق ونهدي تلك السمة العظيمة دون تردد الى أي شخص قد يرافقنا اويجالسنا لفترات تصل في بعض الاحيان لسنوات طوال ! دون ان نعرف انه الصديق الاجدر لنيل الثقة من قلوبنا ووجداننا او من عدمه , وتنوعت وتزاحمت مصادر وصف الصديق الحقيقي في اكثر من موقع وسبل كشف الصداقة الحرة عن المزيفة على مر العصور في اشارة الى انها قضية في غاية الاهمية كونها اخذت تلك الاقساط الطويلة من الايام والسنين , ومن تلك القصص التي تجسد معنى الصداقة الحقيقي قصة الجندي الروسي ” براين ” , فحين كان مشغولا في الحرب للدفاع عن مدينته ستاندبليغراد امام التمدد الالماني , قال الجندي براين لرئيسه وسط تلك اللحظات العصيبة : سيدي الرئيس ..صديقي لم يعد من ساحة المعركة لغاية الان وانا قلق جدا عليه ! انني اطلب منكم السماح لي للذهاب والبحث عنه وسط ساحة المعركة , حتى اجابة الرئيس وبسرعة فائقة : الاذن مرفوض ! فانا لاأريدك ان تخاطر بحياتك من اجل رجل من المحتمل انه قد مات , ومن الواضح ان اجابة الرئيس لم تقنع براين ولم تكن له حافزا لايقاف وفاء براين من اجل انقاذ صديقه وزميله من المجهول فنطلق براين محملا بطعم الصداقة الحرة لانقاذ زميله اينما يكون ؟ لم توقف براين انانيته وحبه الكبير للحياة وطرء الاخطار عنه , وهي ساعات حتى عاد براين وهو مصاب بجروح بليغة حاملا على ظهره جثة صديقه ليصل به امام اقدام الرئيس الذي كان معتزا بنفسه وهو يقول : كنت متأكدا ان صديقك قد مات , فهل كانت الجثة تستحق منك كل تلك المخاطرة لاحضارها وسط نيران العدو الالماني التي لاترحم ؟ كنت ستموت معه يااحمق ! نظر براين بتأثر لرئيسه وهو بالكاد يلتقط انفاسه : نعم ياسيدي انني خاطرت بحياتي لاجل انقاذه صديقي لكنني وصلت له في الوقت المناسب وهو كان لايزال على قيد الحياة فهمس الى اذني وانا احمله على ظهري ليقول لي : كنت متأكدا تماما ياصديقي انك ستأتي … فالصديق هو ذلك الشخص الذي يعيش معك اجمل اللحظات واقهرها وهو ذلك الشخص الذي يأتي اليك دائما عندما يتخلى عنك الجميع , ولابد من معرفة شيئ مهم للغاية هو ان عنصر الصداقة ليست حكرا على شخص وهي فوق كل المسميات فربما يكون الاب صديقا لابنه وقد تكون الام صاحبة لبنتها وربما يكون الاخ صديق لاخيه , فالصداقة هي سمة تستطيع

الدخول من خلالها الى القلوب دون استئذان وبسلاسة كبيرة ,ان من اعظم الحالات حين يطعم الصديق بعنصر الوفاء فيكون ذلك الصديق مستعدا حتى للتضحية من اجل صديقه ولاجل قرة عينه , وهذا ماتحقق فعلا لدى براين وزميله الذين كانا بعيدا عن الاسلام وتربيته الفاضلة فالصداقة تعبر الحدود وتبتعد عن المسميات والالتزامات مثلما اسلفنا , وسيرة الصديق في الاسلام غزيرة بالاسماء العظام التي يصعب ذكرها جميعا الان , ابتداءا من الرسول الاعظم محمد ( ص ) الذي ظرب لنا افخر انواع الصداقة واعذبها من خلال مراحل الاسلام وتكوينه ابتداءا من الدعوة السرية له وصولا لاشهار الاسلام بشكل علني على يد تلك الكوكبة من الاصدقاء الذين سموا بصحابة رسول الله فعبر عنهم قائلا (( اصحابي كالنجوم بايهم اقتديتم اهديتم )) لتأتي بعدها قضية الامام الحسين ( عليه السلام) لتجسد مرة اخرى معنى الصداقة الحقيقة حتى وصلت لاسماها حين استشهد رفاقه واصدقائه من اجل قضيته العادلة فعبر عنهم قائلا (( فاني لااعلم اصحابا اوفى ولاخيرا من اصحابي ولااهل بيت ابر ولا اوصل من اهل بيتي , فجزاكم الله عني خير )) ولعل الصداقة هي سمة كبيرة لاتلتزم بالاديان والمذاهب , فالصداقة هي سمة وصفة انسانية حياتية تنبع بين القلوب وصفاء النية , وفي زمننا السائد اختلفت باكورة الايام كثيرا فنشأت انواع جديدة من الصداقة حتى وصلت الحال بالصداقة عبر الفيس بوك !! , ولست اليوم بصدد انتقاد تلك الصداقة فالعالم قد تطور وتطور معه الصديق ايضا ! وهنالك نوع خطير جدا وهو صديق المصلحة هو من يحتل اليوم الصدارة في شباك المحافل الاجتماعية , وهو ذلك الكائن الذي يتواجد بالقرب منا ويقدم لنا مانحتاجه ولكن لزمن معين وحسب ماتسول له نفسه الخبيثة من مصالح ذاتية وفئوية تنتهي مع تلاشيها وتلك النوعية المريضة عادة ما تختفي على عجلة كونها وقتية ومن السهل كشفها وتلمسها ..فحافظوا جميعا على صديقكم ( الوفي ) وحرصوا على ان لاتفقدوه وميزوا جيدا بين الوفي والمميز فصدقوني ان الصديق الحقيقي هو اغلى واثمن من كنوز الدنيا بمشرقها ومغربها .