نجلس صباحا ومع نسمات الصباح تتجدد فينا الحياة لنجد انفسنا مع روح جديده يرافقها احيانا البهجة فتشرح الصدور وتبعدنا عن مآسي ومتاعب الحياة الاخرى..
فتتجدد فينا طاقة الابداع والموهبة الربانية للكتابة. عندها يلهمنا الله بأحسن الاختيارات لاختيار من نكتب عنهم سواء كانوا من عالم الماضي ونقوم بتسطير سيرتهم او من الحاضرين معنا فنكتب عن استحقاقاتهم ومآثرهم وطيب معشرهم لنقول ايها التاريخ وثقها لهم للأمانة فهؤلاء يستحقون منا ومن كل ابناء المجتمع اكثر من هذه الكلمات البسيطة ولكنها الاقلام لاتستطيع الا ان تحارب بالسطور والكلمات…فتحية لكل من شهدت بحقه اقلامنا وبعيدا عن المجاملات والأماني الشخصية…
قبل ايام زارني الى منزلي الاخ والصديق الاستاذ المهندس ازهر علي فرمان الوگاع مدير معمل سمنت حمام العليل في امسية جميلة تشرفت من خلالها بمقدمه واستمتعت بحديثه المتنوع الشيق جدا.. فهو مدرسة علمية اجتماعية ثقافية وله باع في كل المجالات.. وما جذبني لحديثه هو طموحه الذي وجدت فيه طموح كل ابناء الطبقات الكادحة من العمال والفلاحين ضمن اجيال الخمسينات والستينات من القرن الماضي.. نعم انه طموح الحياة الصعبة لأبناء القرى والارياف وكيفية الوصول الى الهدف وتحقيق النجاح بالحصول على شهادة علمية في مجال الطب او الهندسة وخاصة اذا ما وجدنا ان تلك الاختصاصات كانت محصورة بين طبقات ابناء المجتمع في المدينة ولعوائل النفوذ المالي فقط… ولكن طريق المستحيل تم اغلاقه من قبل هؤلاء الابطال الذين واصلوا ليلهم بنهارهم مع القراءة والكتابة لتحقيق آماني عوائلهم والوصول الى الهدف المنشود…
ولقد كان الاخ الاستاذ ازهر الوگاع من ضمن هؤلاء فلقد كان طموحه الى كلية الطب رغم امكانية الدراسة في المنطقة الشعبية البسيطة التي يسكنها في مدينة الموصل ورغم امتداد جذوره الريفية في منطقة جنوب الموصل كونه من عائلة لها سمعتها ونفوذها هناك ولكن الامكانات المادية كانت ضعيفة جدا بالقياس الى ابناء المدينة. فالظروف القاسية التي كان يعاني منها ابناء الطبقات الفلاحية احد المعوقات الرئيسية امام الكثيرين الذين لم يستطيعوا الوصول الى اهدافهم الدراسية…
ومع هذا الاصرار استطاع الحصول على معدل يؤهله الدخول الى المجموعة الطبية ولكن الاختيار احيانا يكون مفروض على الطالب حسب ظروفه المعاشية فتوجه الى الدراسة في الاختصاص الهندسي حتى يستطيع مساعدة نفسه وتحمل جزء من مسؤولية عائلته وكان من الاشخاص الذين اختارت لهم الدولة الاختصاص في حينها لحاجتها لهكذا كفاءات علمية. فتم إرساله الى احد الدول الاوربية لإكمال دراسته والحصول على شهادة جامعية من ارقى الجامعات العالمية ليعود الى خدمة بلاده في مجال اختصاصه الهندسي واستمر في عمله ومازال بنشاطه المتجدد وهو يقدم خدمة لأبناء وطنه من خلال عمله اليوم بإدارة معمل سمنت حمام العليل وهو يقدم لنا منتوج وطني نحتاجه جميعنا في حياتنا في مجال البناء….
نعم انه الاستاذ رئيس المهندسين الشيخ ازهر الوگاع من عائلة يعرفها الشرق والغرب وهم رؤساء قبيلة امتداها من الشمال الى الجنوب…
انه الانسان الذي جدد طموحه في دراسة المجموعة الطبية من خلال ابناءه وبتوفيق من عند الله تجدهم اليوم يحملون الشهادة الأكاديمية وجميعهم في مجال الطب والهندسة ليقدم لبلده ومنطقته كفاءات علمية كانت مناطقنا بالأمس القريب بعيدة عن منالها….
فالف تحية لهكذا شخصيات طموحة استطاعت ان تحصل على ما تريد بالجهد والمثابرة وان تبني بناء متين ومستقبل صحيح ومزدهر لأبنائها من خلال دراستهم الجامعية في اعلى الاختصاصات….