من يلاحظ خطوات العبادي التي لاتناسب مبلغ الطموح والغير ملبية لأبسط مطالب الشعب العراقي يجزم بانه حريص على مستقبل الاحزاب السياسية أكثر من حرصه على مستقبل العراق وشعبه ، فمن خلال التسويف والمماطلة والالتفاف على جوهر المطالب وتجاهل استحقاقات المرحلة يستشعر المواطن ان هناك خطر كبيرا يلوح في الافق غير معلوم النتائج، فعلى سبيل المثال العبادي يتعامل مع التظاهرات من منطلق واحد وهو الديمقراطية وحرية التعبير عن الراي غير مكترث بالامر الاخر المتمثل بتلبية المطالب، يبدو انه يعيش ازمة نفسية ويحق له ذلك فقيادة بلد مثل العراق يتطلب مسؤول انتشل نفسه من كل التاثيرات الحزبية والخارجية التي تنعكس على سير عمله لينصاع الى ارادة الجماهير .
فمن تاثير الحزب الذي لايستطيع ان يغادر صفوفه الى التاثيرات الاقليمية والدولية الى الامور المتعلقة بالجانب الشخصي على سبيل المثال أن يكون غير مهيا لمسك زمام امور دولة، فالمسؤولية جسيمة لكنها ليست عسيرة على ذوي الارادة الصلبة والذين يخشون لعنة التاريخ.
اكثر ما يخشى هو ان يكون العبادي قد مال الى حب السلطة وكرسي الرئاسة فهو يدرك تمام الادراك ان عليه ان يخطو خطوات اقل ما نقول عنها انها جريئة تطال اركان حزبه وائتلافه وكذلك الاحزاب الاخرى لاثبات صدق نواياه امام الشعب العراقي لكنه دائما يرمي الكرة في ملعب المؤسسات الاخرى او البرلمان او القضاء ليتجنب سخطهم عليه وبالتالي يتشتت حلم الرئاسة بالثانية.
حسنا يفعل العبادي عندما يتبع ويلاحق خطوات السيد مقتدى الصدر الاصلاحية لكنها دائما ما تكون هذه الملاحقة ناقصة وهذا النقصان نابع من عدم وجود شيء على ارض الواقع فمثلا شكل السيد مقتدى الصدر لجنة تختار شخصيات تكنوقراط ليتم عرضهم على البرلمان لغرض تشكيل حكومة كفاءات مستقلة ، ماذا فعل العبادي قام بالطلب من الكتل السياسية بتقديم شخصيات تكنوقراط لاستيزارهم بماذا نسمي هذا الاجراء ؟ نعم انه ضحك على الذقون ، والا ماذا يعني ان تقدم كتل مرشحين عنها وهي اساسا سبب البلوى وسقطت من اعين الشعب الغاضب، ولماذا لايقوم العبادي بتشكيل حكومة تكنوقراط منفردا ليعرضها على البرلمان اكيد سيجابه باعتراض لكنه اعتراض غير دستوري ففي هذه الحالة سيكون البرلمان على المحك اما ان يصوت لاعطاء الثقة لتلك الحكومة او بعضها واما ان لايمنحها الثقة من اجل التعطيل وفي هذه الحالة سيسحب الشعب ثقته من البرلمان بطريقته.
الخطوة الاخرى التي قام بها السيد مقتدى الصدر وحاول تقليدها العبادي لكنه فشل فشلا ذريعا وهي عندما قامت لجنة محاربة الفساد التابعة للتيار الصدري باحتجاز نائب رئيس الوزراء المستقيل بهاء الاعرجي فظهر العبادي وقال علينا التوجّه لضرب أعلى رأس فساد في الدولة مهما كان منصبه او حزبه داعيا الى ثورة حقيقية ضد الفساد وفتح ملفاته الكبرى ووضع رؤوس الفساد خلف القضبان ، فهل حدث هذا؟ الجواب كلا بل بثت وسائل الاعلام ان اثنين من كتلته من لذين تحوم حولهم شبهة فساد ضمن لجنة اضافة اليه تقع عليهم اختيار وزراء الحكومة الجديدة فأي حرب على الفساد هذه اذا كانت رؤوس الفساد هي من تختار الوزراء.
وعلى الرغم من الدعم الذي يتلقاه العبادي من السيد مقتدى الصدر لاجراء اصلاحات شاملة وجذرية الا انه لازال متاخر بخطوة عن السيد الصدر بل هو بخطواته متعثّر، في الوقت الذي ينبغي عليه ان يسبق السيد الصدر في الخطوات الاصلاحية لانه بين ليلة وضحاها سيجد جموع المتظاهرين في المنطقة الخضراء وهم من سيقومون بالاصلاحات حينها لا اظن ان العبادي سيكون رئيس وزراء.