22 نوفمبر، 2024 5:52 م
Search
Close this search box.

الصدر والعامري

المتعارف عليه في عالم السياسة وفي جميع الدول التي تطبق النظام الديموقراطي بالشكل الصحيح عادةً ما تكون هناك أحزاب لها مؤيدوها ولها برامجها الواضحة بحيث يسعى كل منها الى الوصول الى دفة الحكم لإدارة شؤون البلد وتتحمل كافة المسؤوليات المترتبة عن ذلك إيجاباً وسلباً . ويتم ذلك عن طريق الإنتخابات النزيهة التي يمارسها أفراد المجتمع بكل حرية وشفافية . وتحاول الأحزاب كافة بذل كل جهودها لكسب أصوات المجتمع لصالحها بإتباع ألأساليب الديموقراطية المنطقية للتعريف ببرامجها وكسب أصوات الناخبين دون إتباع أي من وسائل التهديد بمختلف أنواعها أو الترغيب بشتى الطرق غير الأخلاقية مثل الرشاوى وإعطاء الهدايا العينية والنقدية . وعادةً ما يـكون وراء كل عملية سياسية عدد من الشخوص الذين يؤثرون في مجمل سير العملية السياسية وقد يكونوا ( أي هؤلاء الشخوص ) أمام المشهد السياسي أو خلف الكواليس .
وعند إختبار هذا المنطق الواضح والبديهي للممارسات الديموقراطية على الواقع العراقي نجد أن العراق يتبنى ، حسب الدستور ، تطبيق النظام الديموقراطي في إدارة شؤون البلد . ويعتمد بطبيعة الحال إسلوب الإنتخابات التي تفرز القوى السياسية ( كأحزاب ) الفائزة والتي لها الدور الأكبر أو المؤثر في تشكيل الحكومة التي سوف تتولى إدارة شؤون البلد . وبالرغم من إن المنطق يشير إلى أن الحزب أو الكتلة التي تنطوي في ظلها عدد من الأحزاب والتي تمثل الغالبية في عدد الأصوات هي من تتحمل مسؤولية تشكيل الحكومة ، وبالنتيجة تتحمل نتائج النجاح أو الإخفاق في إدارة شؤون الدولة ، إلا إن الواقع العراقي هو عكس ذلك . الأحزاب التي فازت بأعلى الأصوات في الإنتخابات لعام ٢٠١٨ ، مهما كان تقييم نزاهة هذه الإنتخابات ، سارعت في تشكيل الحكومة في أجواء لا تخلوا من الإنتقادات . ولكن المشكلة الرئيسية في كل العملية السياسية في العراق هي ليست طبيعة الأحزاب المتواجدة في الساحة العراقية وإنما اللاعبين الأساسيين في المشهد السياسي عموماً سواء ممثلين عن تلك الأحزاب أو غيرهم .
اللاعبون الأساسيون في المشهد السياسي العراقي في الداخل هم فقط مقتدى الصدر ( الذي يدعي بالوطنية والعروبة ) والعامري ( الذي يدعي إنتمائه للداخل والخارج معاً ) ، ويأتي اللاعبون الآخرين من الفئات الأخرى لمصالح فئوية . وكل هؤلاء اللاعبين غير مستعدين لتحمل أي فشل أو إخفاق وكل ما يستهدفونه هو أن يديروا العملية السياسية من خلف الكواليس . فإذا تحقق أي نجاح نُسب لهم وإذا تحقق أي فشل نُسب لغيرهم .
أرجع وأسئل مرةً أخرى ، لماذا لا يتولى مقتدى الصدر ، ما دام يحمل كل هذه المعرفة بمشاكل العراق وأساليب معالجتها وقوته التعبوية اللامحدودة للجماهير ، وإمكانياته لتحويل العراق الى جنة ، من أن يتولى رئاسة الحكومة وإدارة البلاد بمعرفته الواسعة وتحقيق التقدم والرفاه الإقتصادي والإجتماعي للعراق في سنوات قليلة . كذلك لماذا لا يتولى العامري رئاسة الحكومة ما دام بإمكانه تحقيق المعجزات لإدارة شؤون العراق وتحقيق الأمن والرفاه والتطور في مختلف جوانب الحياة . هؤولاء الإثنان لم ولن يرغبوا أصلاً في تولي إدارة البلد بشكل مباشر كأن يكونوا رؤوساء وزراء يُديروا شؤون البلد لأنهم بالتأكيد غير قادرين على تحمل إدارة شؤون البلد بشكل مباشر لمحدودية ثقافتهم وتعليمهم وإدراكهم لكيفية معالجة الظروف والمشاكل الإقليمية والدولية . الأصلح لهم هو إدارة كافة شؤون الدولة بشكل غير مباشر ومن خلف الكواليس لكي يكونوا بمأمن من أي إخفاق أو فشل في أداء الحكومة . فأي نجاح في الشأن العراقي فسوف ينسب لهم ( الصدر والعامري ) ، وأي مشكلة أو إخفاق في أداء الحكومة فسوف يجٌير على السلطة التنفيذية بشتى الأسباب .
لو كان هؤولاء الرموز شجعاناً فعلاً وأصحاب مبادئ لتولوا إدارة العراق بشخصياتهم وبمعرفتهم وقدراتهم دون تكليف آخرين كدمى ، أما التغريدات والتصريحات من داخل السراديب فهي أفيون للجهلة من العراقيين التابعين والخانعين المغيبين عن كل مظاهر التقدم والتحضر .

 

أحدث المقالات