23 نوفمبر، 2024 12:36 ص
Search
Close this search box.

الصدر .. والعاطفة نحو العراق

الصدر .. والعاطفة نحو العراق

يمكن القول ان احدى المشاكل التي تواجه شعبنا، او اخطر مرض ألم وعصف بنا.. هو فقدان العاطفة تجاه العراق، أو انعدام الثقة به وبمستقبله….! ويمكن تعليل ذلك بمحتملات اهمها:
العلة الاولى: نشأة شعبنا، من جذور بدوية، كما ذهب الى ذلك، الاستاذ فلاح عبد الجبار في كتابه (العمامة والافندي).. وهو يرى ان 70 بالمئة من شعبنا قد توطنوا في بداية القرن العشرين، ليس الا.. ويمكن القول ان هذا قد يكون سببا لضعف العاطفة تجاه العراق..
واقصد بالعاطفة، مقدمة وسببا للالتزام بالمنهج الوطني ومشروعه الهادف الى استقلال العراق وسيادته وتحريره من التبعية والدواعش والفساد.. والعمل الجاد نحو اعماره وتطوره وعلو مجده ومستقبله..
ويرى فالح: ان الملك قد وضع اللبنة الاساس لبناء العراق ولملمة الشعب، وأنا أتصور هذا صحيحا الى حد بعيد، لكني اعتقد ان ذلك كان له علاقة بالجو المحيط بالملك.. من علماء وشخصيات، وعلى رأسهم السيد محمد الصدر، رئيس مجلس الاعيان…
العلة الثانية: تبعية الاحزاب العراقية، لان اغلب الاحزاب او كلها، الماركسية والقومية والدينية، قد تاسست من قبل مخابرات الشرق او الغرب، او تم أختراقها، لتكون ادوات لتخريب العراق، وجره الى التبعية، وقد اثبتت السنوات الاخيرة، عمل هذه الاحزاب –وخاصة الحاكمة- ضد العراق وشعبه، وهي تنفذ المشروع
التخريبي ضد العراق، لخدمة الدول التي تدعمها وتمولها وتديرها..
العلة الثالثة: الجهات الدينية، أغلبها ، هي تدعو للسعودية او لايران، او تدار من قبل لندن، ولها دور بارز في سحق الشعور الوطني، بل ان بعضها يثقف بصوت عال، ضد العراق وشعبه، باعتبار ان اهل العراق هم اهل الشقاق والنفاق..!
وترى الجهات الدينية، غالبا، ان المصلحة تقتضي ربط الناس بشخوصها، وتحشد نحو الفئوية التي تخدمها.. اما من كان ورعا ومخلصا لله، فانه يؤمن بوحدة دينية او مذهبية يدعوا لها ، باستثناء حالة واحدة او اثنتين.. واقصد بها الشهيد الصدر، وساحاول ان اقدم الادلة والشواهد على ذلك..
اما عن ثورة العشرين، عام 1920، فان علتها، دينية، ولكن تتضمن العمل لاجل العراق، لان قادتها –كما يبدو للباحث- يجدون التكليف المكاني والزماني يقع ضمن التكليف العام، وخاصة ان قياداتها من الشخصيات العربية ذات الاتجاه الوطني.. وخاصة الشيخ الخالصي والسيد الحيدري والسيد الصدر واخرين..
اما عن الدور الوطني للشهيد محمد باقر الصدر، يبدو انه واضحا وخاصة في خطاباته التي وجهها الى الشعب العراقي قبل استشهاده، وهذا موضوع تم الاهتمام به طويلا.. الا اني اجد فراغا في الكتابة عن الدور البارز للشهيد محمد الصدر (1943-1999) في ايجاد العاطفة نحو العراق ..
واعتقد ان الصدر كان عميقا في عاطفته نحو العراق وشعبه، وجادا في العمل والتضحية من اجل العراق للاسباب التالية:
اولا: ان العراق كان عاصمة للدولة في زمن الامام علي بن ابي طالب (رض).. ويجب العمل لاجل اعادة مركزية العراق في الخارطة العالمية..
ثانيا: ان العراق هو عاصمة العالم في المستقبل، استنادا لما يؤمن به الصدر من قيام دولة عادلة عالمية يكون العراق عاصمتها..
ثالثا:يرى الصدر: ان الحوزة العلمية في العراق هي الاهم، ويفترض ان تكون لها القيادة والصدارة الدينية، لذلك عارض بشدة قيام حوزات في دول اخرى.. وقد يكون هذا سببا لتعرضه الى انتقادات ومعارضة من الجهات الدينية الاخرى وخاصة الجهات الشيعية المرتبطة بالخارج..
ويبدو ان المباديء الصدرية ليست واضحة للاخرين، بسبب التعتيم الاعلامي والتوثيقي، ولا يسع المقام هنا، الا الاشارة المختصرة لنوع من التثقيف والتحشيد الوطني الصدري، ومن ذلك ما ورد في الجمعة35 في مسجد الكوفة عام1999 فقال:
….ان المفروض ان الشعب والدولة معا ضد الاستعمار وفي مواجهة التحديات العالمية المعادية ومن هنا جاز لكل من الشعب والدولة معا ان يعمل ما يراه مناسبا في هذا الصدد لمضادة الاستعمار والنيل منه وابعاد شبحه المشؤوم وبذلك يكون الشعب والدولة يدا واحدة..
ولكوني ممن عاصر الشهيد محمد الصدر، يمكنني ان اقول:
اولا: ان الصدر عمل بكل قوته للتحشيد العاطفي نحو العراق والنهوض بشعبه، فقد واجه بوضوح محاولات المعارضة العراقية الهادفة لربط مصير العراق بامريكا وايران.. لذلك تعرض لهجمة
اعلامية لتشويه مرجعيته وخاصة من جهات المعارضة (الدينية) في ايران وفي لندن..
ثانيا: حاول الصدر ان يسد التقصير الحكومي في بث الثقافة الوطنية العراقية، فباشر بنفسه عدد من النشاطات اهمها:
المهرجانات الشعرية: وكانت باللغة الشعبية. وفيها الروح الوطنية العراقية.
المسابقات الفنية: فقد انجز اكثر من نشاط ثقافي عراقي في ظل حصار ظالم واهمال حكومي.
النشاطات الدينية: واهمها صلاة الجمعة والتي اسست القواعد الشعبية العراقية التي قاومت الاحتلال والتدخل الخارجي.. وهي اليوم ترفع العلم العراقي، حصرا.. وتتظاهر في ساحة التحرير، لقلع سلطة الفاسدين، اصحاب المخطط التخريبي الاجنبي ضد العراق وشعبه..
وبالرغم من الدور الوطني الواضح للشهيدين الصدرين.. الا ان دور مقتدى الصدر كان اشد وضوحا في الساحة، وهو يفجر الطاقات الشعبية لاجل المقاومة وتحرير العراق من الاحتلال ومن التدخل الاجنبي في شؤون العراقيين، فضلا عن جهوده في لم الشمل العراقي من المدنيين والدينيين لاجل انقاذ العراق من هاوية خطيرة، حفرتها احزاب السلطة العميلة للاجنبي..
وللاسف، ان نسبة كبيرة ممن يدعون الوطنية والثقافة والتقدم، لهم موقف سلبي، ومقرف من المشروع الاصلاحي والانقاذي للصدر، وهم يجلسون في مقاهي المتنبي، محاولين ان يبرروا موقفهم السلبي باعذار واهية.. ان الادراك العقلي والتفكير المنطقي لا يعذرهم.. لان العراق في طريقه الا كارثة رهيبة.. لا يمكن
تداركها الا بثورة شعبية كبرى تطيح بالسلطة الفاسدة التي تحكم العراق حاليا.. وايجاد حكومة مستقلة من الكفاءات النزيهة.. قد تنجح في انقاذ العراق وشعبه..
وللحديث بقية..

أحدث المقالات

أحدث المقالات