لم يشهد العراق واقعاً خدمياً وبنية تحتية تليق بشعبه، منذ تأسيس الدولة العراقية سنة ١٩٢١ إلى فترة السبعينات من القرن الماضي،والتي شهدت عملاً دؤوباً لزيادة الخدمات وبناء البنية التحتية،في التخطيط والبناء والتنمية والتي كانت نتيجة مباشرة لارتفاع الدخل القومي العراقي نتيجة تأميم شركات النفط التي كانت تعمل بالعراق. ولم يتسنى للمواطن العراقي أن يتمتع أو يشعر بتلك العائدات النفطية من خدمات أو بنى تحتية أُنشأت في سبعينات القرن الماضي، حتى جاءت سلسلة من الحروب المدمرة التي دخلها العراق،بسبب سياسات النظام العنجهية لتوقف نسبيا عجلة التقدم الصناعي وعملية النهوض الاقتصادي والخدمي ، ثم أكتمل المشهد المأساوي الذي يمر به العراق، حينما جاء المحتل الأمريكي – البريطاني ليحطم كل تلك المنجزات على تواضعها قياسا بدول العالم المتقدمة
ويعرف الباحثون مصطلح البنية التحتية لأي بلد والذي يعتبر رأس مال المجتمع، بأنه كل المؤسسات والهياكل الفنية التي تدعم المجتمع وتمس أمن المواطن الاقتصادي والعلمي والصحي والخدمي، مثل المدارس والمستشفيات والطرق والجسور والسدود والمحطات والمطارات والمصانع والإنتاج الزراعي والكهرباء، أما مفهوم البنية الفوقية، فيقصد بها كل التشريعات والأنظمة والقوانين والإطار الأكبر لها وغيرها من مؤسسات الدولة التي كانت تحكم عمل تلك البنى التحتية، كما ويمكننا أن نضيف إلى مفهوم البنية التحتية، منظومة القيم التي أقامها المجتمع منذ ألاف السنين وأمن بها، لعظيم أثرها على سلوك المجتمع وتطلعاته وأهدافه، تلك القيم التي تعرضت لتشويه كبير نحتاج لإصلاحها وإرجاعها إلى سابق عهدها، عقود عديدة.
لقد اثرت عوامل الاحتلال الاخيرة للعراق وتداعياته الخطيرة اثرا كبيرا على الواقع العراقي على كل المستويات وخصوصا في الجانب السياسي وتولي حكومات متردية وفاشلة لادارة البلاد نتيجة المحاصصة الطائفية وتبعاتها السلبية في التوافقات وتوزيع المناصب والمسؤوليات على شكل حصص بين الطوائف والاحزاب والكتل السياسية من دون مراعاة الضوابط المهنية والوطنية في ادارة شؤون الدولة .وانعكس سلبا الواقع الامني والخدمي والاقتصادي في ظل غياب الرؤية الوطنية والمنهجية والتخطيطية وتداعي الوضع العراقي برمته في مستنقع الانهيار والفساد مما دفع الى تحريك الجماهير وانتفاضة الشعب العراقي للخروج من واقع الازمات والمشكلات الخطيرة والتي تحتاج الى وعي كبير وارادة وطنية ورؤية شمولية ناضجة لايجاد حلول جذرية لمعالجة كل ازمات ومشكلات البلاد وتدهور الواقع الخدمي والصحي والبنى التحتية واصلاح النظام السياسي .
ومما لا شك فيه ان تتبلور الكثير من المواقف الوطنية لدى المخلصين والوطنيين للعمل على ايجاد حلول انية تساهم في خدمة العراق و المؤسسات الخدمية التي تخص البنى التحتية المهمة للشعب والمساهمة في اعمال الترميم والصيانة للمؤسسات الخدمية المهمة التي اصبحت اليوم متهرئة نتيجة الاهمال ونقص التخصيصات اللازمة . وفي مبادرة وطنية كبيرة اطلقها السيد مقتدى الصدر سميت بمشروع الصدر الخدمي الذي تخطى الحدود المتوقعة في اعمال الترميم والتاهيل لالاف الوحدات التابعة لمؤسسات الدولة من مدارس ومستوصفات ومستشفيات ودور رعاية ووحدات اخرى، بامكانيات وجهود وطنية من ابناء الشعب العراقي الذين تطوعوا في لجان المشروع وبدعم وامكانيات ذاتية تم تحقيق منجزات كبيرة مالم تحققه الدولة ومؤسساتها التي كانت تقف عاجزة امام تنفيذ تلك الاعمال والمشاريع المهمة التي تصب في خدمة المواطن العراقي .جهود كبيرة وعمل شاق ودعم ذاتي وتكاتف وشعور وطني عالي لدى القائمين والعاملين في المشروع الوطني يفوق حدود الوصف من مأثر وقصص وتضحيات جسيمة من اجل الارتقاء بالواقع الخدمي العراقي وخدمة ابناء الشعب والمحافظة على جاهزية مستقبل اجياله وتوفيرما يمكن تقديمه من خدمة تليق بمستوى هذا الشعب الصابر على البلاء والفتن.