انتهى الفصل الانتخابي في المشهد السياسي العراقي، حيث تسابقت الكتل والتيارات والاحزاب السياسية من اجل الفوز بمقاعد مجالس المحافظات لتثبيت وجودها وحضورها السياسي والجماهيري تمهيداً للإنتخابات البرلمانية القادمة، حيث شهدت المدن والازقة وحتى الارياف تزاحماً من قبل المرشحين الذين لم يدخروا جهداً من أجل إستمالة مشاعر الناخبين بشعارات ووعود سيتلاشى اغلبها حتماً بمجرد ان يصل المرشح إلى مجلس المحافظة إلا القلة القليلة منهم الذين لايتنصلون من وعودهم في تقديم الخدمة لأبناء شعبهم. انتهى المارثون الانتخابي وتمخض – كالمعتاد في اي عملية إنتخابية – عن وجود اطراف فائزة واخرى خاسرة، ورأينا بعض الخاسرين يغضون الطرف عن خسارتهم ويتظاهرون بالفوز ويحاولون بطريقة واخرى تجنب الحديث عن الخسارة وهم بذلك يستغفلون ناخبيهم كي لاتظهر الحقيقة كاملة وينكشف مدى التراجع في شعبيتهم، ام البعض الآخر من الخاسرين فإنهم يعترفون بخسارتهم امام ناخبيهم بكل شجاعة وهؤلاء هم الذين سيستفيدون من تلك الخسارة من خلال تشخيص مواطن الخلل وتجاوزها في الانتخابات القادمة، ولكن ما أثار إنتباهي هو الهجمة المنظمة من قبل أغلب وسائل الاعلام ضد التيار الصدري والتي تحاول تسويق موضوع خسارة الصدريين في الانتخابات وحجب الحقيقة الدامغة عن الشارع العراقي من خلال التركيز على قائمة كتلة الاحرار متغافلين عن قصد القوائم الاخرى التابعة للتيار الصدري والتي حصل من خلالها على عدد من المقاعد في محافظات بغداد وميسان وذي قار وبابل والنجف، كما إنهم اغفلوا حقائق اخرى من اهمها ان التيار الصدري دخل الانتخابات منفرداً فيما كان منافسوه عبارة عن كيانات مؤتلفة في تحالفات كبيرة تضم احزاباً وتيارات وجهات تملك من الامكانيات الحكومية والسياسية والاعلامية مالايمتلكها التيار الصدري، ومع ذلك فان لغة الارقام التي لايرقى إليها الشك تؤكد بان التيار الصدري والذي حصل في الانتخابات السابقة على (41) مقعداً في عموم العراق حصل في هذه الانتخابات على (58) مقعداً أي بزيادة قدرها (17) مقعداً وهو تقدم كبيراً بحساب المحللين والمتابعين فيما خسر إئتلاف دولة القانون مايقارب (40) مقعداً مما حققه في الانتخابات السابقة مع انه دخل هذه المرة مؤتلفاً مع اطراف مهمة كمنظمة بدر وحزب الفضيلة وتيار الاصلاح وغيرهم. نعم انا شخصياً كنت أمني النفس بأن يحصد التيار الصدري ضعف ماحصل عليه في الدورة السابقة ولكن (ليس كل ما يتمنى المرء يدركه) ولايوجد عمل متكامل بطبيعة الحال فلربما هناك بعض الملاحظات سواء في عملية الاستعداد او نوع المرشحين او في الدعاية الانتخابية او في عملية إقناع الناخب الصدري او اسباب اخرى من الضروري جداً تشخيصها والوقوف عندها وإيجاد الحلول الناجعة لها من اجل الارتقاء بالاداء الانتخابي في انتخابات مجلس النواب القادمة، ولابد في النهاية من الاذعان الى حقيقة لا تقبل الشك وهي إن التيار الصدري قوة مؤثرة متواجدة بثقلها السياسي والشعبي في الساحة العراقية ولايمكن تجاهلها او تجاوزها كما انها تمثل التوازن الوطني الهادف لحفظ مصالح العراق وشعبه، وعلى القوى السياسية ان تعي هذه الحقيقة جيداً وتضع في حساباتها ان الصدريين لم ولن يهزموا ابداً لأنهم يستمدون قوتهم من قائدهم سماحة السيد مقتدى الصدر (اعزه الله) المعروف بالشجاعة والاقدام والمميز بالوطنية والاخلاص وهم النبض الواقعي للشارع العراقي الذي لايقهر ابداً.