9 أبريل، 2024 6:54 ص
Search
Close this search box.

الصداع النووي الايراني مرة أخرى

Facebook
Twitter
LinkedIn

نقلت وكالة الانباء الايرانية يوم 29/1/2019 عن السيد علي شمخاني أمين مجلس الامن القومي الايراني قوله في المؤتمر الوطني لتكنولوجيا الفضاء المنعقد في جامعة ايران للعلوم والتكنولوجيا : ان ايران لا تسعى الى توسيع نطاق صواريخها وستكتفي فقط بتحسين دقة تركيزها . ومن دون ريب فان مثل هذا الموقف يأتي في ظل تزايد الضغوط الغربية على ايران للحد من طموحاتها في تطويرصواريخ بالستية بعيدة المدى . وهو يأتي لطمأنة الاوربيين الى انها لن تطوّر صواريخ يصل مداها الى تخوم أوربا . وهي ( أي ايران ) تتصور ان مثل هذا الالتزام سيعزّز ثقة الاوربيين بها ، وسيزيد من اتساع الفجوة بين الاوربيين والادارة الامريكية الحالية التي انسحبت من الاتفاق النووي الايراني لأنه ، كما تقول ، مليء بالثقوب السوداء وابرزها انه لا يقيّد ايران الاّ بفترة عشر سنوات .
ولكن هذا الموقف الايراني الجديد لا يكفي . لأن القلق الحقيقي ليس في وصول الصواريخ الى أوربا أو عدم وصولها ، بل هو من العلاقة التكاملية بين تطوير برنامج الصواريخ والاتفاق النووي الايراني ، اي تطوير قدرات هذه الصواريخ لحمل رؤوس نووية . والغريب في الامر ان أوربا تدرك هذا الخطر ولكنّها تتغاضى عنه ولا تركّز عليه ، أمّا لأسباب مصلحية آنيّة، أو لأنها تراهن على تغيير السلوك الايراني ، وهذا موضع شكّ كبير.
ان استجابة ايران للضغوط الغربية يرمي الى تحقيق اهداف متعددة ، فهو سيساهم في تسريع تنفيذ الآلية المالية الاوربية لتجاوز العقوبات الامريكية على ايران ، مما يخفف من حدة اثارها . كما ان ايران بحاجة الى فترة من الهدوء وعدم استفزاز الادارة الامريكية ،اذ انها تراهن على أمل فشل ترامب في الانتخابات الرئاسية في العام المقبل . وتعوّل بشكل كبير على الاختلافات الكبيرة بين الديمقراطيين والجمهوريين من جهة ، وعدم التماهي بين مجلس الشيوخ ومجلس النواب في الكونكرس من جهة ثانية ، والخلافات في الادارة الامريكية نفسها من جهة ثالثة ، واقتراب تحقيقات روبرت مولر المحقق الخاص بقضية الرئيس الامريكي ترامب واتهام روسيا بالتخل في الانتخابات الرئاسية السابقة من جهة رابعة، والحرب الاعلامية بين الرئيس ترامب وكبريات المؤسسات الآعلامية الامريكية من جهة خامسة والخلافات بين الاوربيين والادارة الامريكية من جهة سادسة . انّ ايران تعوّل على كلّ ذلك ، على امل فشل الرئيس الامريكي بولاية ثانية ، اذا لم تتم الاطاحة به قبل ذلك . واذا ما تحقق ذلك فسيكون هذا انتصارها الكبير في حربها مع ادارة ترامب . ان ايران تلعب لعبة الوقت والصبر التي تجيد استخدامهما . وستصبر وتتحمل الى حين انقضاء الاجل بحلول عام 2026 ، وعندها ستكون في حل من التزامها بموجب الاتفاق النووي ، وهي بما تمتلك من الامكانيات المادية والعلمية قادرة على انتاج رؤوس نووية بسرعة قياسية ولديها برنامج صواريخ قادر على حمل تلك الرؤوس . وعندما تصل الى هذه النقطة ، لا أحد يستطيع ايقافها . وسيدخل الشرق الاوسط في سباق تسلح قلّ نظيره ، ولا أحد قادر على ضبطه . وعندها ستدرك أوربا ان الثقوب السوداء التي ساهمت في وضعها في هذا الاتفاق ، أو التي غقلت عنها ، أو تجاهلتها ستكون مصدر خطر وجودي عليها بقدر ما تكون خطرا على المنطقة باسرها، وانّ المراهنة على تغيير سلوك ايران كان عبثيا .
اعادة النظر في الاتفاق النووي الايراني سيصبّ في نهاية المطاف في مصلحة جميع الاطراف بما فيها ايران وأوربا ، وعلى الاوربيين ادراك ذلك من الآن ، والعمل عليه قبل ان يفوت الأوان .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب