23 ديسمبر، 2024 4:49 ص

الصحفي والسياسي و العداء الدائم الصحفي والسياسب و العداء الدائم

الصحفي والسياسي و العداء الدائم الصحفي والسياسب و العداء الدائم

لم تعد الصحافة مهنة تقليدية بل اصبحت احدى ابرز الوسائل لكشف الحقائق و اصبحت في عملها تنافس عمل السلطات الثلاث ان لم تتفوق عليها اذ ما يخشى السياسي اعلانه على الجماهير نجد ان الصحفي يسارع الى تسليط الضوء عليه دون خوف او تردد و يسعى الى كشفه مهما كلفه الامر و نجد ايضا ان المكان الذي يتردد السياسي الذهاب اليه رغم حمايته و مدرعاته لا يتررد الصحفي الذهاب اليه و هو لا يملك سوى كامرته لينقل المعاناة و قسوة الحياة التي تسبب في وجودها السياسي و لكن و رغم بسالة الصحفي و جرأته في نقل الحقيقة التي يحاول السياسي اخفائها مستغلاً سلطته نجد ان الصحفي هو العدو الاول لرجال السياسة في العراق فهم يتصورون ان نقل الحقيقية او كشف الفساد و الجرائم التي ترتكب يوميا هي ليست عملاً وطنيا بل هي محاولات للتسقيط سياسي و تنفيذا لاجندات خارجية و احيانا تصل الى اتهام الصحفي بالعمالة و الخيانة العظمى.

 قبل عدة سنوات كان العراقيون يتجمعون حول المسؤول لعرض معاناتهم و طلباتهم و لكن سرعان ما تغييرت الصورة اصبحوا يتوجهون الى الاعلام و سلطته التي اصبحت و كما اشرنا تفوق سلطة الدولة فما ان يصل الصحفي و معه كامرته حتى طوقته جماهير الشعب لتبدأ بالكلام بعد ان تبين للشعب ان السياسي بمجرد ان يذهب عنهم يتناسى ما وعدهم به بل صاروا على يقين ان زيارة المسؤول لا تأتي دون غرض و اصبحوا يعرفون اوقات زيارته فهي اما لاغراض الانتخابات او لافتتاح مشروعاً وهمي و التقاط صوراً الى جانبه و ينتهي الامر .

 ان هذا التغيير المباشر و اتجاه الشعب الى الصحفي لم يكن من قبيل الصدفة بل كان نتيجة مباشرة الى الدور الذي يلعبه كل من الصحفي و السياسي فالاول يعرض ما يريده الناس مباشرة دون خجل او خوف و يتهم المقصر بالتقصير و الفاشل بالفشل و يطالب بأتخاذ الاجراء المناسب الامر الذي يسبب الحرج لكثير من المسؤولين و يدفعهم الى الخروج صاغرين و مشاهدة ما تبثه وسائل الاعلام و التقارير الصحفية و معالجته فوراً خوفاً من استمرار تسليط الضوء عليه و كشف ما يخفيه من فساد و استغلال المنصب و النفوذ لمصالحه الخاصة اما السياسي فهو و ان كان يتطرق في خطابه الى هموم الناس فهو و من خلال التجربة نجده يحاول الحصول على مكاسب سياسية و هنا يجدر الاشارة الى ان السياسي يتكلم في كثير من الاحيان عن ابناء طائفته و يحاول الاهتمام بهم وحدهم دون غيرهم اما الصحفي فهو يتكلم عن العراقيين عموما و يتجول في مناقطهم دون تفرقة و تمييز.

 ان نقل الحقيقة و السماح للمواطن بأيصال صوته الى المسؤول رغماً عنه امراً لا يرغب به المسؤول فهو يريد ان يصدقه الناس و ان كان كاذبا و ان ينتخبوه و ان كان فاشلاً و اصبح الاعلامي او الصحفي متهما بتأجيج الشعب و تحريضه ضد العملية السياسية فقط لانه نقل الحقيقة حتى وصل الامر الى الاعتداء المباشر على الصحفيين في محاولة لارهابهم و منعهم من ممارسة دورهم الوطني ليصبح العراق من الدول التي يكثر فيها الاعتداء على الصحفيين و ربما كان ما تعرض له الزملاء من ضرب و اهانة من حماية احد المسؤولين في مركز النهرين للدراسات الستراتيجية خيراً شاهدا و دليلا عن مدى الكراهية التي يحملها المسؤول تجاه الصحفيين علما ان الاستنكار وحده لا يكفي لرد اعتبار الصحفي بل يجب حمايته فهو خير من يمثل المواطن و صوتا وطنيا له احترامه و مكانته سواء قبل السياسي ام لم يقبل.