19 ديسمبر، 2024 12:49 ص

الصحفيين في العراق وانتهاكات قواعد معاملة المعتقلين والحرمان من محاكمة عادلة وتدمير ممتلكاتهم

الصحفيين في العراق وانتهاكات قواعد معاملة المعتقلين والحرمان من محاكمة عادلة وتدمير ممتلكاتهم

أن الدور المتنامي للصحفيين العراقيين كمراسلين في خطوط المواجهة تسبب بزيادة حالات الاعتقال فيما بينهم(66)  فلا تزال قضية احتجاز صحفيين يعملون على الأرض العراقية من عرب وأجانب من قبل القوات الأمريكية تشكل هاجساً كبيراً لدى المنظمات العالمية المدافعة عن حرية الصحافة إذ وصفت هذه المنظمات اعتقال العديد من الصحفيين بأنه تدخل غير مقبول في عمل محترفين إعلاميين وعبرت لجنة حماية الصحفيين عن قلقها البالغ إزاء اعتقال صحفيين عراقيين لمدة طويلة دون توجيه التهم إليهم , وطالبت بالكف عن هذه الممارسات ونقلت رويترز عن رسالة وجهتها إلى وزير الدفاع الأمريكي رامسفلد أن سبعة من الصحفيين اعتقلوا في عام 2005 أكثر من مئة يوم دون توجيه التهم إليهم وهم صحفيون يعملون لوكالات أنباء عالمية مثل شبكة تلفزيون سي بي إس ورويترز ووكالة أنباء الإستوشبرس ووكالة الأنباء الفرنسية (12)
.وترفض القوات الأمريكية تحويل قضايا الصحفيين إلى القضاء العراقي وعلى ضوء تلك  الانتهاكات لازال عدد كبير من الصحفيين رهن الاعتقال في سجون القوات المتعددة الجنسيات فلم تحسم قضاياهم ولم يتم منحهم حق توكيل محام في حين يتعرض الصحفيون والمؤسسات الصحفية والمؤسسات الإعلامية إلى مداهمات عشوائية واعتقالات من قبل القوات المتعددة الجنسيات والجماعات الخارجة عن القانون .
وغالباً ما يتم اعتقال الصحفيين بطريقة غير إنسانية ووفق ما ترتأى القوات المتعددة الجنسيات ولازال بعضهم من الصحفيين المحتجزين خارج الإطار القانوني حيث يتم بدون مذكرة قضائية وبطريقة غير حضارية تتنافى مع قواعد القانون الدولي الإنساني . إن المسألة القانونية التي تشكل خطراً على تدابير حماية الصحفيين هي حصانة القوات الأجنبية وعدم امتثالها للقوانين العراقية وكذلك حصانة القوات العراقية بموجب قانون الطوارئ النافذ ولازال عدد من الصحفيين العراقيين معتقلين لدى القوات الأجنبية ولم تحسم قضاياهم وبدون إعطائهم الحق في شرعية اعتقالهم أمام هيئة قضائية مستقلة كما أن هؤلاء الصحفيين يعانون من أوضاع إنسانية واجتماعية صعبة وتتعرض عوائلهم إلى جملة من  المضايقات عند تقديم طلب اللقاء بهم(68) .
ويقول المسئولون العسكريون الأمريكيون أن المصور الذي توجد في كاميرته صور تشير إلى علاقته بالمسلحين هو معتقل أمني وعندما سئل الميجور جنرال ربك لينشون إن كان الجيش الأمريكي لديه سياسة بأن يأخذ في الحسبان الدور الخاص للصحفيين في العراق رد بالنفي في مؤتمر صحفي عقده في بغداد وقال إن الجيش لا يعتزم تغيير موقفه . وقال أيضا (( إن ما علينا فعله هو أن ننظر إلى الذي تم اعتقاله وماذا كان يفعل بغض النظر عن مهنته )) وأضاف (( لا حاجة إلى تغيير هذه السياسة . السياسة السارية هي السياسة التي ستبقى سارية )) .
وقد أثارت هذه التصريحات جملة من الردود الأفعال فردت منظمة (مراسلون بلا حدود) بأن (( قرار اعتقال الصحفي يجب أن يؤخذ على أسس استثنائية تماماً )) وقالت (أن كوبر) المديرة التنفيذية للجنة حماية الصحفيين في نيويورك (( أن القوات الأمريكية لا زالت تواصل هذه الاعتقالات التي تثير الإزعاج للصحفيين دون تفسير مقبول)) وقالت (( أننا نعتقد أن زملاءنا محجوزون لمجرد أنهم يقومون بعملهم المهني وأن هذه الاعتقالات الطويلة من جانب الجيش الأمريكي قيد إضافي غير مقبول على الصحفيين الذين يعملون بالفعل في أحوال شبه مستحيلة في الميدان في العراق )) .
ويرد محامو الجيش الأمريكي في العراق انه بالنسبة للذين يرسلون  إلى سجن (أبو غريب) فإن الاعتقال لمدة تتراوح من ستة أشهر إلى عام أمر معمول به قبل أن يتم اتخاذ القرار بمحاكمتهم أو الإفراج عنهم .(69)
وكانت وكالة الأنباء الوطنية العراقية ( ونا) قد أجرت استطلاعاً للرأي حول (( حماية الصحفي العراقي على من تقع مسؤوليتها )) وشمل الاستطلاع ثلاثمائة  شخصية إعلامية وصحفية عراقية أكد 64,88 % من الذين شملهم الاستطلاع أن المسؤولية تقع على عاتق الحكومة العراقية وعد 14,05 % أن المسؤولية تقع على عاتق المؤسسة التي يعمل بها وحمل 10 % المسؤولية على منظمات الحماية الدولية والمحلية المعنية بحماية الصحفيين .(70)
ويذكر أن المحكمة الجنائية الدولية قد أصدرت حكماً خاصاً بشأن الوضع الذي يتمتع به الصحفيون أمام المحاكم الدولية إذ يجب النظر إليهم على أنهم مراقبون لمصلحة الجماعة الدولية والسبب الذي أدى إلى نشوء هذه الفكرة هو قضية الصحفي (راندل كي كيت)  وهو صحفي طلبت شهادته أمام المحكمة وطلب إليه الكشف عن مصادر معلوماته فطعن في قرار إجباره على الإدلاء بشهادته كونه صحفياً يتمتع بالحصانة وقد دفعت هذه القضية غرفة الاستئناف إلى تأصيل وضع الصحفيين أثناء المنازعات وقالت إن الصحفي في أوقات النزاع هو عين المجتمع الدولي وناقل أمين وبالتالي يتعين أن يتمتع بحصانة معينة ليحقق المهمة الموكلة إليه . (71)
وكانت المتحدثة باسم مراسلون بلا حدود ألين الطحيني ومقرها باريس قد أكدت (( في الوقت الذي لا يوجد لدينا شك حول الديمقراطية الأمريكية ولكننا نجد أنفسنا مضطرين للتساؤل عن تصرف القوات الأمريكية تجاه الصحفيين الذين لا يحق لهم أن يستقبلوا محامين وعوائلهم وزملائهم وهذه مخالفات لحقوق الإنسان واتفاقيات جنيف وهذا لا يعني أن الصحفيين فوق القانون فهم إذا ما ارتكبوا مخالفات فلا بد من خضوعهم للعقوبة ولكن الأمر الذي يثير القلق هو الغياب التام عن المخالفات التي من الممكن أن يكونوا قد ارتكبوها فالقوات الأمريكية لم تقدم أي تفسير رغم المراسلات مع الجنرال أبي زيد مرات عديدة بالإضافة  إلى   المرسلات مع وزارة الدفاع ولم ترد أي إجابة )) . (72)
وضعت لجنة حماية الصحفيين الولايات المتحدة في المرتبة السادسة بسبب احتجازها للصحفيين في مراكز احتجاز في العراق وخليج غوانتانامو وعلقت المديرة التنفيذية للجنة على هذا التصنيف (( إننا نشعر بالقلق حيال ازدياد عدد الصحفيين السجناء كما يزعجنا بصفة خاصة أن متصدري قائمة مرتكبي الإساءات تتضمن بلدان جديدة مثل أثيوبيا والولايات المتحدة . وتحوي مراكز الاعتقال الأمريكية في القاعدة البحرية في خليج غوانتانامو صحفي عراقي واحد )) . (73)
وتجدر الإشارة إلى أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر تعمل على حماية الصحفيين من التعرض لأي من الأفعال التالية : أخذ الرهائن , الاعتداء على الكرامة الشخصية  خاصة المعاملة المهينة أو الحاطة , إصدار عقوبات وتنفيذ إعدامات بدون حكم سابق صادر من محكمة مشكلة قانوناً تكفل جميع الضمانات القضائية المعترف بضرورتها من قبل الشعوب المتمدنة وقد وضعت اللجنة لهذا الغرض خطاً ساخناً بإمكان الصحفيين أو أصحاب العمل أو أقربائهم الاتصال طلباً للمساعدة عندما يختفون أو يحرمون أو يقتلون أو يحتجزون أو أن عمل اللجنة في هذا الاطار يشمل البحث عن معلومات عن صحفي أوقف أو ألقي القبض عليه والوصول إليه في إطار زيارات اللجنة الدولية للسجون وتقديم معلومات فورية إلى الأقارب وأرباب العمل وجمعيات الصحفيين حول مكان وجود الصحفي والحفاظ على الروابط الأسرية والبحث الفعلي عن الصحفيين المفقودين واسترداد أو نقل أو إعادة الرفات إلى الوطن وإجلاء الصحفيين الجرحى والتعاون مع منظمات أخرى تعمل على الحفاظ على سلامة الصحفيين منها جمعيات الصليب الأحمر و الهلال الأحمر ومعهد أمان الأخبار العالمي ومراسلون بلا حدود ومنظمة اليونسكو وقد طورت هذه المنظمات الإجراءات الواجب اتخاذها لتحسين أمن الصحفيين وكما ورد في التقرير الخاص بالاستعلام الدولي الذي أجراه معهد أمان الأخبار العالمي في آذار 2007 . (74)
وكشف مرصد الحريات الصحفية أن الفترة الواقعة بين الثالث من أيار 2007 والثالث من أيار 2008 حدث فيها 197 انتهاكاً ضد الصحفيين في العراق والمؤسسات الإعلامية توزعت بين الاعتداء ومنع ممارسة العمل الصحفي 88 حالة والاعتقال والاحتجاز 30 حالة واعتداءات وانتهاكات مختلفة 15 حالة وعمليات اختطاف من قبل مجهولين 13 حالة (75) وخمسة حالات اقتحام لمؤسسات إعلامية من قبل القوات الأمريكية بدون أوامر قضائية تبرر تلك المداهمات والعبث بمقتنيات المكاتب وإرهاب العاملين فيها ومصادرة وثائقها وأرشيفها الصحفي والعبث بممتلكاتها والملاحظ أن الصحفيين الذين تعرضوا للاعتقال تفاوتت مدد اعتقالهم و احتجازهم وتمت مصادرة معداتهم الإعلامية . (76)