19 ديسمبر، 2024 1:00 ص

بلد بلا صحافة في العيد !
كهرباء متوازنة وبرامج تلفزيونية بايخة تلعب النفس وشتاء أول برده لطيف ومعقول وزحام الشوارع الذي يقطع الأنفاس في جو اضطرت الناس فيه أن تلعب لعبة العيد من أجل أطفال وصبايا وخروج من عنق حياة كابوسية فرضها الجو السياسي سيء الذكر.. لكن لم تصدر أية صحيفة في العيد كأنما البلاد والعباد في صحراء سياسية واجتماعية ، لاعلاقة لهم بالعالم وما تجري فيه من أحداث وربيع عربي مستمر قُتل فيه شباب ونساء ورجال ..فكان الفيس بوك هو الحل ؛ فهو الجريدة المفتوحة على العالم بحرية كبيرة وجرأة أكبر، يلتقي فيه الشرق بالغرب والشمال بالجنوب ، بلا وصايات ولا ماكياجات ولا أقنعة مويفة لا تعرف ماذا تخفي وراءها.
عطلة طويلة وصحافة ميّتة موت أهل الكهف. دخلت سُبات العيد تحت ذريعة التوزيع ، وهي ذريعة محتملة في بورصة الصحف العراقية الخاضعة لمزاج القطاع الخاص ، هذا القطاع الذي يفرض هيمنته الكلية على مجريات الواقع الصحفي ويسيطر عليه سيطرة كاملة غير منقوصة وبمزاج خاص لن يناقش به أحد أو يعترض أو يتأفف !
ستقولون أن الدولة كلها معطلة ، ونقول أن الدولة سواء عطلت أم لا فالأمر واحد لدينا . سيعودون ابتداء من هذا اليوم للاجتماعات والمناطحات والمناكفات والاتهامات ، بعدما تخمرت لديهم أيام العيد أفكار سود ، لا للبناء والإعمار والمصالحة مع النفس والآخرين ، إنما أفكار للحقد والضغينة والبطولات الفارغة والبغضاء ورسم الخطط النارية للإطاحة بالآخرين . ليسوا كلهم ، لكن ربما كلهم ، وكل فريق من زاويته ومقدرته على تثوير الواقع السياسي سواء بمشاريع تقسيمية أو ما شاكل ذلك من أوهام تجعلنا دائماً مواظبين على التشاؤم.
صحافة العراق المعطلة كلها قطاعية وحزبية وأهلية ، وقد يكون بعضها وهمياً بصراحة أو شبحياً  لا نفع منه ولا مرتجى ، غير أن يكون “سُفرة” طعام للأولاد أو مسح النوافذ لربات البيوت ، وهي ” فائدة ” وقتية لا تساوي ثمنها البخس حتى ، لكن لدينا صحيفة رسمية واحدة ، وكان بإمكانها أن تصدر بثماني أو أربع صفحات في أقل تقدير، كي تُبقي صلة الوصل مع الشارع ..وهي صلة مشكوك بها أصلاً ..!
في هذا الموضوع يتساءل كثيرون : هل صحافتنا تحترم قارءها ! وهل لدينا قاريء يحترم صحافته !
ثنائية ليس من الصعب الإجابة عليها وليس من اليسير ايضاً . فلا توجد لدينا مراكز استطلاع بين القاريء والصحف العراقية التي دخلت موسوعة غينيس بأعدادها غير المعقولة ، ولا توجد استطلاعات محايدة من منظمات اعلامية ونقابية تصف العلاقة بين الاثنين ، ولم تتطوع بورصة الصحف المهيمنة الكلية على توزيعها وتعطينا لمحة افتراضية عن حجم العلاقة التبادلية بين القاريء وصحيفته . لنكون على بينة من هذا العلاقة المشكوك فيها كثيراً .
مر العيد بلا صحافة ، وهو أطول عيد في الدول العربية بطبيعة الحال ! بدأ  قبل خميسين وانتهى أمس السبت في ماراثون ” عيدوي ” أراد أن يرضي أطرافاً مذهبية بطريقة المحاصصة الشهيرة ، فتعطلت الحياة الحكومية والحياة العامة ، تبعها تعطيل الصحافة المسكينة التي لا تجد قارءها في مثل هذه الأيام ، ففقد بعضها ملايين الدنانير من الإعلانات التي كان يمكن أن يكسبها في الأيام الثمانية الفائتة ويضيفها الى أرصدته الخارجية قبل أن يحل يوم الهرب الكبير عليه..!