28 ديسمبر، 2024 8:16 ص

الصحافة والزحف للخضراء …!

الصحافة والزحف للخضراء …!

أستغرب ان يقيم تشكيل نقابي ، نضالي ، مهني عريق مثل نقابة الصحفيين العراقيين إحتفاله بالذكرى ( 146) لتأسيس الصحافة العراقية ، في المنطقة الخضراء ، التي طالما وصفتها الصحافة الوطنية، الحرة ، كونها مرتعا للحكومة المعزولة عن الشعب والصفقات السرية والفساد ومراكز النهب والسمسرة وضياع البلاد .
في ذكرى عيدنا يتاح لكل صحفي حر أن يتساءل بحرية عن جدوى أن تزحف نقابة الصحفيين الى هذه المناطق لتحتفل بمكان ليس مكانها ، ولماذا تجيّر ذكراها لخدمة الحكومة ، فيما يدعو غالبية العاملين بالصحافة الى أهمية إستقلال الصحافة والإعلام وعدم تدخل الحكومة في عملها، أليس في هذا الإجراء تكريس ميكانيكي لسلوك التبعية والخضوع للحكومة ، وإحياء للموروث الدكتاتوري في وضع الحكومة ( أي حكومة ) بموضع العلوية ،وإن كانت ضعيفة فاسدة .

مامعنى ان يوزع رئيس الوزراء ونائبه ومسؤول آخر ، جوائز على الصحفيين وعوائلهم ، بينما يقوم الزميل نقيب الصحفيين بدور موظف المراسيم بتهيئة الهدية المالية في ظرف مفضوح مع ورقة الشهادة التقديرية …!؟
لماذا لم تقدم الهدايا من قبل نقيب الصحفيين، بإعتباره يقف على رأس أعرق نقابة تمثل السلطة الرابعة في البلاد ..؟
لماذا لم تحضر شخصيات صحفية وإعلامية كبيرة وتاريخية ، وهي من تقوم بهذه المهمة أزاء بقية زملائهم ، ألا يوجد عندنا رواد أوائل للصحافة من الأجيال العتيدة المتعاقبة .؟

لماذا هذا الشعور بالدونية والموقع الثانوي والتبعي للحكومة ومحاولة إرضائها والتملق لها ، بدل من جعل المناسبة فرصة لجلدها على جملة أخطائها وضعفها وإهمالها لموضوع الهيئات المستقلة ومنها الهيئات الإعلامية ، ولأنها (أي الحكومة ) لاتعي أهمية استقلال الصحافة ، ولم تسهم في حل الإشكاليات القائمة بين السلطة السياسية والسلطة الإعلامية و..و….؟
وهل يحتاج أن أذكرّ بتجاوز الوزراء وحماياتهم على الصحفيين ، أو سلوكيات بعض منتسبي الجيش والشرطة وحمايات السياسيين وعقدتهم الموروثة ضد الصحفي ..؟
هل نبالغ إذا قلنا أن الحكومة تضع الصحفي بين منزلتين ، أما متملق يبحث عن الأخضر في إرضاء رواد الخضراء وحكومتها ، أو بكونه مندسا ً ، مخرباً ، وعميلا متهما ً بالإساءة للحكومة ” الملائكية ” وهرطقتها بحق الشعب …!؟

مكان الصحافة بين الناس وهمومهم ومشكلاتهم ، وليس الخضراء وهذه الصورة الإرضائية للحكومة ، واعطاء التعهدات لها بالإخلاص والإسناد ، في شعارات و دعوات مخالفة لوظائف كل من الصحافة والحكومة ، بينما الصحفي مثل بقية المواطنين ، ينزف في المناطق الحمراء، سواء جبهات القتال، أم الوضع الأمني السيء والإقتصادي الأسوء الموروث عن أخطاء الحكومة وفشلها، ولاننسى جيش منتسبي الصحافة المستقلة المهدد بالإفلاس والبطالة …!
ماذا قدمت الحكومة للصحافة ..؟
مقالي لايهدف النيل من الزميل مؤيد اللامي نقيب الصحفيين ، على العكس من ذلك ، قد يكون خطأ غير مقصود أو خطأ من اشار اليه بذلك، بإعتقاد موهوم ،ان يكون الإحتفال على هذا النحو مكسبا ً للنقابة والصحفيين ، واقول للبعض من الزملاء والأساتذة ، ما كان يليق بكم هذا الزحف للخضراء ، فالنقابة ليست دائرة تابعة للحكومة ، إنما ينبغي ان تأخذ مهمة سلطة فصيل قتالي ثقافي نضالي نقدي إصلاحي موجه للحكومة ودوائرها الفاسدة .