22 ديسمبر، 2024 10:09 م

الصحافة الورقية .. غياب الاحترافية وعزوف عن القراءة

الصحافة الورقية .. غياب الاحترافية وعزوف عن القراءة

ان التكنلوجيا التي تتمثل بكثرة الاجهزة الحديثة وسهولة الوصول الى الانترنيت وحصول الناس بشكل شخصي على الهواتف الذكية كل هذه الاشياء حددت بشكل كبير عملية الحصول على المنشور الورقي الذي يحتاج الى مواقع توزيع وهذا ما موجود في بلدنا من زمن طويل ، في زمن من الازمان كان هناك في الاسواق والمحلات ركن خاص لبيع الصحف بالإضافة الى الباعة المتجولين ، حاليا هذا الموضوع غير متوفر وحلت محلها الاجهزة اللوحية واجهزة الموبايل التي تقوم بنقل الخبر لحظة بلحظة صورة وصوت حتى مشاهد فيديو حية الامر الذي اغنى بشكل كبير عن بحث المواضيع التي مرة عليها وقت في حين ان وسائل البث المباشر المتوفرة في وسائل التواصل الاجتماعي مثل الفيسبوك وتويتر وانستغرام وباقي منافذ وسائل التواصل الاجتماعي سهلت امكانية الوصول الى الخبر وسهلت امكانية وصول الخبر الى الجميع للمختص والغير المختص يبقى الدور الاكبر للصحفي هنا من التحقق من صدقية الخبر والبحث عن مصدر الخبر وتوثيقه ، الامر حقيقتا التي كان يميز الصحافة المكتوبة المصداقية العالية التي كان يتمتع بها. حاليا نحن نحصل على المعلومة عن طريق اناس تواجدوا في ذلك المكان ولديهم تلك الهواتف الذكية بينما الصحفي المختص كان يذهب للبحث عن الموضوع ويشبع هذا الموضوع بحثا وتحقيقا وتدقيقا للبحث عن اسبابه ومسبباته ودواعيه وما الى ذلك ، لكن الصحافة المكتوبة التي هي واحدة من اوثق وسائل تبادل المعلومة للأسف الشديد اصيبت بالعقد الاخير تحديدا بضربة اصابتها بمقتل بحيث هناك صحف عالمية مثل نيويورك تايمز توقفت عن اصدار الطبعة اليومية وحددت عددها بإعداد خاصة بالمشتركين الاساسيين لكن بالعراق شهدنا خلال 2003 وما تلى 2003ظهور زخم كبير من الصحف المطبوعة والدوريات التي تعنى بالنشر بواقع العراق والاخبار التي تتداول على المستوى الاعلامي لكن للأسف الشديد كان ينقصها الاحتراف ومعظمها كانت صحف صفراء تدعم حركات سياسية معينة شكلت هذه الصحف مناظر نشر افكار وتوجهات الحركات السياسية لكن بالحقيقة ما اسهمت بشكل او بأخر في دعم الاعلام المقروء حيث ان الاعلام المقروء واحد من اهم واثبت وسائل الاعلام لان بالإمكان تخزينه والعودة له حين الحاجة و بالإمكان ارشفته بشكل كبير ممكن ان تخدم قضية التحقق وقضية توسيع البحث لكن كما اسلفت للأسف الشديد الصحافة المقروءة فقدت الكثير بظهور وسائل التواصل الاجتماعي والتكنلوجية الحديثة.

اضافة الى ان الاعلام المقروء اصبح اكثر كلفة في ظل اضمحلال وسيلة الاعلام المقروء ذلك بارتفاع الكلفة الخاصة من خلال الهواتف الجوالة والكومبيوتر وصل لأبعد موقع صحفي من خلال البحث عن اي موضوع صحفي ستجد المعلومة بكل سهولة.

ان ارتفاع الكلفة بما يتعلق بالطباعة والاعداد والتنضيد وما الى اخره من العمليات الفنية جعلها واحدة من وسائل الاعلام الغالية وقليلة الطلب عليها الامر الذي حتم على المواطنين ان يلجؤون الى وسائل خرى تكون اقل ارهاقا لميزانيتهم قياسا بالإنترنيت. لكن هذا ما يفقد الاعلام المقروء مميزاته هو مصدر من مصادر الدعم الخبري لكن الانسان يلجا الى المعلومة المختصرة (ما قل ودل) و الانسان بطبيعته كسول يميل الى ان يأخذ الخبر جاهز ثم يقوم الى تعديله وتطويره او حتى الحكم عليه بالقبول او الرفض.

ان الصحافة المقروء تحتاج الى جهد كبير ليكون الصحفي مستعد لاخراج مقالة واحدة ولا يتاح له ذلك الا اذا وصل الى درجة الاحتراف الصحفي ، الصحفي المحترف ان يكون متمكن من مجموعة كبيرة من الادوات اهمها اللغة وهذا ما لم يعد الناس يبحثون عنه حيث اصبحت لغة السهل الممتنع اللغة الخالية من اي فنون بلاغية وفنون النحو والصرف وما الى ذلك لا يعولون عليها كثيرا بل يعولون على الحصول على المعلومة جاهزة في عصر السرعة لا يتحمل ان تكتب بلغة المازني او جبران خليل جبران او لغة حبزبوز مستحيل هذا الموضوع شائك ومتعب والناس تحاول قدر الامكان على مستوى العالم وليس العراق اصبحت تميل للمعلومة بشكل سهل غير قابل لان يفهم لأكثر من وجه حيث هذه المسالة اسهمت بشكل كبيرلتجنب الصحفيين والكتاب من الخوض في قضية ان يدخلوا في موضوعة المقروء من النصوص سواء كانت صحفية او ابداعية بشكل عام.

المحور الرابع

ان سرعة العصر وحتمية ظهور انواع جديدة فرضت منافسة كبيرة مثل ما كانت الصحافة المقروء الطائر المحلق والمهيمن على سماء الاعلام في فترة من الفترات ان الاوان كي تتنحى جانبا ويكون هناك وسائل بديلة وتكون متوافقة مع متطلبات العصر تكون ذات ابعاد واهداف اكثر دقه واكثر فنية بحيث ان الصورة الجامدة اصبحت حالة من الحالات التي يعاب عليها بالإعلام والصحافة بشكل عام الزمن حتم على ان يختفي الالهام المقروء كما اختفت السينما في ظل وجود التطبيقات المهمة التي تمنع الناس من الذهاب الى السينما والمسرح ولا يقيمون لهما وزنا كما كان من قبل حيث كان المنفذ الوحيد للتعبير عن خلجات الجمهور الا اصبحت السينما المنزلية مثل نت فلكس وهولوا والكثير من التطبيقات الاخرى اصبحوا الناس يستمتعون بالجلوس بالمنزل لمشاهدة الافلام بمقسم صوتي عالي الجودة وشاشة فلات سكرين كل هذه الامور حتمت ان يغيب الاعلام المقروء وهو نتيجة طبيعية للتطور وهذه مسالة تتعلق بقضايا فلسفية وكونية كبيرة اكبر من ان نتخيلها نعي اثارها بالوقت الحالي على الاقل ولكن يبقى الاعلام المقروء هو الاعلام الرصين هو اعلام المحترفين هو الاعلام الذي لا يتقبل الطارئين والذي لا يتقبل التأويل بشكل او باخر وهو الذي اسس لبقية حقول الاعلام وهو سابق على كل الحقول الاخرى هو الاقوى هو الاجدر وهو الادق وهذا ممكن ان يكون نقطة كبيرة لصالح الاعلام المقروء.

الصحافة المقروء هي الرائدة ادت ما عليها من دور وان لها ان تتنحى لكن سيبقى لها دور كبير ومهم في تشخيص وتحليل الكثير من القضايا السياسية والاجتماعية حيث ان التحليل لا يكون تحليلا دقيقا ان لم يكن مكتوبا لأننا نبحث عن نتائج في أغلب الاحيان والتشخيص يحتاج نص نقف عليه لان الكلام لا يشكل حالة من حالات القياس اذا ما كان مكتوب معني حرف بحرف.