لاشك أن الصحافة تمثل السلطة الرابعة بعد السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية لتنامي حاجة المجتمع الماسة الى نوافذ رقابية على عمل السلطة وأدائها اليومي ولدورها المهم في التوصل الى حقيقة الحدث وقت وقوعه بلحظاته , كما تعتبر إحدى أدوات المعرفة والثقافة لأي شعب كان , ويمكن القول بأن الصحافة الحرة غير المقيدة مرآة تعكس الأوضاع السياسية والإجتماعية والثقافية لتلك الشعوب والأمم , بالإضافة الى إنها إحدى النوافذ الحية التي يمكن التعرف على حضارة وثقافة بلدان العالم , بإعتبارها مؤشر للخط البياني لتطور العقل البشري على مر التأريخ .
في الثاني والعشرين من شهر نيسان من عام 1898 صدر العدد الأول من جريدة كوردستان باللغة الكوردية وباللهجة الكورمانجية في القاهرة بعد أن ولدت يتيمة لبعدها عن أرض الآباء والأجداد نتيجة لما كان يعانيه الشعب الكوردي من الظلم والتهميش لسنوات خلت حتى قيام إقليم كوردستان العراق في أبسط حقوقه المشروعة ومنها منع التعليم والتحدث بلغة الأم وعلى أرض الوطن ونتيجة للمضايقات التي لاحقت صاحب الإمتياز ( مقداد مدحت بدرخان ) إنتقلت الصحيفة الى جنيف بعد أن أصدرت ستة أعداد منها فقط في القاهرة وتابعت إصدارها في جنيف الى العدد التاسع عشر ثم عادت الى القاهرة لتكمل مسيرتها الى العدد الثالث والعشرين ثم إنتقلت منها الى لندن حتى تم إصدار العدد الرابع والعشرين ثم إنتقلت الى مدينة فولكستون وتابعت الصدور الى العدد التاسع والعشرين وآخر محطة كانت لها هي مدينة جنيف التي صدر فيها العدد الحادي والثلاثين وهو العدد الأخير والذي صدر في الرابع عشر من نيسان من عام 1904 حيث توفقت بعدها عن الإصدار وهي مغتربة على أرض الغربة بعيدة عن أرض كوردستان الحبيبة علماً كانت تلعب دوراً كبيراً في خدمة الثقافة الكوردية وتنمية الوعي القومي لدى الشعب الكوردي من خلال الدور الريادي الذي لعبته الأسرة البدرخانية والتي كان لها الفضل الكبير في هذا المجال ولأول مرة في تأريخ كوردستان .
واليوم في كوردستان الحرية والديمقراطية وموطن التعايش السلمي بين جميع مكونات المجتمع العراقي وبمناسبة الذكرى الحادية والعشرين بعد المئة من صدور صحيفة كوردستان في العاصمة المصرية القاهرة تتمتع الصحافة الكوردستانية بحرية تامة ولا تخضع للرقابة بفضل دعم ومتابعة القيادة السياسية للصحافة والصحفيين , وبعد زوال الأسباب الموجبة للعمليات الممنهجة في ممارسة سياسة تكميم الأفواه المعارضة والخلاص من القيود المفروضة على الصحفيين من قبل النظام الدكتاتوري البائد حينذاك وتنفس الصحفيين الصعداء وتحول العراق من النظام الشمولي الى الفضاء الرحب من الديمقراطية والتي أخذت الصحافة الكوردستانية مساحة كبيرة لممارسة عملها في الإقليم لتصبح كوردستان مركز إستقطاب وملتقى الصحفيين من جميع أرجاء العالم , تأسست نقابة صحفيي كوردستان عام 1998 عندما أصدر برلمان إقليم كوردستان قانون النقابة بمناسبة العيد المئوي لصدور صحيفة كوردستان , حيث إزدهرت القنوات الفضائية والصحفية والإعلامية المرئية منها والمسموعة لا سيما بعد الطفرة النوعية والثورة المعلوماتية في عالم الإتصالات , حيث نالت الصحافة الإلكترونية مساحة واسعة في عالم السلطة الرابعة وأدت دوراً كبيراً في تغطية الأحداث اليومية لحظة وقوعها ونقلها مباشرة عبر شاشات الفضائيات لتجعل من العالم قرية صغيرة لنقل وتداول الأخبار .