منذ أن بدأت محادثات فيينا الخاصة بالبرنامج النووي الايراني، فإنه وبين الفترة والاخرى يطل على العالم مسٶول أو مصدر أمريکي أو أوربي ليعلن بأن هناك”شکوك جدية” بخصوص مصداقية النظام الايراني في المحادثات، وقد تکرر هذا الامر حتى جعل من هذه الشکوك وکأنها مجرد مشکلة صغيرة يمکن درأها في وقت إنها ليست کذلك أبدا لأنها تشکل أساس ومکمن المشکلة وبيت القصيد!
منذ أکثر من عام وأربعة أشهر حيث تدور رحى محادثات فيينا والتي لايبدو لحد الان من إنها تسير نحو الحسم، فإن النظام الايراني لايزال يستخدم المماطلة والتسويف وتقديم مطالب مستجدة وسحب أخريات لکن الدول الغربية في مقابل ذلك لازالت کما يبدو تواصل التفاوض مع هذا النظام وتأمل بأن تتوصل مع الى الاتفاق الذي تأمله، لکن وبين کل فترة وأخرى نرى هذه الدول وکأنها تصحى من غفوة أخذتها وتعلن على الملأ بأن هناك”شکوك جدية” من نوايا النظام الايراني في المحادثات الدائرة وهکذا دواليك وهلم جرا، وها نحن مرة أخرى نقف أمام البيان المشترك الصادر عن فرنسا وألمانيا وبريطانيا، والذي قالت فيه أن مطالب الجمهورية الإسلامية الأخيرة في المفاوضات الرامية للتوصل إلى اتفاق “تثير شكوكا جدية حيال نوايا إيران ومدى التزامها التوصل إلى نتيجة ناجحة في ما يتعلق بخطة العمل الشاملة المشتركة”!
المثير للسخرية والتهکم إن وزارة الخارجية الإيرانية من جانبها ردت على البيان الأوروبي المشترك معتبرة أنه “موقف غير بناء”، مضيفة: “ننصح الدول الأوروبية الثلاث بلعب دور أكثر فاعلية فيما يتعلق بتقديم حلول لإنهاء الخلافات القليلة المتبقية”، وکأنها تمهد للمزيد من من اللف والدوران والمماطلة والتسويف.
النظام الايراني الذي أثبت بأنه يقوم بتوظيف وإستغلال العامل الزمني لصالح مساعيه السرية، فإن وزير الخارجية الامريکي وعندما يصرح يوم الجمعة الماضي إن واشنطن لن تتسرع في العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران. والانکى من ذلك إنه قال متابعا: “لسنا على وشك الموافقة على صفقة نووية مع إيران لا تلبي مطالبنا”. كما كشف أن إيران تراجعت عن المطالب غير المتعلقة بالاتفاق النووي التي كانت تشترط تنفيذها لإعادة إحيائه. کما وأکد أن رد إيران الأخير في شأن إحياء الاتفاق النووي يمثل خطوة “إلى الوراء”، وهذا الکلام يعني إن البلدان الغربية ومن ضمنها الولايات المتحدة الامريکية مازالت تعقد الامال على النظام الايراني وتعتقد بأنه من الممکن أن ترضخ للأمر الواقع وتعود للإتفاق النووي کما يأملون، وهذا هو وبحق الرهان على وهم وليس أي شئ آخر ذلك إن هذا الاسلوب من التفاوض السلبي الذي أثبت بأنه لصالح طهران، لامناص من إعادة النظر فيه وتغييره قبل أن تصل الامور الى الاسوأ من دلك بکثير.