23 ديسمبر، 2024 10:26 ص

الشَيْخُ اليَعقُوبِيّ … بَيْنَ تَأْثِيرَاتِ السَّيَاسَةِ وَ هَيّْبَةِ المَرجِعِيَّة

الشَيْخُ اليَعقُوبِيّ … بَيْنَ تَأْثِيرَاتِ السَّيَاسَةِ وَ هَيّْبَةِ المَرجِعِيَّة

بتاريخ 4/2/2014، شاهدتُ على برنامجِ الـ(يو تيوب/ و حسبِ الرابطِ التّالي: www.youtube.com/watch?v=W7pPUhavfEM)، تسجيلاً لحديثٍ للشَيخِ مُحمَّدٍ اليَعقوبي، و هو يُفسرُ الآيةَ الكريمةَ التالية: (يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَىٰ وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ)(سورة غافر/29).
ليسَ في ذلك أمراً مُستغرباً، فرجالُ الدّينِ يُلقونَ المحاضراتِ، بمختلفِ المواضيعِ، الّتي تخصُّ الفقهَ و التَّفسيرَ و الأَخلاقَ، و غير ذلك. لكنْ ما أَثارَ استغرابي، أَنَّ الشَيخَ اليعقوبي، جَعلَ مصداقَ تفسيرِ الآيَةِ المذكورَةِ أَعلاه، يَنطبِقُ على شخصيَّةِ مرجعيَّةٍ مِنَ المرجعياتِ الشّيعيَّةِ، و إِنْ لَمْ يُسَمّها بالاسم، مُستخدِماً إِسلوبَ التَّوريةِ، (إياكِ أَعني و اسمعي ياجَارة). لكنّني بالنتيجةِ و بعدَ سَماعِ تسجيلاتٍ أُخرى لَه، عَرِفتُ أَنَّ المقصودَ  كانَ، مرجعيَّةُ السَيّدِ السيستاني، أَو بتعبيرٍ أَدقٍّ، شخصيّةُ السَيّدِ السيستاني، كانَتْ هي المقصودَةُ على وجهِ التَّحديد.
و كانَ الشيخُ اليعقوبي، يُشَبِّهُ فرعَونَ، بالشَّخصيةِ الّتي كانَ يُواري عنّها بالكلام. و السبَبُ الّذي أَدّى إِلى هذا الحديثِ، هو رفضُ مجلسِ الوزراءِ، لمشروعِ قانونَيّ الأَحوالِ الشخصيَّةِ الجَعفري، و المحاكِمِ الجَعفريَّة.
بالحقيقةِ كُدّْتُ لا أُصدِّقُ ما سمعتُ، الأَمرُ الّذي جَعلني أَقضي الليلَ بأكمَلَهِ، أَبحثُ في شبكةِ الانترنَتْ، لأتحققَ و أَكتُبَ هذا الموضوع. وما حصلتُ عليه، مِن نُصوصِ أَخبارٍ، و تسجيلينِ آخرينِ للشيخِ اليعقوبي، على الـ(يو تيوب). تأكّدْتُ تماماً، أَنَّ هناكَ ردَّةَ فِعلٍ عنيفَةٍ، بدَرَتْ مِنَ الشَيخ اليَعقوبي، بسببِ عدَمِ تَمريرِ مَشروعِ القانونَينِ، الّذين قَدمَهُما السيّدُ وزيرُ العَدلِ، الاستاذ حسن الشمّري، و هو من حزبِ الفضيلةِ الّذي يَرعاهُ الشَيخُ اليَعقوبي.
و مِن سَماعِ تسجيلاتِ الشَيخِ اليَعقوبي، و القاضي الدّكتور وائل عبد اللطيف(روابط هذه التسجيلات في ذيل المقال)، يتّضِحُ أَنَّ قانونَ الأحوالِ المدنيّةِ الجَعفريّ (غيرُ مُلزِمٍ)، و أَباحَ للشخصِ أَنْ يختارَ، أَيّاً من القانونينِ يريدُ أَنْ تُطبَّقَ على قضيَّتهِ، قانونُ الأحوالِ الشخصيّةِ الجَعفريّ، أَمّ قانونُ الأحوالِ الشخصيّةِ ذيّ الرقمِ 188 لسنةِ 1959.
و إِنَّني أَتساءلُ (و أُشهدُ اللهَ تعالى بأَنَّني غيرُ مُنتمي، لأيَّةِ جهةٍ سياسيةٍ أَو حزبية)، ما قيمةُ قانونٍ غيرِ مُلْزِمٍ؟. و مِن المعروفِ عندَ فُقهاءِ القانونِ، إِنَّ مِن أَهمِّ مُميّزاتِ القوانينِ، قُوّةَ التَّطبيقِ القَسريَّةِ، الّتي تَسري على الجميع، حَتى يُضمَنَ للقانونِ تطبيقَه على أَرضِ الواقع.
إِنَّ كلامَ الشَيخِ اليَعقوبي، مُحزنٌ جداً، و مؤلِمٌ جداً، و أيضاً مُحبِطٌ جداً، للأَسبابِ التّالية:-
1.    لا ينبغي لرجلٍ حوزويّ (الشَيخِ اليَعقوبي)، و هو يُعلنُ عن نفسهِ بأَنَّهُ مرجعٌ ديني، أَنْ يَتهجمَ بهذا الشكلِ على مرجعيَّةٍ أُخرى، تُخالفَهُ في وِجهةِ النَّظر. فمِنْ حَقِّ الآخرين الموافقَةِ، أو الاعتراضِ على القانونينِ، فلكُلٍ وِجهَةُ نظَرِهِ المحترمَةِ، في ذلك. هذا معَ عامَّةِ النَّاسِ، فكيّفَ الأمرُ بشخصٍ كالشَيخِ اليَعقوبي الّذي يُوجّهُ حِزباً سياسيّاً، و يرعى طلبةً يُدرِّسُها العلومَ الدينيَّةِ؟. أَينَ منهج لا إِكراهَ في الدين؟. أَينَ منهج الحوّزةِ العلميَّةِ، الّذي خَرَّجَ آلاف العُلماءِ، و فيهم مَن يَختلف معَ الآخرين مِن العلماءِ، في عددٍ من المسائلِ و الآراءِ و الأَحكامِ الفِقهيَّةِ؟.    

2.    أَلا يَفُتُّ في عَضُدِ مَذهبِ أَهلِ البيّتِ(ع)، أَنْ يكونَ خِطابُ الشَيخِ اليَعقوبي، مُوجَّهاً بهذهِ الحدَّةِ، ضِدَّ شخصِ السيّدِ السيستاني. تلك الشخصيةُ الجديرةُ بالاحترامِ، للمواقفِ الكثيرةِ الّتي قَدَّمها السيّدُ، لاحتواءِ الكثيرِ مِنَ الأَزماتِ، الّتي كادَتْ أَنْ تُحرِقَ العراقَ كُلّه؟.

3.    أَلا يأمرُنا الإِسلامُ بتوّقيرِ الكبيرِ، لا سيّما أَنَّ السيّدَ السيستاني بمقامِ الوالدِ و المُربي للجميع.

4.    لماذا نُسَقِطُ هيّبَةَ مرجعيَّةِ مَذهبِ أَهلِ البيّتِ(ع)، في عُيونِ أَبنائنا، قبلَ أَعدائنا؟. أَلا تَكفي الهَجماتُ الإرهابيَّةُ الشرسَةُ، الّتي يتعرضُ لها أَبناءُ الطّائفةِ كُلَّ يَوم؟. و بدلاً مِن هذهِ الحربِ الدّاخليَّةِ المدمّرةِ لكيانِنا الّديني، بسببِ عدمِ تَشريعِ قانونٍ (غيرِ مُلزِمٍ)، أَليسَ الأَجدرُ أَنْ نُوَحِدَ كُلَّ الجُهودِ، مِن أَجلِ مُحاربَةِ الإِرهابِ عقائدياً و فكرياً و ثقافياً؟.

5.    هَلّْ الشَيخُ اليَعقوبي، يُؤسسُ لمشروعٍ يُفضي بالنيجَةِ، لإِنتَاجِ مُتطرفينَ، داخلَ الحوزةِ العلميَّة. لا يَتوَرَعونَ عن القَدحِ بالآخرين، مِن أَجلِ قضيَّةٍ سياسيَّةٍ، ليستْ بتلكَ الضرورَةِ، الّتي يحتاجُها المُجتمعُ، في الظَّرفِ الرّاهنِ. الّذي يُواجهُ بهِ العراقيونَ، أَصعبَ مراحِلِ التَّحدي، أَمنيّاً و عقائديّاً و اجتماعيّاً؟.

6.    الشَيخُ اليَعقوبي في حديثهِ، أعتبرَ أَنَّ زيجاتَنا، و مُطلَقاتَنا، و أَبناءَنا، و مواريثَنا، مَحلُّ شُبهَةٍ (حسبَ رأيه). بسببِ عدمِ وجودِ قانونِ الأحوالِ الشخصيّةِ الجَعفريّ. في حينِ يقولُ القاضي وائل عبد اللطيف، (بما معناه): إِنَّ قانونَ الاحكامِ الشَخصيَّةِ الحَالي، يَضمنُ لكلِّ شَخصٍ، تَطبيقَ الأَحكامِ الشرعيَّةِ الخاصَّةِ بطائِفتِهِ الدّينيَّةِ، فيما يخصُّ الاحوالُ الشخصيَّة.

7.    قَالَ الشَيخُ اليَعقوبي في حديثهِ، أَنَّ المرجعيَّةَ المَعنيَّةَ أَرسَلَتْ رِسالةً، معَ السيّدةِ وزيرةِ الدَّولةِ لشؤونِ المرأةِ، عِندَ زيارتِها للمَرجعيّةِ التي يَقصِدُها، تُوصي بها وزراءَ التَّحالُفِ، بعدمِ التَّصويتِ على القانونين. و بعدَ مراجعَةِ الأَخبَارِ المُوثَّقَةِ، تَبيَّنَ أَنَّ مَجلِسَ الوزراءِ، رفضَ التَّصويتَ على مشروعِ القانونينِ، يومَ 3/12/2013، في حينِ كانَتْ زيارةُ السيّدةِ الوَزيرةِ، لمكتبِ السَيّدِ السيستاني يوم 4/12/2013، أَيّ بعدَ اجتماعِ مَجلسِ الوزراءِ بيومٍ واحدٍ.

و جديرٌ بالذكرِ أَنَّ السيّدةَ وزيرةَ الدّولةِ لشؤونِ المرأةِ، الدكتورة ابتهال كاصد الزيدي، قدّ خاطبتْ مكتبَ السَيّدِ السيستاني، بكتابِ وزارةِ الدّولةِ لشؤونِ المرأةِ، ذِي الرقم 1197 في 4/12/013 موضِحَةً فيهِ العديدِ منَ النُقاطِ، الّتي بحاجةٍ إِلى المراجعِة و إعادةِ النظرِ، الّتي تضمَّنها قانونُ الأحوالِ الشخصيَّةِ الجَعفري. و إِنَّ تطبيقَهُ يُسببُ مشاكلَ اجتماعيَّةً، في مُقدَّمَتِها الطَّلاقُ بسببِ الزَّواجِ المُبَكِّر. حيثُ بيَّنَتْ السَيّدَةُ الوزيرةُ، الزيادَةَ المُقلقَةَ بسببِ كُثرَةِ حالاتِ الطَّلاقِ، بيّنَ الراشدينَ. فكيّفَ الأَمرُ بالفِئاتِ العُمريَّةِ، مِنَ الّذينَ، أَعمارُهُم دُونَ الثامنةِ عشرة مِنَ العُمر.
 
خِتَاماً: سَأُحجِمُ عمّا ذكرهُ الشَيخُ اليَعقوبي، مِنْ نُعوتٍ و كلامٍ جارحٍ، حفاظاً على مقامِ رَجُلِ الدِّينِ، و طالِبِ العِلمِ. حيّثُ يَنبغي أَنْ تكونَ مكانتُهُما رَفيعةً، في نفوسِ و أَنظارِ النَّاس. و قبلَ كتابَةِ هذا المقالِ، جَرى حديثٌ بيني و بيّنَ، فضيلَةِ الشَيخِ ظافرٍ القَيسِي، (أَحدُ طُلّابِ العِلّمِ، الّذينَ يدرسونَ الآنَ، المراحِلَ العلميَّةِ المُتقدِمَةِ مِن الدَّراسَةِ الحَوزيَّةِ، في النَّجَفِ الأَشرف)، الّذي أَعربَ عَن استنكارِهِ و استهجَانِهِ و رَفضِهِ، لما وردَ في حديثِ الشَيخِ اليعقوبي، الّذي نالَ فيهِ مِنْ شَخصِ السَيّدِ السيستاني، واعتبَرهُ حديثاً مُفجعاً، على مُستوى الإِسلوبِ و الطَّرح.
روابط للمراجعة:
1.    www.youtube.com/watch?v=W7pPUhavfEM (حديث للشيخ اليعقوبي 4/2/2014).
2.    https://www.youtube.com/watch?v=qMDk56c4mhM&feature=youtu.be           (حديث للشيخ اليعقوبي 15/12/2013).
3.    http://www.almustaqbalnews.net/news/world/item/26700-%D9%88%D8%A7%D8%A6%D9%84-%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%B7%D9%8A%D9%81-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D9%88%D9%85%D8%A9-%D8%B1%D9%81%D8%B6%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B9%D9%81%D8%B1%D9%8A-%D8%A8%D8%B7%D8%B1%D9%8A%D9%82%D8%A9-%D9%85%D8%A4%D8%AF%D8%A8%D8%A9.html  ( لقاء صحفي مع الدكتور القاضي وائل عبد اللطيف).
4.    https://www.youtube.com/watch?v=x2wvV3OneuA    (حديث للشيخ اليعقوبي 9/12/ 2013/ من الدقيقة 17 حتى نهاية التسجيل).
5.    http://www.resaltona.net/3/?p=15743 (تأكيد رئيس كتلة الفضيلة السيد عمار طعمة، على رفض مجلس الوزراء التصويت على القانونين).
[email protected]