اعرف ان للصقر عين تنظر بوضوح ثاقب من ارتفاعات عالية ، ومن هنا جاءت عين الصقر كدلالة على الرؤية التي لاتقبل الخطأ ..! لكني تفاجأت بعين كاتب يدعى {صقر شاهين } وعلى ما اظن انه اسم مستعار ، يكتب مقالا بعنوان( الشيوعية ومرض الجدري ) في موقع كتابات ليوم الثالث من نيسان الماضي ، ويبدو لي ان عين هذا (الصقر) مصابة بعمى حقيقي في النظر الى التاريخ ..! فهو يرمي الشيوعية كفكر فلسفي وانساني ، بأسوء النعوت ويحاول واهنا تسقط بعض الجوانب النظرية في سياقات يضعها وفق اشتهاءاته من جانب ، والأعتماد على انطباعات فردية ومزاجية من جانب آخر، وهو يكشف عن كراهية معتقة و محتقنة بداخله ضد الحزب الشيوعي العراقي .
انا لست محاميا عن الحزب الشيوعي العراقي فهذا الكيان الوطني والنضالي له رجالاته من المثقفين والمفكرين الذين يتوفرون على الوثيقة والحجة والمنطق والبرهان ، وكما عرف عن الشيوعيين تاريخهم ومواقفهم النضالية الباسلة ، شهدت انا شخصيا لبعض شخوصهم مواقف بطولية وتضحيات فريدة من نوعها ، اضافة الى حضورهم الذي لايبارى في ميادين الفكر والمراوغة الفلسفية ، ومقارعة الحجة بالحجة ، انهم منهل الأبداع الفكري والفني في العراق على امتداد نصف قرن او اكثر .
يذكر الكاتب (المحترم) ان اليهود كانوا وراء تاسيس الحزب الشيوعي واعدموا مع (الرفيق الخالد ) فهد لكن لايذكرونهم خجلا او (مستحاه ) على حد تعبيره ، والشيء المعروف تاريخيا ياعزيزي (صقر ) ان الشهيد فهد لم يكن يهوديا بل مسيحيا ، ولد وترعرع في مدينة الناصرية وكان اباؤنا يحكون لنا عن اخلاق يوسف سلمان (فهد ) وشقيقه داودد وعائلته الكريمة وبطولات العائلة انذاك ، كما توثق الأحداث بأن رفاق فهد هم زكي محمد بسيم ، وحسين الشبييبي بن العلامة الشيخ محمد الشبيبي وتشهد مدينة النجف الأشرف شرفية العلم والدين والنضال لهذه العائلة ..!
تلك النخبة من الشهداء خلدها شاعر العرب الأكبر محمد مهدي الجواهري في قصيدة ؛( مفاتيح المستقبل ) يقول فيها ؛
سلاما على جاعلين الحتوف ….. جسرا الى الموكب العابر
سلاما على المثقل بالحديد……. ويشمخ كالقائد المظفر
كأن الحديد في معصميه…….. مصابيح مستقبل زاهر
بعد خمسة عشر عاما من استشهاد فهد ورفاقه يقدم الحزب الشيوعي العراقي شهيد آخر بين عشرات او مئات الشيوعيين وهذا الآخر هو حسين الرضي (سلام عادل) سكرتير عام الحزب ، والشهيد الرضي شخصيىة معروفة في مدينة النجف ولم تزل عائلته تفتخر بأبنها الرمز ، وهكذا تجد ان غالبية هؤلاء رموز تنحدر من اوساط مشهود لها بالأخلاق والمواقف ، واذا كان بعض المنتمين للحزب الشيوعي في الثلاثينات والأربعينات من الديانة اليهودية ،فهؤلاء هم عراقيون ، والحزب الشيوعي عابر للطائفية والمذاهب والطوائف ، فهو بانوروما وطنية شعبية يضم كل انواع الطيف العرقي والديني العراقي ، وهذا تعبير عن انتشاره الذي ينبت كالعشب ، كما يصفه المؤرخ الكبير حنا بطاطو .
ينزعج (المحترم ) صقر ويرد بخبط عشوائي على مقالي الموسوم (لماذا نحب الشيوعيين ) واجدها مناسبة للقول اني تحدثت عن بشر عرفتهم بحياتي وخبرناهم في العشر الأخيرة ، ولا ادعي ان الحزب يخلو من الأخطاء والسلبيات ، فهو مثل اي حزب يعيش وسط صراعات سياسية وفي مناخات متداخلة وظروف ملتبسة وتدخل استعماري قديم وجديد ،
ويكفي فخرا لهذا الحزب ان يعطي للعراق نخب متميزة من المفكرين والمثقفين والأكاديميين المختصين بشؤون الأقتصاد والسياسة والتاريخ من الكرد والعرب ، يكفي انه انجب عبد الجبار وهبي وعبد الوهاب البياتي وعزيز السيد جاسم و مظفر النواب وسعدي يوسف والسياب وغائب طعمه فرمان ويوسف العاني وخليل شوقي وكوكب حمزة وشمران الياسري وكاظم حبيب وفخري كريم زنكنه وفيصل لعيبي وعريان السيد خلف ونخبة كبيرة من شواهد الأبداع والفكر … أليس هذا ربيع العراق الدائم بزهو الجمال وسلطة الضوء والحق ..؟
اخيرا اهمس بأحترام للكاتب صقر شاهين بنصيحة ان يغير اسمه المستعار الى (نسر ) بدل (صقر ) لان عين الصقر لاتخطئ ونفسه تأبى ….. ! مع الأعتذار
[email protected]