17 نوفمبر، 2024 4:23 م
Search
Close this search box.

الشيوعيون الى اين ؟

الشيوعيون الى اين ؟

في البدء أرجو أن لاتحمّل هذه السطور أكثر مما تحتمل , من كونها تعبر عن تساؤلات تبدو للقاريء الحيادي مشروعة ! أما بالنسبة لمن لديه موقف ما من المعارضة لفكرتها  , أقول.. ان هذا ليس مجالا للشتائم وإبراز فحيح الإساءة لأحد , حيث مكان ذلك مدونات ومواقع  وكتاب آخرين هم ليس هذه المدونة أو كاتب السطور !

دافع هذه السطور جملة قالها لي ولدي الإعلامي أديب صبري , من أن ” الشيوعيين أهل فكر أصيل ”  ,وقد تناغمت جملته مع خزين تحتفظ به ذاكرتي ومنابع ثقافتي الأولية في مراهقتي , لأجد نفسي مندفعا لكتابة هذه السطور !

ثمة تساؤل هام ..أين الشيوعيون من حمى الإعداد للإنتخابات العامة القادمة ؟ لانرى حضورا مفترضا لهذه الحركة الوطنية الأصيلة يتناسب مع حجم هذه الحركة ! واذا كانت الإنتخابات الأولى قد شهدت سيطرة لأحزاب الإسلام السياسي , فاليوم هو غير الأمس بالتأكيد , فقد تراجعت نسبة المؤيدين للإسلام السياسي (ان صدقت دعاواها وان لم تصدق ), بعد احدى عشر عاما من اضطلاع  تلك الأحزاب بالموقع القيادي للبرلمان والحكومة ,مشاركة مع فئات مختلفة لم يثبت أي منها انه قد حقق فعلا ملموسا على صعيد تلبية او حل مشاكل العراق السياسية والإقتصادية , في بلد بلغت ميزانياته السنوية مالم تبلغه ميزانيات اربع دول مجاورة معروفة , نتيجة الهدر وسرقة الأموال وشرعنة هذه السرقات , عبر تشريعات وسياسات فاسدة لاتخدم اهداف بناء العراق .

ونذهب الى حد بعيد , في تأييد من يقول بافتقاد الأحزاب والكتل النافذة الى برامج عمل معدة ..بل أن الأمر يسير على البركة ! وهذا لايستقيم مع فلسفة الدولة, ومقومات قيامها وبناءها على أسس معتمدة ومجربة !

الآن .. ماهو موقف الشيوعيون من الإنتخابات المقبلة ؟

لعلّ  التأريخ يفيدنا بدور الحركة الشيوعية العراقية النضالي خلال ثمانية عقود ماضية من تأريخ العراق ! مما جعل هذه الحركة ورموزها المتجددة على استلهام مفترض , لتجارب سياسية معتبرة يمكن لها المساهمة الفعالة والنشطة في مرحلة بناء العراق ,بما يتناسب مع الأهداف العامة ..واذا كان البعض  يأخذ على الشيوعيين مواقف حمّلت أكثر مما يحتمل في قضايا اجتماعية او دينية محددة , فان هذه الحركة رغم خوضها صراعات مريرة منذ عام 1958 , مع اطراف مختلفة من الحركات السياسية كالبعثيين والقوميين العرب  ,كان لها تأثيرها  السلبي المؤسف على أمن واستقرار وتطور البلاد , وهذه الصراعات وإن انطفأت جذوتها الا أنها لازالت مخبأة تحت الرماد , أضيف لها موقف الأحزاب الدينية المذهبية المتعارض,مع فكر علماني يحمله الشيوعيون وتيارات واسعة من المؤمنين بالفكر التقدمي وخاصة بين المثقفين !

البلاد اليوم تعيش مرحلة تتسم بصعوبات بالغة ,تهدد وحدة ارض وشعب العراق , ولاأطن أن ذلك يسعد حركة وطنية تقدمية كالحركة الشيوعية ! أو اية حركة وطنية أخرى, بذلت التضحيات من أجل رؤية عراق معافى, يعيش شعبه بحرية وأمان وكفاية , تتناسب مع مستوى تأريخه وثرواته وطاقاته البشرية !

إذن .. تنتظر الجماهير رؤية شخصيات تخصصية , وذات تجارب سياسية مؤثرة  ,ا تتولى ولو بنسبة معينة , السلطة التشريعية والتنفيذية , يمكن أن تؤدي الى أحداث توازن مطلوب في ماهية الشخصيات التي تحمل الى البرلمان والحكومة القادمين ..بعد بقاء الأحزاب الدينية والمذهبية تتحكم بشكل مؤثر في القرار السياسي طيلة السنوات الأحدى عشر الماضية  ..وما عبّرت عنه قيادة  ح.ش الممثلة بالسيد حميد مجيد موسى من أن الموجة التي شهدتها الإنتخابات العامة الماضية ,غطت على سعي الشيوعيين للحصول على مقاعد في البرلمان ..فاليوم ليس كالبارحة كما قلنا ويقول المراقبون السياسيون وذوي الرأي .. ترى هل نرى سعيا حثيثا لأستقطاب ذوي الأراء الصامتة من الشيوعيين وأصدقائهم وأنصارهم والمثقفين التقدميين عموما ,في معركة انتخابية (رغم مآخذنا على وسائلها ونظمها والمؤثرات الجانبية التي ترافقها ) ,يمكن أن تحمل الى (مجلس النواب) و(الحكومة ) من ينير ولو شمعة ,في هذه الظلمة المعيقة لتطور البلاد واستقرارها !

ورود لم تذبل !!!

في عام 1959 كنت بعمر الرابعة عشرعاما , وجهني مسئولي الشيوعي ليث الجلبي في خلية مدينة الحرية الأولى , بكتابة شعارات تمجد (القائمة المهنية) في انتخابات (نقابة المعلمين) ,التي خاضها الحزب بكل ثقله , فيما خاضها (البعثيون) بذات الثقل أيضا ..وقد اعتبرها كل من الحزبين , قضية هامة تسوّقهم بين الجماهير في مرحلة صراع دام بين الحزبين ..وكان علي ّبموجب التوجيه شراء (كلن بوية حمراء وفرشاة على حسابي الخاص)..وعندما هجع الناس تسللت من فراشي الدافيء , وتلثمت ب(يشماغ) جنوبي, ومضيت مستغلا غفلة  الحراس الليليين , أخط على جدران شارع (المشتل)  شعارات (القائمة المهنية ), حتى لم اترك مساحة مناسبة (تعتب عليّ) ..وفي صباح اليوم التالي  سرت (متبخترا) في الشارع, لأرى الناس تقرأ ماكتبته , فيما راحت الشرطة تمسح ماتيسر لها مسحه من تلك الشعارات , وأنا أقف بينهم (نافشا ريشي) ..فالرسالة قد وصلت , وهذا هدفي  !

(ورقة مستلة من كتابي أوراقي في الصحافة والحياة , المعروض في مكتبة (دار الجواهري ) بشارع المتنبي )

أحدث المقالات