المرجعية سلطة في كل الظروف والازمنة وبوجود مختلف الانظمة وشط عن جادة الصواب من ادعى غير ذلك وحتى مع نظام صدام الذي اعتبر من اكبر الطغاة المعاصرين كان للمرجعية سلطتها وكلامها وكان المرجع الاعلى محمد الصدر يصرخ في كل خطبة جمعة ويتابعه انصاره ( كلا كلا امريكا .. كلا كلا اسرائيل .. كلا كلا ياشيطان ) وصدام ونظامه يعرفون انه ينعتهم بالشيطان لكنهم لايقتربون منه في العلن خوفا من غضبة الشيعة ومتعللين انه لم يذكرهم بالاسم كما ذكر امريكا واسرائيل وقبل محمد الصدر وبعده كان للمرجعية سلطتها وكلامها المسموع اذ كانت تعلن الحكومة ان عيد الفطر يصادف الخميس مثلا فتعلن المرجعية ان العيد الجمعة او السبت فيتبعها الشيعة ويضربون بكلام الحكومة وقرارها عرض الجدار وكذلك الحكومات في العهد الملكي وايام الانقلابات العسكرية وفي زمن البعث وصل الامر الى حد ان يصطحب احمد حسن البكر اعضاء مجلس قيادة الثورة و ( يحلفهم ) بالعباس على الالتزام بالعهد وعدم الخيانة وفي كل العهود كان للمرجعية سلطتها واموالها واستقلاليتها وفكرها ومنهجها الذي تدرس به طلابها تحت نظر الدولة وسكوتها عن التدخل في شأنها . لكن هل مارست المرجعية سلطتها بطريقة اللون الاسود والابيض او انها اتخذت اللون الرمادي طريقا للممارسة سلطتها ؟ الجواب ليس سهلا بالمطلق ولا صعبا حد المستحيل . المرجعية وقفت مع نفسها ومصالحها بصورة واضحة بشكل دائم ولم تقف مع اتباعها او تحاول حمايتهم من قسوة الانظمة ومن عاش مرحلة السبعينات من القرن الماضي يتذكر كيف تخلت المرجعية عن من انتفضوا عام 1976 واشتبكوا مع السلطات في منطقة خان (النص ) ولم تحرك المرجعية ساكنا لحمايتهم من الموت والاعتقال والتعذيب وتشويه السمعة ولو افترضنا جدلا ان قضية خان النص كانت من ترتيب حزب ( الدعوة ) فأن الذي حصل في التسعينات من القرن نفسه ( الانتفاضة الشعبانية ) كانت ليس لحزب او تشكيل معين وانما عموم الشيعة في كل العراق مع التاكيد على ان حزب الدعوة كانت عامته الاولى فقط من المرجعية وكل الاعضاء الذين طالهم الموت او التعذيب والاعتقال والمطاردة هم من الذين لايحسبون على الحوزة او المرجعية الا ماندر وهم من عامة الشيعة . ان سبب تواجد سلطة الحكومة وسلطة المرجعية على ارضية واحدة هو وجود اتفاق غير معلن او ضمني يحترم بموجبه كل طرف خصوصيات طريقة ممارسة حكم الطرف الثاني لكن من يعاني هو الشيعي الذي يخضع لسلطتين ابوية وقهرية في آن واحد متحملا نزقهما واختلافهما وطيشهما ومنذ ان اقتربت السلطتين او كادت تكون واحدة بعد عام 2003 لم يشعر الشيعي ( المحكوم ) بفرق وانما استمرت المعاناة وتصاعدت وتيرتها قامت المرجعية بتغطية ظهر الحكومة والوقوف معها ضد الشيعي في اغلب الاحيان وقد تعرض الشيعي للسرقة والاضطهاد واغتصاب الحقوق وفرص التوظيف وعدم وجود خدمات لكن المرجعية جلدت ظهر الشيعي بسوطها يوم احتاجت الحكومة مقاتلين واصدرت فتواها لصالح الحكومة وشكلت بموجب فتواها قوات الحشد الشعبي . ان معاناة الشيعي لاتنتهي مع السلطتين الا بالتمرد اولا على سلطة المرجعية لتفرغ لمواجهة سلطة الحكومة بعد ان يسقط بتمرده كل المخاوف التي سورته بها المرجعية وكبلته .