المجتمع الشيعي في العراق مجتمع عريق العروبة إيماناً و رؤية و لو لم يكن كذلك لما استطاع صدام ان يحارب بهم ايران ثمان سنوات تحت غطاء الحرب القومية ، و رغم طغيان الرؤية المذهبية في الوقت الحاظر و تسيدها للرأي العام الشيعي إلا أن الروح القومية تبقى عنصر ثابت في تركيبتهم الفكرية رغم ما تعرض له هذا الفكر من اهتزاز كبير بسبب تسيد المشهدالسياسي لهم من قبل ناس هم الان القوة السياسية الفاعلة فيه و التي يؤمن بعضها مع نظرية الولي الفقيه ( مرجعية قم ) و الاخر اقل تشدداً ( مرجعية النجف ) في تحجيم هذا الفكر و تجاوز إنتمائهم لحدود البلد بأتجاه المذهب و لكن ذلك لا يصرح به علناً و بوضوح ليس من باب التقيا لكن من باب عدم استثارة البعد القومي في المجتمع الشيعي حيث قد يخلق لهم مشاكل هم في غنى عنها رغم ان شيعة العراق ليسو كسنته (( لا تزيد نسبة التوجه الاسلامي كفكر سياسي عند السنة عن ٢٠ ٪ ))حيث تزيد نسبة التوجه الاسلامي فيه عن ٤٠٪ منهم لكن يبقى هذا التوجه هو طقوس و ممارسات بنسبه كبيرة بدون الغوص في تفاصيل العقائد و مداخلاتها عند المجتمع ، عليه يبقى الخوف من رد فعل عروبي متوقع من داخل المجتمع الشيعي وارد . لذلك ان علاجات حاسمة و سريعة توضع لحالات كهذه ان ظهرت على حين غرة و هي في مهدها (( كما تم التعامل بسرعة و حسم مع جماعة الصرخي )) حيث نلاحظ ان التيارات الدينية التي لا ترتبط بمنظومة الولي الفقيه يبقى البعد القومي من ضمن أطروحاتها الرئيسية للجمهور (( الصدريين ، الصرخيين ، جماعة الخالصي ،،،،،،مثلاً )) وهذا دليل ان الجمهور يعتني و يهتم بأٌفقه القومي ، اما الاحزاب السياسية الاخرى كحزب الدعوة بفروعه و واجهاته المتعددة او المجلس الاعلى او الفضيلة و غيرهم فهي تعتمد و تستثمر في كل اتجاه يخدم حركتها التنظيمية فلا تلبث ان تنتقل من رعاية أوروبية او خليجية الى رعاية إيرانية او تمزج بينهما متى ما أمكن ذلك و تتطابق مصلحتها مع مصلحة المعروض الدولي للرعاية ، لذلك نلاحظ ان حظوظ هذه التيارات و الاحزاب بالمجتمع الشيعي تتغير حسب توجه الجمهور المرحلي لا الثابت و بما ان القومية عنصر ثابت لذلك نرى ابتعادها و اقترابها منها يكون حسب متطلبات المرحلة لا من منظور رؤية او اساس ثابتين .
قبل ٢٠٠٣ لم يكن الفكر الشيعي مغيب او مضطهد بقدر ما كانت ممارسات و طقوس المذهب مقيدة سياسياً لذلك حدث انفجار في تنوع طقوس المذهب اما الفكر فقد انشغل في السياسة و تكبل بها .
مما سبق يتضح لنا ان متى ما توفرت ضروف مناسبة سياسياً فأن المجتمع الشيعي سيظهر عروبيته و بصورة طاغية تكفي لتثبيت وحدة العراق .
اما المجتمع السني فلا يعاني من مشكلة في التوجه العروبي اذ يعتبرها خلاص له من التفتت و الضياع ، لكنه يعاني من مشكلة اعادة تشكل و إيضاح لهويته و تحديد السبل اللازمة لكي يصل الى مرحلة التصالح مع الذات لكي يستطيع ان يصوغ رؤية مشتركة للتعامل مع شريكه المجتمعي بأتزان وهذا يحتاج مرحلة استقرار بعد هذه الكوارث العظيمة التي تعرض لها بناءه المجتمعي ، أي اننا نستطيع ان نقول انه مازال في مرحلة التيه ، لكنه سرعان ما سيجد نفسه حالما تساعده العوامل الخارجية بدل ان تستغله كأداة لصراعاتها مع بعضها ، او تتركه على اقل تقدير بعد ان استنفذت قواه .