19 ديسمبر، 2024 8:34 م

الشيعة، إيران والسُنة

الشيعة، إيران والسُنة

كان بن غوريون وهو أحد القادة الإسرائيليين، يرى بأن أمن إسرائيل ضروري لبقاء الدولة العبرية، الأمر الذي يقتضي وجود تحالف متين مع الغرب؛ خاصة مع فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة، بالإضافة الى أنه يتطلب تسليح يتفوق على تسليح جميع دول المنطقة مجتمعة، عدا عن السيطرة على مصادر المياه الشحيحة في إسرائيل، والإقتراب من قناة السويس قدر الإمكان.
عارضه في ذلك موشيه شاريت وهو أول وزير خارجية في الدولة العبرية، عندما أكد على ضرورة ضمان عدم تحقق وحدة عربية بأي شكل من الأشكال، من خلال بث الصراعات بينها على أساس مذهبي وقومي، تكون فيه الدولة العبرية بمثابة بريطانيا في الكومنولث البريطاني المعروف.
تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام ـ المعروف إختصارا ب(داعش)، يحاول منذ سقوط نظام صدام عام 2003 تنفيذ هذه الأجندة، معتمدا بصورة أساسية على أموال خليجية، بالإضافة الى إمكانات إستخبارية غربية ومرتزقة من مختلف بقاع الأرض، في محاولة لإختراق النسيج المترابط بين سكان المناطق التي يحتلها.
يشكك بعض الكتاب في إرتباط الشيعة العرب بقوميتهم، وإرتباطهم المباشر بإيران الشيعية، مع أن الإسلام دين عابر للقوميات؛ فتعاليمه لا تقتصر على العرب، بل تشمل كل القوميات والأعراق بغض النظر عن مدى إتقانها للغة العربية، فيكفي هنا أن تقرأ آيات من القرأن الكريم أثناء الصلاة، ولا أدري من أين جاء هؤلاء الطوباويين بهذه النظرية؟
لو تمعنا النظر في الطائفية التي يرمون بها الشيعة تحديدا، لوجدنا أن من يقوم بتكفير المسلمين خرجوا من تحت عباءة الطائفة الأخرى، فلم نر من الشيعة من يقوم بتفجير نفسه وسط جمع من الكسبة، ليلتقي مع الرسول الأكرم (عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم) ويأكل معه في نفس المائدة، ولم نسمع أن خطيبا واحدا من خطباء الشيعة، قد كفر أحدا ينطق بالشهادتين، كل هذا وهم يرمون الشيعة بالطائفية، ولا أحد يعلم ما هي المقاييس التي بنوا عليها تلك التصورات، هل لأن إيران شيعية؟ ولو إفترضنا جدلا صحة ذلك، ألا يوجد في بقاع العالم شيعة غير إيران؟!
الفرز الطائفي البغيض في العراق وسوريا ولبنان، وحتى في اليمن، يقوم به غير الشيعة، ذلك لأنهم لأهل البيت عليهم السلام؛ والذين يقول فيهم الشاعر إبن الصيفي: ملكنا فكان العفو منا سجيـــة *** فلما ملكتم سال بالدم أبطــــــح، وأتباع هذا المذهب لا يستحلون إلا ما أحل الباري عز وجل، ولا يمثلون بقتلاهم ولا يغدرون، أما اللعب على الوتر الطائفي الذي نقرأه من خلال كتابات هؤلاء، وتأليبهم السذج على الدور الإيراني (المشبوه) في المنطقة؛ فهو في حقيقته الخوف على عروشهم التي إقتربت النار منها، وأصبحوا قاب قوسين من السقوط في الهاوية، بعد أن كانوا يدفعوا مليارات الدولارات لإسقاط الآخرين.

أحدث المقالات

أحدث المقالات