اننا في زمن اصبح الراي العام فيه اكبر مؤثر في سير السياسة وفي تطورات الاقتصاد ، والراي العام لا يمكن حتى في اشد البلاد خضوعاً للحكم الفردي ان يكون مغفلاً او لا اثر له ، والراي العام لم يعد راي القلة المثقفة او الحاكمة ولا حتى راي من يقرأون ويكتبون وحدهم وانما الراي العام هو راي كل من يسمع ويرى ويستطيع ان يفكر ، حيث ان وسائل الاعلام بتقدمها السريع وشمولها التام تقريباً لكل افراد الشعب قد أنضجت الراي العام واعطته القوة الجبارة التي يجب ان تكون له . ليمارس حقه وفق الدستور رغم تهميشه ومحولة تكميم فاه وسيبقى صوته مدوياً حتى يجبر الساسة الى النزول الى رغبته وتحقيق مطالبه المشروعة.
شهد يوم 31 أب تظاهرات في بغداد وعموم المحافظات الجنوبية تطالب بإلغاء تقاعد البرلمانيين ، بعد ان وجدت هذه الجماهير من يساندها في الراي واقصد بذلك المرجعية الدينية في النجف الاشرف ، ولكن ما حدث هو تعامل الحكومة و القوات الامنية مع هذه المظاهرات بطريقة غير ديمقراطية وغير حضارية ، حيث تم غلق الطرق المؤدية الى ساحات التظاهر ، وقامت بعض من القوات الامنية بالاعتداء على المتظاهرين بالضرب واعتقال البعض منهم ، فالحكومة وأجهزتها الامنية الفاشلة قد ضربت حق المواطن العراقي في حرية التعبير وابداء الراي والدفاع عن حقوقه عرض الحائط ! رغم ما حدث فان المواطن العراقي اوصل صوته وبعث رسالة تحذير للبرلمانيين والحكومة وعبر عن استياءه من الاستخفاف به وعض اصبع الندم على انتخاب السياسيين الانتهازيين .
فاذا كانوا اعضاء مجلس النواب لا يسمعون المواطن الذي أنتخبهم ولا يبالون برأيه فهذه هي الخيانة بعينها ، لان النائب لم ينتخبه الشعب ليسرقهم ، بل ليدافع عنهم وعن حقوقهم ويحافظ على ثروات بلادهم .
فبعض النواب كالشيطان الاخرس والبعض الاخر كالشيطان الناطق ، اما من نشبهه بالشيطان الاخرس وهم اخطر الشياطيين ، فهم النواب الذين يصمتون عن الحق ولا يرغبون في التنازل عن تقاعدهم وامتيازاتهم وهؤلاء العدد الاكبر منهم يأكلون على الفكين ، وهم نوعين فالنوع الاول ، يأكل من العملية السياسية ومن اعداءها والعجيب ان يخرج اياد علاوي بكل تبجح و يتكلم وكانه الاب الروحي مستخفاً بوعي الشعب محاولة منه لتجيير التظاهرات ،وكل الشعب العراقي يعلم ان اياد علاوي نائب في البرلمان ولم يحضر جلسات البرلمان سواء مرة واحدة وان التظاهرات خرجت بسبب علاوي وامثاله الذين يأخذون الرواتب والامتيازات والتقاعد دون استحقاق (فإن تكن سبعا عجائب الدنيا فنحن صرنا الثامنة)!
والنوع الثاني يأكل من المركز والاقليم ! اما الشيطان الناطق فهم البرلمانيون الذين كنا نراءهم يومياً وعلى مختلف الفضائيات يخرجون علينا ، امثال النائب حنان الفتلاوي ، وجواد الشهيلي ، على اساس انهم وكتلهم السياسية مع المواطن كما يدعَون وحريصون عليه وعلى حقوقه وثرواته ، السؤال اين هؤلاء النواب لماذا لم يخرجوا مع المتظاهرين ويساندوهم في مطلبهم ، ام هي مزيدات سياسية ، وضحك على الذقون ، حتى انهم لم يظهروا على الفضائيات كما كانوا يفعلون قبل التظاهرات حيث كانت تصدح اصواتهم بإلغاء تقاعد البرلمانيين والرئاسات الثلاثة والدرجات الخاصة وامتيازاتهم الكبيرة ، وهم يقدموا الدراسات والاحصاءات ويبينوا الفارق الكبير بين تقاعد المواطن او الموظف العادي وبين البرلمانيين ، ويشددوا على التكافل الاجتماعي ! اتذكر في مظاهرات شباط 2011 التي كانت تطالب بالخدمات آنذاك ، ذهبت النائب مها الدوري الى ساحة التحرير وافراد حمايتها يقفون حولها وهي تهتف وتصرخ ضد حكومة المالكي المنافس السياسي للتيار الصدري والحقيقة انها ذهبت لتسقيط المنافس السياسي وليس من اجل الخدمات للمواطن العراقي، فهؤلاء النواب للأسف تسيرهم منافعهم الشخصية والحزبية !.
يوم المواطن العراقي ودوره في التغيير يأتي في الانتخابات البرلمانية المقبلة وعليه ان يحسن الاختيار ويعاقب كل من استغل المال العام وثروات البلد له ولحزبه وان غدا لناظره قريب ، واخيراً تحية اجلال وتقدير الى كل من خرج للتظاهر ونقول ان الشعب اقوى من الحاكم ومن اجهزته القمعية فهي للأسف تقمع الشعب ولا تقمع الارهاب ، فهي بارعة بالتضييق على الناس ومحاربتهم نفسياً ، لتبرير فشلها وفشل من يقودها ، وهو القائد العام الاوحد للقوات المسلحة نوري كامل المالكي حفظه الله ورعاه.