لم تشدني من شخصيات الانبار ومن شيوخها الاجلاء مثلما شدتني شخصية الشيخ علي الحاتم السليمان..فهو الشخصية العراقية العروبية الوحيدة ربما تلك التي سيذكرها التاريخ الحديث بأنها من رفعت رؤوس أهل الانبار عاليا الى السماء، لما يمتلكه الرجل من حكمة وبعد نظر ورجاحة عقل وتفكير مبسط يفهمه حتى الطفل والانسان البسيط ، ويعجب من مخارج حديثه ومن مقدماته الرائعة التي يضع فيها النقاط على الحروف بلا لف او دوران، ولا يخجل من قول الحقيقة حتى على نفسه، وان كانت مرة، ان كان يرى في ذلك كشفا للحقيقة بلا رتوش او مزوغات لفظية وبلا مراوغات او مزايدات، يقول الحقيقة كما هي ، وكيف لا وهو ابن الانبار ورافع رؤوس شبابها ونسائها واطفالها وشيوخها وهو من حفظ كرامة اهل الانبار وأعلى من شأنهم بين أمم الارض.
الشيخ علي الحاتم العلي السليمان واحدة من اكثر الشخصيات في الانبار من فضح كل المزيفين والمخادعين ومن أضلوا اهلهم وشعبهم وباعوا كرامتهم في سوق النخاسة، وهو الوحيد ربما من القلائل من شيوخ الانبار من يجمع عليه ملايين العراقيين على انه حاديهم في الملمات يوم يكون للرجال وقفتهم وللشموخ اليعربي اعلامه وجباهه المرفوعة المزهوة بفخر اؤلئك الرجال الكرماء النفس والمضحين بالغالي والنفيس ليحفظ لاهله ومحافظته ولعروبته اسمها المشرف فكان علما يرفرف فوق الرايات يحكي قصة شاب فارس عشق العراق واهله واحب العروبة وقدس مكارمها واخلاقها ، ووضع لكل واحد ممن استهدف الانبار اعتباره الذي يستحق، لايخشى في الله لومة لائم، حتى وان كان في |أعلى هرم السلطة، ان لم يكن يضع له النصيحة التي تدله على الطريق القويم غير المعوج، ويكشف له المستور، ببساطة الواثق من نفسه ومن كلامه، حتى ليخيل اليك انك امام نابغة من نوابغ العرب الكبار الذين انجبتهم امة العرب ليكونوا أحد رجالها الصيد الميامين، وها هي الانبار وكل المحافظات العراقية تجد في الشيخ علي الحاتم السليمان من بنى لها خيمة للكرامة اليعربية، يشعر بها العراقي انه امام فارس مقدام، لايهاب الموت ولا الصعاب، وتهابه الدنيا من تواضعه وخلقه، فبوركت الام التي انجبت امثال هؤلاء الرجال الذين تفخر الانبار بهم على انهم رجلها في الملمات ويوم تدلهم الدنيا، وتتوالى المحن، حتى يجد فيه المتعطشون الى الكرامة ما يشفي غليلهم ويحقق لهم عزتهم ورفعة رؤوسهم ، وهذا افضل شرف يعتليه الرجال الرجال، وهو فخرنا ولسان حالنا ومن يضيء لنا دروب الظلمة عندما تنطفيء انوار الارض ، ليجعلها تنير برجاحة العقل وصواب المنطق وبساطة الرجل وتواضعه ، في وقت يبدو وكأنه يتسلق قمة شامخة من قمم الحياة ، وتبقى كل الكلمات واساليب التعبير لتعجز عن وصف هذا الرجل وفي تبيان فضائل اخلاقه ، وامنياتنا ان نلتقي به ولو لدقائق، لنرتشف من عبق كلماته ونبل مشاعره ما يروي كل ضاميء الى الكرامة والمنزلة الرفيعة ويرى الكبرياء العربي على سجيته، تحكي قصة شاب ترعرع في حظن هذه الارض الطيبة الانبار، مفخرة الدنيا، وهو يحكي قصة بطولة، ترفع رؤوس الملايين من العراقيين الى السماء.
الشيخ علي الحاتم، لم يحبذ ان يكون سياسيا يوما، وهو قد فاق السياسيين في خارطة الطريق التي يضعها للصعاب وللمحن، ولم يكن يبحث عن منصب او وجاهة، فما وهبه الله من صفات وخصال غاية في الروعة تكاد ان تضفي عليه ان يكون موسوعة اخلاقية وقيمية تدرسها مراكز البحوث وتطلع على مضامينها ومكنوناتها لتكتشف عبقرية هذا الرجل ، وتضعه في مصاف المراتب التي يستحقها عن جدارة.. بوركت الانبار التي انجبت هذا الفارس المقدام ، وجباهنا ترتفع بذكره الى حيث ساريات المجد الرفيع، وقد كان لي الشرف ان أجاور بيت جده في السبعينات في منطقة الحوز، لكنني لم احظ بشرف مقابلته، كوني رحلت عن الانبار منذ منتصف االسبعينات ولم ازرها الا كضيف في بضعة سنوات، لكن مضيف اهله العامر في منطقة الحوز، قد تذوقنا من كرم اهله ونباهة ورجاحة رجاله ما يرفع رؤوس اهل الارض جميعا بأن رجالا بهذا المستوى لابد وان يكونوا ابناء الانبار الاصلاء من معادن نفيسة ، بنيت لنا لا أخلاقا وقيما ومعان ودلالات حلوة ورائعة ما تجعلني اشعر بأني أسري الى السماء، حيث منزلة الرجال الرجال، التي سهلت دروب الحالمين بالقدر العربي وبالبطولة اليعربية المتجذرة في نفوس هؤلاء الرجال الذين تشرفت بهم أرض الانبار، مدينة الاباء اليعربي الأصيل، وهيهات لمن تجاوز حظه أو لنقل جرب حظه العاثر مع اهل الانبار، دون ان يضع اعتبارا لهؤلاءالقوم، أباة الضيم، وحافظي فجر العروبة ، وحامل رايتها الى حيث المنازل الرفيعة التي تستحق.
شكرا للشيخ علي الحاتم العلي السليمان، وأملنا ان نلقاكم في يوم من الايام لنرد لكم بعض جميلكم مع اهلكم وناسكم وربعكم، وشرف كبير ان نعتلي صهوة مجدكم ومضايفكم العامرة، فقد حصدتم مرضاة رب السموات والارض، وانكم قد حفظتم العهد ، وبيقي راية اهل الانبار تزدان بكم، فهنيئا لمن تشرفت الانبار به وشرف اهلها ، ولكم منا كل محبة وتقدير ايها الرجال الاكارم، وأعز الله الانبار وكل رجالها الطيبين الاصلاء، ودعوانا ان يحفظ الانبار من المكاره وما لاقوه من اهوال تشيب لها الولدان في حرب ظالمة شنت عليهم، حتى استحقوا مكانة الابطال الغر الميامين.. وشكرا لكل من دافع عن الانبار واعلى من شأنها وحفظ عرض العراقيات الاصيلات ، فهن من نرتفع بذكرهن ، الاماجد الاصيلات اللواتي انجبن رجالا نفاخر بهم الدنيا، وهم اهلوها على كل حال.
أما محنة الانبار فلا بد وان تنتهي، لكن الكثير من شيوخ الانبار تركوها في أحلك ظروف محنتها وقساوة ظرفها، وهذه ( مثلبة ) عليهم لم نكن نتمناها لهم، ولو ثبتوا على مواقفهم وناصروا أهلهم وعشائرهم وكانوا حاضرين معهم في ساحات الوغى يدافعون عن الارض والعرض لما تجرأ من تجرأ ودنس ارض الانبار وترابها الطاهر، ولكن سيقول التاريخ عن الكثيرين ممن، ارتضوا لانفسهم المكانة التي لاتليق بهم، ان يقول عنهم التاريخ ما لايسر، وعسى ان يعودوا الى اهلهم وديارهم، ولكن قصة عتب مريرة تختلج في الضمائر من ان من باعوا اهلهم وربعهم، سيكون لهم حساب آخر ، من شعبهم، وهذه مشيئة الاقدار، ترفع اقدار الرجال الاخيار، وتحط من قدر من لمن يضع لاعتباره المكانة التي يستحق..وامنياتنا ان نرى الانبار وقد اغتسلت مما علق بها من ادران الحروب القذرة التي شنت عليهم، ليعودوا الى مضايفهم ودورهم العامرة، وأملنا بالله كبير ان يبقى رأس أهل الانبار مرفوعا، في كل الازمان، مهما ادلهمت بها الاقدار او نزلت بها نوائب الدهر، أما جماعة أبو رغال، كما يطلق عليهم أهل الانبار فلهم الخزي والعار في الدنيا والاخرة، والعاقبة للمتقين.