لم يعد هنالك امكانية للصمت لمواطن في وطن تمزقه الذئاب , بمحاولات اغلب القوى تهديد المصير بنهج الحروب الطائفية والقومية وصراع ساسة يقسمون البلد الى دويلات متصارعة ويتقاسمون الغنائم بتصوراتهم الضيقة لتأجيج الكوارث بأسم الدين والطائفة والقومية والعشيرة , العراقيون منذ فترة ادركوا ان الخطر على الابواب وثورة الربيع العربي التي اشعلها البوعزيزي في تونس استعرت كالنار في الهشيم لشعوب تأن من الضيم لتتدخل بها قوى تحاول مصادرة انجازات الشباب الثائر وتتسلق على مطالب الجماهير لتحولها الى صراعات طائفية قومية ودينية ,وحينما وصلت النار الى سوريا اصبح العراق في منتصف عاصفة الصراعات فالكل كان يتصور ان الجيش الحر هو اللاعب الاساس الا ان المنجل الوهابي المتحرك في المنطقة الذي يريد اشعال الفتن وحصد الشعية والسنة وكل الاديان بتنظيم ما يسمى ( النصرة الاسلامية ) ليتصل بقوى اخرى تحيط العراق وبدعم من اعضاء في البرلمان الكويتي وبالتحديد النائب الطبطبائي الذي تبرع بمليون دولار واتي بالخلسة لسوريا , المسألة هنا ان القوى السياسية لم تستوعب الدرس وتدرك ارادة السياسة والحلول والحوار الوطني البناء واحتواء الاختلافات والالتفاف مع بعضها البعض متخذة من الازمات سمة عامة لتنهي الأزمة بأزمة اوسع واتباع التظليل للوصول للمصالح الضيقة , المواطن لم يتفاجيء من الازمات اليومية التي اصبحت حرفة سياسية سببها عدم استخدام القانون بشكله الصحيح والابتعاد عن الدستور والحوار والاعتماد على الخطابات الاعلامية الابتزازية بالأضافة الى عدم المعرفة الكاملة بالصلاحيات المتعلقة بالسلطات واستخدام تلك الصلاحيات لتحقيق اوسع المكاسب , صراع يدور بين قوى تدخل في دوامة وتوجيهه لأغراض المحافظة على الكرسي او تنشر الفوضى لمنع اكتشاف اسباب الارهاب والفساد والخضوع للأجندات الخارجية الساعية لمصالحها الاقتصادية والسياسية والتعمد في تعطيل القوانين لتمرير صفقات الفساد والتراضي بمحاولات الهيمنة والتحاصص حتى في القضاء , وبعد اعتقال حماية العيساوي والانتهاء من ازمة الاقليم اعتبرها استفزاز وتحدي لأنها ستكون محرجة له ولو انه تعامل بشفافية مع القانون لأمتلك الفرصة وأمكنه التعاون مع القضاء وتشكيل فريق للدفاع , فالديمقراطية لا تعمل بالتوافق والوساطة والرشوة وان الفساد هو من افقد القوانين وجعل تعامل الحكومة متفاوت واتهام لجهات وملفات تكون مجهولة المصير وهذا ما حول الحكومة الى حكومة غنائم فاقدة لوظيفتها السياسية لتشتغل بمصالح قادتها مهيمنة على كل فئات المجتمع , والتهميش الذي يدعي به سنة العراق حسب وما تروج له الدوائر الخارجية لم يستثني الشيعة وبقية المكونات ولا يسمح لممثليها اتهام الأخر بأسوء النعوت واتهامهم بالعمالة والصفات التي لا يمكن ذكرها وبأنهم( شروك , معدان ) واقسى عبارات التشهير والاهانة والطعن بالدين , الشعب اليوم لا يقبل ان تمتهن كرامته من اجل سياسة رعناء ودولة المواطن لا تقبل الا ان يحصل مواطنيها على كامل الكرامة بالمساواة والعدالة , وبعد هذه الازمة انعكس ردود الفعل الغاضبة من شعارات البعث والقاعدة والطائفية الا ان تدخل الشيخ عبدالملك السعيدي والقوى المعتدلة سحب البساط من تحت اقدام المالكي والساسة المحرضين للفتنة و ممثلي تلك المحافظات لتتحول الى مطالب اخرى قد تحمل في اغلبها الشرعية وهذا ما دعى قوى البعث والارهاب للتحرك للانتقضاض على ساسة تلك المناطق لأن سياستهم لا توافق سياسة من يشترك في العملية السياسية وتعتبره خيانة وهذا ما حصل مع صالح المطلك لتحول الى اعتصامات في ثلاثة محافظات وستمتد الى ديالى لتضرب تلك القوى المعارضة للعملية الدستورية عصفورين بحجر واحد وتعبر نفسها البديل عن السياسين لتلك المناطق وتنتقم من الحكومة في نفس الوقت , وهذه الاصوات ربما تأيدها بعض قوى الجنوب اذا تخلت عن الشعارات الطائفية ومظاهر التطرف لتعزل الحكومة وتعزل القوى التي اصطفت مع العيساوي ويشعرها الشارع بالتقصير , وفي نفس الوقت مساعي الشيخ السعيدي اسقطت ذرائع المالكي ان التظاهرات من قوى ارهابية بعد تحويلها الى مطالب بظاهرها مشروعة , وهذا الانقلاب بالشارع كشفت اقنعة الساسة المفتعلين للازمات والمتلاعبين بمقدرات المواطن وانكشف نسبة التباعد والهوة بين الساسة والمجتمع في سعيهم لتحقيق مكاسبهم الانتخابية على حساب مصلحة الدولة فالحكومة برئيسها تعزي سبب الفشل لوزراء القوائم الأخرى ونواب البرلمان في حين انها تترئسها وتملك 89 مقعد والقوى الأخرى ترمي الكرة على رئيس الوزراء في حين ان لها 91 نائب ووزراء , ومن هذا اصبح عليهم من السهولة التلاعب بالقانون والاستعداد بالمقايضات اطلاق او سجن من يشاءون وكما حدث في اطلاق المعقتلات وتمرير المشاريع حسب المصالح الفئوية والحشد الطائفي والقومي , المواقف الوطنية المعتدلة قلبت الطاولة على الساسة ورفعت صوت المواطن الذي يعاني الاهمال ولكن المسألة لا تتوقف هنا فإن تحولت الشرارة للجنوب لم تبقي من الوقت الضائع الذي لعبة الساسة سواء كان ذلك لقناعة مواطنيها او رغبيتها بالهيمنة البديلة وتطلق بان الربيع العراقي سوف يبدأ , ووتقول بعد المطر الذي اغرق بغداد سوف يأتي الربيع الأخضر ,,