في السنوات الأخيرة، ارتفعت نزعة “صبغ كل شيء بصبغة دينية” في إقليم كردستان العراق، و هذه النزعة تذكّرنا بالحملة الإيمانية الصدّامية التي أعقبت حرب تحرير الكويت عام 1991. هل يعيد التاريخ نفسه؟ سؤالنا هذا يعنى بمسألة أسباب حملة صدام الإيمانية و هل تتطابق مع حملة السيد مسعود البارزاني الإيمانية؟
معروف للقاصي و الدّاني أن الانتفاضة الشعبانية اندلعت عقب هزيمة صدام في الكويت و كيف أن الشعب هبّ من الفاو إلى زاخو، و لولا خيانة بارزاني و طالباني – الّذين دخلا في حوار مع الدكتاتور المقبور، و لولا المحافظات الثلاث (تكريت – الموصل – الأنبار) لكان صدام مسقوطا منذ ذلك الوقت. شكلت “الحملة الإيمانية” خطوة كبيرة نحو خلق جو مشحون بالطائفية و بتحويل الدين إلى أداة في يد الحكومة البعثية الفاسدة تم إضافة قيود مضاعفة على العقل العراقي. زاد صدام النار الطائفية استعارا و شجع الوهابيين على نشر حقدهم و تكفيرهم – الموجه تحديدا للشيعة – و مظهرا الانتفاضة على أنها “تمرد الشيعة عملاء إيران”! ليكسب ولاء الأقلية السنية ضد الأغلبية الشيعية.
مسعود البارزاني يشعر، مثارا ربما من خلال إعجابه اللا متناهي بالقائد الضرورة و غير متعض بمصيره الأسود على المشنقة، بأن كرسي الحكم و النفوذ بات مهددا بفعل الديمقراطية العراقية، خصوصا أن المالكي أصبح يزداد شعبية – معيدا للأذهان صورة الزعيم عبد الكريم قاسم – و لأنه لم يكن بقادر على ارتكاب المذابح و محاربة بغداد علنا، لجأ السيد مسعود البارزاني إلى البعثيين و داعش لينفذوا له هذا المخطط.
زيارة بسيطة للإقليم البارزاني تظهر كيف أن حكومة الإقليم دعمت بناء آلاف الجوامع – حيث ألغى الإقليم أي ضريبة تتعلق بالجوامع – و مع تزايد نزعة التدين الوهابية فإن بارزاني خلق من نفسه و إقليمه “الذي يتمظهر بمظهر القومية” لاعبا أساسيا في الشحن الطائفي و استهداف الشيعة و إباحة قتلهم.
المشكلة أن المالكي لم يوجه رسميا تهمة الخيانة لمسعود البارزاني رغم ضلوع الأخير البارزاني في المذابح الجارية حاليا. و في الوقت الذي يحاول السياسيون الأمريكيون – الأغبياء و السذج – إعادة العملية السياسية الفاشلة فإن مسعود البارزاني يستمر في آداء “تمثيلياته السمجة”، فهو يتحالف مع داعش و البعث – سرّا – و يقوم بإيهامنا أنه يقاتلهم في أسلوب لا ينم إلا عن احتقاره لكل ما هو شيعي عراقي و كل ما هو جنوبي.
على المالكي إيصال رسالة واضحة و سريعة إلى الأمريكيين و جيران العراق أن على أمريكا أن تختار “إما التحالف مع غالبية العراقيين الذين يحاربون التحالف الثلاثي البارزاني البعثي القاعدي أو التحالف مع أعداء العراق”! و طبعا ستكون أمريكا مضطرة للتحالف مع الغالبية أو أنها ستخسر الشرق الأوسط كمصدر حيوي للطاقة.
مسعود البارزاني هو طرف في أي حرب طائفية و هو يريد خلق “إقليم سنّي” ليضاف إلى “إقليمه السنّي الكردي”. لا تنسوا أن “الشيخ زانا الذباح” الذي ذبح أبناء كردستان و الذي كشفته المخابرات الأمريكية كان “خال مسعود البارزاني – شقيق أمه”!.