عقدت رابطة الشباب المسلم في المملكة المتحدة ندوة جماهيرية تحت عنوان ” صيانة المنبر الحسيني – تجربة الوائلي نموذجا” وذلك على قاعة مؤسسة دار الاسلام في العاصمة البريطانية لندن يوم أمس السبت 5-11-2016 ، تحدث الندوة كل الشيخ الدكتور عبد الزهرة البندر والباحث السيد مضر الحلو وعبر السكايب من النجف الاشرف نجل المرحوم الشيخ الوائلي الاستاذ محمد حسن الوائلي وقام على ادارة الندوة الاعلامي جواد كاظم الخالصي .
وقد حضر جمهور غفير من ابناء الجالية العراقية المقيمة في لندن وهذا ما يدلل على الرفض الكبير لأولئك المتخلفين من اصحاب الخرافة الذين تجاوزوا على هذه القامة الفكرية التي أغنت المنبر الحسيني بالفكر المعتدل ورجاحة المعرفة الحقيقية للمطالب العلمية بكل أقسامها فدخل الى قلوب الناس منذ ما يقارب أكثير من ستين عاما.
تطرق الخالصي الى العطاء الذي كان يقوم به الشيخ الوائلي ومساعدته للعوائل المتعففة التي هربت من بطش النظام البعثي الى سوريا ومن المال الذي يحصل عليه من الخطابة رغم سكنه في بيت متواضع جدا في السيدة زينب ع بدمشق، ثم تساءل عن خلفيات الهجمة الشرسة لبعض الجهلة الذين تجاوزوا
عليه في العاشر من محرم وهو الذي أفنى عمره من اجل أهل البيت والحسين ع مستشهدا ببيت من شعر المرحوم الوائلي من اخر قصيده له قبل وفاته مخاطبا بها الحسين ع :
عشرات السنين وهو بثغري نغمٌ عاش يسحَرُ الاجواء
وبعد التعريف بالضيوف وتلاوة آي من الذكر الحكيم بدأ الحديث السيد مضر الحلو في محور منهجية الاعتدال والحكمة مقابل الخرافة والافكار الدخيلة على مذهب أهل البيت ع، حيث بدأ حديثه بالقول نستنكر وبشدة ماتعرض له الفقيد المرحوم عميد المنبر الحسيني العلامة الدكتور الشيخ الوائلي من إساءة بواسطة ثلة من الجاهلين والمتخلفين هم ومن يقف ورائهم اصحاب فضائيات الفتنة والتطرف.
– لا شك ان المنبر الحسيني المعاصر في الغالب يمر بحالة من التدهور لعلها الاسوء خلال تاريخه لدرجة استدعت ان تتدخل المرجعية لتصدر بيانا قبيل شهر محرم الماضي تضمن مجموعة وصايا للخطباء تدور حول الابتعاد عن الخرافات والاحلام وعدم الاعتماد على الروايات الضعيفة وتجنب الغلو وغيرها، كل ذلك لإدراك المرجعية خطورة المنبر باعتباره هو الذي يرسم صورة التشيع في اذهان عامة الناس.
– ابرز ملامح المنبر المعاصر:( حديثنا عن المنبر الذي يحظى بتغطية واسعة من قبل الفضائيات والذي أتيح له ان يرسم صورة التشيع المعاصر، إذ لانعدم وجود منابر رصينة هادفة ومسؤولة لم يتح لها ان تبرز). ١- لم يكن المنبر حاليا في الغالب وليد الحوزة العلمية ونتاج الدراسة الرصينة كما كان سابقا يمتاز بالرصانة، فقد عرف عن بعض رواده كان من المجتهدين او المراهقين للاجتهاد كالمرحوم الشيخ كاظم السبتي والمرحوم السيد صالح الحلي والشهيد السيد جواد شبر والمرحوم الشيخ احمد الوائلي وغيرهم. أما الان فكثير ممن يعتلي المنبر ليس له حظ ولو قليل من الدراسة الحوزوية بل نلاحظ ان الأمية الثقافية والعلمية والأدبية السمة البارزة للكثيرين منهم. ٢- اللغة الغالبة للمنبر المعاصر هي لغة التهريج والشتائم واللعن والخرافة بدلا عن لغة العقل والأدب، واحترام الاخر كما كان يتصف بذلك خطاب المرحوم الوائلي.
٣- السمة البارزة للمنبر الحالي الذي يمتلك الصوت المرتفع هي نشر الكراهية وبث الاحقاد وإثارة الطائفية بين أبناء البلد الواحد بدلا من توحيد الأمة ومحاولة جمع شتاتها والوقوف بوجه من أراد بها سوءا. ٤- الغلو والتطرف والفوضى وعدم الانضباط.
– أسباب تدهور المنبر الحسيني: يبدو ان المرحوم الشخ الوائلي كان يمثل صمام الأمان امام تدهور الخطاب الحسيني اذ شاهدنا التحول المفجع بمستوى المنبر بعد رحيله بحيث تغيرت ذائقة الانسان
الشيعي الذي كان يعتبر في السابق الشيخ الوائلي رحمه الله مقياسا يقاس عليه مستوى اي خطيب اخر اصبح لاينسجم ولا يأنس الا بالخطاب الهزيل البائس غالبا. أما اهم أسباب هذا التدهور فهي على نحو الإجمال:
١- انتشار ظاهرة الأمية وبلوغها درجات غير مسبوقة نتيجة حروب النظام المقبور والحصار الظالم الذي تسببه على الشعب العراقي. ٢- عدم تبني المؤسسة الدينية لمشروع ينهض بالمنبر ووضع ضوابط تحدد مسيرته.
٣- انخراط اغلب السياسيين من اصحاب الامكانات المادية والفضائيات التي يمكن ان تساهم في الوقوف امام التدهور الحاصل، خصوصا وأنهم صدعوا الرؤوس فيما سبق بدعوات اصلاح الخطاب الديني والحسيني على وجه الخصوص، انخراطهم في معادلة حساب الربح والخسارة حيث اضحى ما يهمهم من كسب أصوات الناخبين اهم من مسألة المشاركة في إصلاح المنبر الحسيني حتى تحول بعضهم الى مروج لما كان يطالب يوما بإصلاحه!!!
٤- تقاعس الحكومة عن تبني مقررات تضبط إيقاع الخطاب الديني وتجرم خطاب الكراهية والطائفية حماية لمواطنيها وحرصا على التعايش السلمي والأمن المجتمعي. اذ ليس من المعقول ان يبقى العراق ساحة مشرعة لمن هب ودب ان ينفث سموم حقده وعقده النفسية وتخلفه لتتحول الى مفخخات ضحيتها المواطن البريء.
وفي الختام لابد من الإشارة الى ان الذين تعرضوا للمرحوم الشيخ الوائلي وهتفوا بسبّه في يوم عاشوراء وعند ضريح الامام أبي عبد الله الحسين (ع) لاشك ان ورائهم صاحب مشروع وان لم يكن موقف صارم من ذلك ولَم يوضع حد لمثل هذه الانتهاكات فلن يتوقف اصحاب هذا المشروع الخبيث عند الشيخ الوائلي بل سيتعدون الى غيره من رموز الأمة وعلمائها.
ثم أعطى الحديث الى نجل الراحل الوائلي الاستاذ محمد حسن متناولا محور الحياة الحافلة بالعطاء لوالده الفقيد لأكثر من ستة عقود من الزمن وتقديمه لمفاهيم متجددة على مرور الزمن من خلال المحاضرات القيّمة والفكرية التي طرحها بلغة يفهمها الجميع فكان يخاطب المثقف والعامل والمرأة ذكر حادثة مرت بالشيخ المرحوم عندما في بداية مشواره وصغيرا في السن فحضر الى مجلس عزاء عند مرجع الطائفة انذاك الامام الحكيم فطلب منه ان يقرأ مجلسا وعند الانتهاء من مجلسه مسح السيد الحكيم على رأسه وشجعه كثيرا على الاستمرار في القاء المحاضرات الدينية من خلال المنبر الحسيني فقال حينها الشيخ
عندما مسح السيد الحكيم على رأسي شعرت ككأني اطير في السماء ما اعطاني الاندفاع من اجل الخوض في غمار الفكر والمعرفة والبحث من اجل خدمة علوم اهل البيت ع ،، ولذلك انطلق الفقيد بكل ما يستطيع من اجل طرح المفاهيم الصحيحة الى عامة الناس فاعتمد في كل محاضراته الدخول الى المحاضرات من خلال الايات القرآنية وكان بذلك اول من يستخدم الاية القرآنية كمدخل للمحاضرة الحسينية والاستدلال بمفاهيمها ليثبت ان الثورة الحسينة مرتبطة بالقرآن الكريم وان الحسين ع ثار على الطغيان من اجل القرآن وتصحيح مسار دين جده الذي حاول الامويون ان يحرفوه عن طريقه وهو بذلك أسس بشكل كبير الى أن يأخذا المنبر الحسيني مسارا علميا صحيحا يتبع الحوار حتى مع المخالفين لمذهب أهل البيت ع فكان المنبر مناظرة عميقة لديه مع الاخرين.
وبعد هذا الحديث تم عرض فيلم عن حياة ومحطات العلم والمعرفة والعطاء للشيخ أحمد الوائلي رحمه الله .
ثم أعطى مدير الندوة الحديث للشيخ الدكتور عبد الزهرة البندر ليتناول محور الفكر القرآني في طروحات الشيخ الوائلي حيث أشاد كثيرا بما قامت به ال رابطة بهذه الخطوة من عقدها لتلك الندوة في وقت صمت فيه الاخرون عن الوقوف الى جانب الشيخ الوائلي رحمه الله وما تعرض له حيث قال الشيخ البندر ( يمثل اقامة الندوة الفكرية من قبل رابطة الشباب المسلم خطوة متميزة بالوقوف الى جانب الحق والانتصار لرائد الخطابة الواعية المرحوم الشيخ الوائلي.
ان اثارة وافتعال الخلاف الفكري داخل البيت الشيعي يمثل اساءة مقصودة لاثارة البلبله في هذا الوسط علما بان اهل البيت عليهم السلام بذلوا جهودا جباره لارساء قواعد العقيده الاسلامية في داخل الوسط الشيعي
ولقد وضع اهل البيت منهجا متميزا وصلبا لبناء الشخصية الشيعيه وان التفريط بهذا المنهج يفتح الباب على مصراعيه للممارسات الكيفيه على مستوى القول والفعل وهذا المنهج يقوم على بناء العقيده بعيدا عن الاستغراق في الاشخاص وانما بتشخيص الخط الذي يمثله هولاء.
ولهذا يتم توجيه الأمة الى استهداف رأس الانحراف الذي يمثله الحاكم وتجريده من اي صفه شرعيه يدعيها وقد كلفهم ذلك ضريبه عالية جدا.
ان الحديث عن الاتجاه القراني في منهج الخطابة لدى المرحوم الشيخ الوائلي يمثل مدرسة فصلت بين مرحلتين مرحلة تقليدية وهي مرحلة أولى واسست لمرحلة ثانية جديدة تمثل مرحلة الطرح الواعي الذي يعتمد المفهوم القرآني اساسا له واستطاع ان ينشيء جيلا يتسلح بالثقافة القرانية الواعية.
ان النيل من هذه الشخصية المتميزة هو اعتداء على القيم وتوهين للنهج الذي اختطه اهل البيت عليهم السلام.
كما تخلل اللقاء قصيدتين سريعتين للشاعرة سحر الخفاجي وشاعر لبناني السيد رشيد معطي في رثاء الشيخ الوائلي وعلى أثرها تم فتح النقاش والاسئلة التي تنوعت جميعها للوصول الى هدف معين واحد وهو الوقوف بوجه هذه الخرافات والقائمين عليها ولابد من موقف للحوزة العلمية في النجف الاشرف وكذلك المؤسسات الحكومية أن تأخذ دورها بذلك لردع هؤلاء المتطاولين على الرموز الشيعية كما طالبت بعض هيئات المواكب الحسينية من مجلس رابطة الشباب المسلم برفع مذكرة احتجاج الى المرجعيات.الدينية والمؤسسات الحكومية العراقية بالوقوف بوجه هذه الهجمة المغرضة وشجب ممارساتها الخارجة عن الدين والمذهب .