23 ديسمبر، 2024 11:07 م

الشيخ الكبير محمد علي اليعقوبي ت 1965 وطقوس إيذاء الجسد

الشيخ الكبير محمد علي اليعقوبي ت 1965 وطقوس إيذاء الجسد

رابطة العلم بكت   عميدها المهذبا
ذاك ابو موسى الذي   رثته كل الادبا
أرخت باكياً له    ( مات كبير الخطبا )
الشيخ كاتب الطريحي
ما اظن ان شاعرا فيمن نعرف من الشعراء اخذت منه قضايا العرب على اختلاف مواطنها ما اخذته في شعر الشيخ محمد علي اليعقوبي هذا الشاعر الجليل .
السيد محمد تقي الحكيم
حياتك كلها غيث عميم  ولفظك كله در نظيم
ونثرك يملا الاجواء طيبا   كان حروفه عطر شميم
مربي الجيل انت وكان حقا رثاؤك ايها الرجل العظيم
تذيع على الورى ستين عاما    دروسا نهجها جزل قويم
الشهيد السيد جواد شبر
قال المؤرخ الثقة ورائد القصة العراقية والشاعر المبتكر واليهودي العراقي الوطني الاستاذ مير بصري رحمة الله عليه :
ومن لطيف شعر اليعقوبي
من عادة الناس للأصنام تعبدها   من حطَّة الناس لا من رفعة الصنم

ستظل ذاكرتنا الحضارية لمدينة النجف مدينة لهذا الامام الملتزم دينيا المتنور روحيا ً ! فقد ساند الامامين الكبيرين السيد الموسوي في النجف والسيد الامين في لبنان ! ولم يبال وهو عميد المنبر الحسيني باتهامه بتهم صفيقة ! وبلغ الامر بالغوغاء ان اتهوا اليعقوبي بالتيار الاموي ووصفوا خصومه بالتيار الحسيني ! ودارت عجلة الزمن ليكون اليعقوبي في القمة ويتنزل خصومه منزلة الحضيض ! لقد كان اليعقوبي ؤمنا بان سكوت المرجع الكبير عن الطقوس الاعجمية مثل التطبير ( تشقيق الراس بالسيوف الصقيلة الثقيلة ! ) والزنجيل ( ضرب المتنين والظهر واحيانا الراس بآلة تتكون من مقبض تتفرع منه سلاسل مثخنة بالشفرات الصغيرة ) واللطم ويتم بتعرية القسم العلوي من الجسد ومن ثم الضرب عليه باليدين مفتوحتين او مجموعتين حتى ينزف الصدر دما عبيطا ! او ان يمشي اصحاب العزاء على الجمر زاعمين ان النار لاتحرق اقدامهم !! فضلا عن وضع قصص وحكايا على اليوم العاشر بحيث ابتعدت ثورة الحسين الشهيد عليه السلام ابتعدت عن العِبْرة وانغمست بالعَبْرة ! والمتتبع لتاريخ عاشوراء العربي لن يعثر على هذه الممارسات المجوسية الاعجية ! كان المراجع الكبار من نحو السيد محمد سعيد الحبوبي والسيد ابو الحسن الموسوي يثقفون الناس باتجاه ان الحسين الشهيد دخل الجنة منذ لحظة فصل راسه الشريف عن جسده ! ويسمونه الشهيد السعيد ! وكان شيعة الاندلس والمغرب يلبسون الملابس البيض المعطرة ويحكون معركة الطف وصفا واقعيا بحيث يبدوا الحسين بطلا  واقعيا وليس بطلا اسطوريا ! وكان الشعراء في الاندلس وشمال افريقيا  يتنافسون على مديح الحسين وتبيان فضائله ويدعون الناس للترحم  عليه وقراءة سورة الفاتحة ومازال الناس في الشمال الافريقي يلبسون الملابس الجديدة ويطبخون ويثوبون للحسين وحين يتصافحون يقولون مبروك عويشيرتك ! وقد ظن بعض الدارسين المكتبيين ان هؤلاء فرحون بمقتل الحسين الشهيد وهو ظن فيه ظلم كبير لشعوب مشرقة كانت مهدا للجكم الفاطمي قرونا رغم ما حاق فترة الحك الفاطمية  من طقوس غريبة تكرس الحفاظ على كرسي الحكم قبل ان تكرس القيم السمحاء ! وحين سقطت الدولة الفاطمية بمؤامرات ومكائد المماليك ذوي الحس الطائفي السلفي ! والغريب ان الدولة الفاطمية طعنت من الخلف وهي قاتل من اجل القدس ! وعودة الى الشيخ اليعقوبي يطيب لنا ان نبتهل الى الله ان يحشر الشيخ اليعقوبي مع الاولياء والصديقين فقد قاتل الاستعمار والمحتل كما قاتل الحاكم والمستغل ا قاتل الطقوس الاعجمية التي حقن بها الجسم الشيعي وخدرته ! الشيخ اليعقوبي عربي عراقي نجفي ! دعا كل حياته الى النهج القويم وحارب الخرافة كما حارب الاثراء   بالمنابر الحسينية وطقوس البكاء ولا احسب ان مقالة واحدة ولا كتابا واحدا سيفي هذا الامام الفطحل حقه ! فقد بلغ من حقد اعدائه على دعوته التنويرية انهم كانوا يلقون بثعلب على مجلسه ! او يشاكسونه في اطروحاته فضلا عن بث الاشاعات المسمومة ! الشيخ الكبير محد علي اليعقوبي شخصية تعلق بها العراقيون سنة وشيعة مسيحيين ويهود !! قال مير بصري ..( يهودي عراقي وطني ورائدالقصة العراقية ومؤرخ موسوعي وباحث اكاديمي وشاعر عذب ) يقول مير بصري :  ولا انسى سفرة لطيفة الى النجف وربوع الفرات قمنا بها في شتاء 1950 برفقة الصديقين مصطفى جواد واحمد حامد الصراف فصحبنا الشيخ محمد علي اليعقوبي الى كربلاء وكان الطريق وعرا غير معبد كثير الغبار تثيره عجلات السيارة فيملأ الخياشيم ويعلق بالوجوه والثياب لكننا قضيناه نستمع الى لطائف اليعقوبي وبدائعه الشعرية والنثرية حتى بلغنا مدينة الحسين ولم نكد نصدق اننا قطعنا تلك المرحلة ولم نشعر بمزعجاتها ولعلها كانت المرة الوحيدة التي رضي فيها الصراف وجواد ان يفسحا مجال الكلام لغيرهما  فلا يحتكراه ويستأثرا به على جاري عادتهما .
وفي موضع ثان  يبين مير بصري اهتمام اليعقوبي بالوضع العربي  وحين بلغه مثلا خبر وفاة الزعيم المصري سعد زغلول كتب يرثيه :
يامصر ما لصباح شعبك حائل   غربت ذُكاك وبدر سعدك آفل
يامصر ما نزلت حماك كهذه   طخياء جاد بها القضاء النازل
عصفت على مصر فمالت دهشة   هضب الشآم لها وماجت بابل
ماخص هذا الرزء شعبك وحده   لكنه لشعوب يعرب شامل
فجعت بنوك بمنقذ ومحرر  وأب يكافح دونها ويناضل
ذهب المؤمل والزعيم المرتجى    فاستيأس الراجي وخاب الآمل
ياقطب دائرة السياسة كلها   طاش الحليم بها وحار العاقل
ما قمت عن مصر تجادل وحدها بل عن جميع الشرق قمت تجادل
انظر عبد الاله الصائغ مير بصري وداعا
ويواصل مير بصري رحمه الله رسم مشهد بانورامي لصديقه الشيخ اليعقوبي فيقول : ويتسم شعر اليعقوبي بنزعة انسانية فقد نشأ بين الشعب وعاش في ازقتهم وشارك في سرائهم وضرائهم فلا عجب ان رثى لحال فقيرهم ومريضهم وجاهلهم انظر الى قوله :
ياشعب ما اكثر هذا العنا    من ها هما طورا ومن هاهنا
قد علقت فيك فلا منقذ  مخالب الفقر وناب الضنا
خطب عظيم الوقع لكنه   يراه من لم يعنه هينا
الم كالضيف ثقيلا اما    آن لهذا الضيف ان يظعنا
في مدن الشعب واريافه   ما شط منها نائيا او دنا
ما اكثر الشاكين لو انهم    تمكنوا ان يطلقوا الألسنا
من ير اهليك وما نالهم    لم ير إلا منظرا محزنا
وكم لذي الفقر بجنح الدجى    من لوعة ما ذاقها ذو الغنى
مستعذبا من دون آلامه   وِرْد المنايا وهي اقصى المنى
يكتم ما فيه لفرط الإبا    والبؤس يبدي سره معلنا
ياموطنا كنا سعدنا به   دهراً فاضحى للشقا موطنا
حملت اعباء الخطوب التي   تكاد منها الهضب ان توهنا
تئن من سقم ومن فاقة    هل غاية الحالين الا الفنا . إ. هـ
وانظر كتابتنا عن رائد الصحافة العراقية يوسف رجيب كيف كان يوسف رجيب ابن النجف ذا افكار تقدمية تنويرية تقترب في زماننا هذا من مصطلح اليسار ! ويفترض كما يشيع بعض الجهلة ممن ابتلي بهم الدين والنجف معا يفترض ان يفرح اليعقوبي لموته ويضحك بــ ( عِبْه ) لكن مصلحة الوطن هي مقياس النزاهة قبل غيرها قارن شيخنا اليعقوبي كيف يبكي يوسف رجيب :
ما مر ذكر اؤلي المكارم والوفا  إلا وكنت لذكرها عنوانا
أولست في الأحداث أربط منهمو  جاشاً واثبت في الخطوب جَنَانا
لك نفس حر للعلى وثابة   تستصغر الاهوال والحدثانا
كم موقف  قد كنت اشجع واقف  فيه وكان سواك عنه جبانا
لا قستُ فيك معاشرا لم يعرفوا   للفضل مقياسا ولا ميزانا
العابدين هياكلا منصوبة   كالجاهلية تعبد الأوثانا
جهلوا مبادئك التي ما شابها   دنس فكنت اجل منهم شانا
كم محنة للشعب غضوا دونها   طرفا وكنت الساهر اليقظانا
فمضوا وسلطتهم مضت في إثرهم   وبقيت انفذَ منهمو سلطانا
وتركت دنيا لم تدع من وفرها   إلا الثنا والمجد والإحسانا
رحمك الله يا ابا موسى ما كان احوجنا اليك في محنتنا اليوم ونحن نحترق بنار الاحتلال فيشفطنا عملاؤه  ! ما كان احوج النجف الاشرف وهي تتزين مثل عروس الملائكة لكي يضع العالم تاج العاصمة الثقافية على راسها ! بالله عليك يا ابا صديقنا الشيخ صادق ماذا كنت ستقول !!
اما صديقنا المشترك المؤرخ الكبير والناقد الاجتماعي الخطير رائد القصة العراقية ومبدع ( في قرى الجن ) الاستاذ جعفر الخليلي مؤلف ومترجم ديوان من خمائل الادب الفارس ومؤلف موسوعة العتبات المقدسة ومؤلف كتاب كنت معهم في السجن ومؤلف موسوعة هكذا عرفتهم  فهو يقول في الشيخ محمد علي اليعقوبي ! انظر مقالتنا عن الرائد جعفر الخليلي يقول الخليلي نور الله ثراه … تعود بي الذكرى الى سنة 1929 يوم منت اصدر جريدة الفجر الصادق في النجف الاشرف ويوم بلغت الخصومة بيني وبين الخطيب المرحوم السيد صالح الحلي اشدها فانعكست في هجوم عنيف على لسانه والسنة الخطباء الآخرين من تلامذته ومؤيديه فوق اعواد المنابر وفي هجوم عنيف من قلمي فوق صفحات جريدة الفجر الصادق وكانت هذه الخصومة من ذيول المعركة التي كان سببها تحريم السيد محسن الأمين الضرب بالسيوف والسلاسل في ايام عاشوراء والذي أيده المرجع الروحاني الكبير السيد ابو الحسن الأصفهاني ( انظر مقالة الصائغ في هذه المرجعية الحضارية ) فانشق الناس الى حزبين حزب مشى وراء دعوة الأمين في تحريم هذه هذه المراسيم فسمي هؤلاء بالأمويين !! وحزب شجب هذه الدعوة وكفَّر معتنقيها ودعا بالويل والثبور(  لمحرمي السلاسل والتطبير ) فسموا بـ ( الحسينيين ) تمجيداً لهم وكان يقود هذه الحركة السيد صالح الحلي صادعا ً بأوامر كان يتلقاها من مراجع دينية أخرى هي والسيد ابو الحسن على خلاف كبير بسبب ( التنافس على )  المرجعية وكنت انا ( جعفلا الخليلي ) من ( الأمويين ) وعلى ان العاصفة كانت قد هدأت بانتصار جماعة الحسينيين ولكن بقايا لها دفعت بي الى ملاحقة السيد صالح الحلي وتعقيبه وتأليب القراء عليه فيما كنت انشره في جريدتي الفجر الصادق واشتد صالح الحلي في غلوائه وأخذ منه الغرور وهو الخطيب البارع العارف بكيفية استهواء الجماهير وجلبهم حتى تناول الأصول والاجتهاد بالنقد والتعريض الأمر الذي كبر على السيد ابي الحسن وعده خروجا على نواميس المذهب فحرَّم ( في فتيا خطية ) استماع محاضرات السيد صالح والجلوس تحت منبره ولكن مثل هذا ( الإجراء ) لم يكن كافياً لمنع الناس عن حضور مجلسه خصوصا وان مراجع اخرى كانت تؤيده ثم ان السيد صالح الحلي خطيب فذ وعلى جانب كبير من اللياقة واللباقة ومعرفة مواضع الكلم وكان لمن يريد ان يخرج السيد الحلي من الميدان ان يأتي بمن يسد هذا الفراغ ثم يدعمه بالفتيا والتفت الملتفون ( حول السيد ابي الحسن ) الى جميع الجهات فلم يجدوا شخصاً تتوفر فيه هذه المزايا غير الشيخ محمد علي اليعقوبي الذي اختبر بعض الاختبار من ( خلال ) تردده على النجف والقراءة فيها بعض الأحيان , وعرف البعض ملكاته ….. إ. هـ
لاحظنا ان (بعض ) رموز المرجعية عهد ذاك كانت يعتمد وسائل بعيدة عن اخلاقياتها من اجل الاستحواذ على كرسي القيادة ! وإلا كيف نفسر صبغ الصراع بين هؤلاء الأعلام بصبغة الصراع بين المرجعية الفارسية ممثلة بالسيد ابي الحسن والمرجعية العربية ممثلة بالشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء ! لكن تخندق مرجعية عربية بوزن السيد الأمين افشل المخطط !! فكان لابد من البحث عن مسوغ ثان للصراع المؤلم ! وكان في نظري ان الشيخ الكبير كاشف الغطاء اقرب العلماء الى فكرة نبذ التطبير والسلاسل لأنها طقوس دخيلة وروادها اعاجم ! وكان السيد ابو الحسن كما يفترض مع فكرة تكريس الطقوس الفارسية لكن الاسلحة كانت تتبدل من مكان لآخر ومن زمن لثان !! ولم يكن المرجع الكبير السيد ابو الحسن ليصطنع ذلك الموقف الاستباقي من التطبير فقد تخندق معه علماء كبار وشخصيات مؤثرة امثال الشيخ محمد علي اليعقوبي وهو عربي قح والمؤرخ والاعلامي والشخصية الجذابة جعفر الخليلي والامام المؤرخ صاحب الذريعة الى تصانيف الشيعة الشيخ اقا بزركَـ الطهراني النجفي فضلا عن الشبيبة عهد ذاك من نحو محمد صادق القاموسي وصالح الظالمي ومصطفى جمال الدين واحمد الوائلي وجميل حيدر وناجي جواد الساعاتي وهؤلاء كانوا يتخندقون مع انموذجهم العظيم الشيخ محمد رضا المظفر الذي دعا الى ثورة في دروس الحوزة وطقوسها ! بمعنى ادق ان تيار كراهية طقوس التطبير والضرب بالسلاسل انما هو تيار عروبي صليب نادى به الامام المؤرخ السيد محسن الامين فشجعه ابتداء السيد ابو الحسن بوصفه كبير المرجعية وهكذا كانت اصول الصراع ان يركز على السيد الاصفهاني الموسوي والتغاضي بعض الشيء عن السيد الأمين !والسؤال كيف تحدد دور الشيخ محمد علي اليعقوبي من تصنيف المجتمع الحوزوي الى امويين وحسينيين وهو تصنيف مروع يقترب من فكرة الارهاب في زماننا  هذا وحقا لقد ذبح   هؤلاء المعادون  الارهابيون للسيد ابي الحسن  نجله الاكبر وقرة عينه ووريث علمه السيد محمد ووضعوا راسه في حضن ابيه خلال صلاة الجماعة فما زاد والد الشهيد عن الحوقلة ( لاحول ولا قوة الا بالله العلي العظيم ) وواصل صلاته ! الثمن باهض وهكذا هجم الغوغاء على بيت الشيخ اغا بورك وكان قريبا من بيتنا ( قصر السيد علي الصائغ ) وضربوه بعرض البلطات وركلوه حتى اغمي عليه فظنوه ميتا فتركوه !! اذن الشيخ ابو موسى اليعقوبي لم يحسبها بحساب الربح او الخسارة بل حسبها بحساب الصح والخطأ ! بحساب ارضاء الجماهير المسيرة الغاضبة التي لايقف بوجهها اي واقف على حساب اغضاب الله ‍ ! نعم نعم اختار شيخنا التخندق مع الاصفهاني والامين وبزرك وهم اساتذته الكبار !! فما اجدر بمدينة النجف العظيمة وهي في بهائها الثقافي العالمي ان تسمي الشارع الذي فيه بيت  الشيخ محمد علي اليعقوبي  باسمه وتضع تمثاله مدخل المدينة او في ساحة كبيرة وتجعل من بيته متحفا يضم مخلفاته يقوم عليه دليل يشرح سيرة اليعقوبي بالانجليزي والفارسي والعربي وليس ذلك بكثير على مروءة مدينتي الباسلة !! كيف تخندق اليعقوبي مع التيار الأموي ( كذا ) ؟؟ يقول استاذي وصديقي وصديق والدي جعفر الخليلي ما نصه ….
… كان الشيخ يومذاك يقيم في الحيرة – الجعارة سابقا – واهل الجعارة معروفون بحسن اختيارهم للخطباء وتمسكهم بهم وكان الشيخ محمد علي قسام خطيب الثورة العراقية من خطباء الجعارة ومن ساكنيها قبل اليعقوبي ولم ينتقل منها الا بشق الانفس كما يقولون لذلك لم يكن انتقال الشيخ اليعقوبي من الجعارة الى النجف سهلا على رغم انه لم يكسب بعد الشهرة التي كسبها الشيخ قسام والسيد الحلي فتضافرت الجهود مدعومة برغبة من المرجع الروحاني السيد ابي الحسن   لتحمل اليعقوبي على ان يجمع بين مجالس النجف ومجالس الجعارة وان يعطي النجف اكبر حصة من المجالس وكانت جريدة الفجر الصادق من اشد الداعين الى اليعقوبي ومروجي اسمه والتعريف به ومن هنا بدات معرفة النجف ومعرفتي انا باليعقوبي بصورة واسعة ولم يمر بعض الوقت حتى اضطر اليعقوبي بداعي كثرة مجالس النجف والكوفة التي شعرت بخطورته الادبية والتاريخية الى الانتقال من الحيرة الى النجف وبدا نجم صالح الحلي بالافول كما بدا نجم اليعقوبي بالصعود وهو يتلألأ ويشع اكثر يوما بعد يوم على الرغم مما كان يوجهه السيد صالح الى اليعقوبي من نقد وتنديد يفرغه في صراحة مرة وفي كناية مرة اخرى .ص 147 فقد كان السيد صالح سليط اللسان جريئا يخشاه اجرا العلماء وكان الشيخ محمد علي اليعقوبي مسالما عف اللسان بعيدا عن اللمز والغمز لذلك لم تبد منه ولا كلمة شائنة في حق السيد صالح فيما كان يبهر اليعقوبي حضار مجلسه باطلاعه الواسع ووقوفه التام على التاريخ الاسلامي وتاريخ الادب وقد كان اليعقوبي موهوبا وكانت له ملكات طبيعية ممتازة تضافرت على رعايتها وصقلها واخراجها الى حيز الوجود تنشئته التي تولاها ابوه الشيخ يعقوب الذي كان هو الاخر من خطباء الحلة الموهوبين البارعين ودعمه هذا الغرام العارم بمطالعة الكتب والدواوين حتى كون منه شخصية فذة !! قال الشيخ محمد علي اليعقوبي وذلك حسبه وحسبنا :
سرائر ودٍ للنبيِّ ورهطهِ
بقلبي ستبدو يوم تبلى السرائرُ
وعندي مما قلتُ فيهم ذخائرٌ
ستنفعني في يوم تفنى الذخائرُ
اليعقوبي اذا اختصرناه في صفة واحدة دون ان نجور على صفاته الأخرى : الشاعر الخطيب المؤرخ المناضل الظريف ! دون ان نبخسه حقه ودون ان نطلق الرصاص على مروءة مقالنا ونحن ندمث مقالاتنا ومكابداتنا احتفاء بالنجف القدسي عاصمة للثقافة التنويرية العالمية ! الشيخ اليعقوبي اذا اختصرناه في صفة واحدة فهو معلم ! الصورة الفنية لشيخي اليعقوبي نور الله ثراه رسمها تلميذه السيد الدكتور الشاعر مصطفى جمال الدين دون ان يسميه :
ومعلمٍ لم يدر شارب كأسه   ماذا يقطِّعُ من حشاهُ ويعصر
هو الشيخ محمد علي بن يعقوب بن جعفر بن محمد حسين اليعقوبي الحلي !! الشيخ  اليعقوبي ! أهو نجم ساطع عصيٌّ على الأفول  ؟ ام هو نجم تشكَّل في النجف ثم سطع على العالمين العربي والاسلامي فلاقى القبول ! هل مات اليعقوبي ميتة تشبه ميتات من حاكوه في الزي والمنهج ؟  الجواب ان اليعقوبي عالم مغاير مكتظ  بالجمالات والبطولات مكتظ بالحيوية والحركة والتزود بالعلم ومن ثم توفيره للناس !! لذلك فهو حين مات صار بالموت عصيا على الموت ! الشيخ اليعقوبي الكبير قلعة وسيعة منيعة دونها قلاع القرون الوسطى ولكنها ورغم انها بلا ابواب فليس بمقدور العجلان الزعم بانه دخلها وتعاشق مع ملامحها ! قلعة لايحق لأحد دخولها مالم  يعرف طلسم الدخول ‍ ! او يبقى خارح القلعة او تبقى القلعة قصية عنه ! محمد علي اليعقوبي فما  هو طلسمه ؟ قارن معي ان طلسمه ربما يكون واحدا من الصفات التالية ! ربما .. اليعقوبي الشيخ ام الشاعر ام  الخطيب ام المنبري الحسيني ام المناضل ام الوجه الاجتماعي ؟ ام المؤرخ ام النجفي اك العراقي ام العلم الشرقأوسطي ؟ ام الظريف ام المشاكس ؟ ما رايكم لو قلنا ان طلسم دخول قلعة اليعقوبي الكبير هو كل هذه الاسماء وزيادة عليها !!! ما رأيكم لو نختار لكم واحدة من طرائفه مفتتحا ؟ لابأس اتفقنا ! الكوفة رغم انها تشرب من شط  الفرات بيد انها لاتمتلك مشروع اسالة ؟ بعض المدن ليست ثغورا لكنها  تمتعت بمشاريع إسالة ! وحين اصبح السيد حسن  الجواد قائمقاما لقضاء النجف  حقق حلم بادر الى تحقيق حلم كوفي مشروع في حياته  وهو في جعل الكوفيين يشربون ماء صافيا معقما !!فاكتمل في عصره مشروع اسالة ماء الكوفة ! فدعا علية القوم في احتفالية الافتتاح وكان من بين الحاضرين جمهرة من علماء الدين والادباء والشعراء  والسياسيين ولم يكن من المألوف ان لايدعى الشيخ  اليعقوبي في الاحتفالات الراقية التي يحضرها علية القوم ! فإن لم يره المدعوون تبرموا  وربما استاءوا ! اعلن عريف الحفل ان  كلمة اليعقوبي الكبير جاء دورها باعتداد اليعقوبي مسك الافتتاح ومسك الأختتام ! فنهض اليعقوبي وسط تصفيق المحتفلين وكان اول شيء فاه به اليعقوبي هذين البيتين المغايرين لروح المناسبة لكن ظرف اليعقوبي معروف وما يفعله لايستطيع غيره محاكاته ! قال الشيخ محمد علي اليعقوبي مخاطبا مدير قائمقام النجف ومدير ناحية الكوفة ومحدجا  في وجوه المجتمعين الكوفي والنجفي  وهم اصدقاؤه بتشف :لاتُعِرْ أهلَ كوفةَ  الجندَ أذْناً    ودعِ القومَ يهلكون ظماءَ
كيف تسقي يا ابن الجواد اناسا حرموا جدك الحسين الماءَ
وكان رحمه الله مهابا محترما لايجرؤ في مجلسه احد بالكلام  قبل ان يتكلم هو لكنه كان متواضعا ومن اجل ان يزيل الارباك عن محدثه يحكي له نكات عن نفسه ! اتذكر ان الشاعر البصري الكبير الشهيد محمد طالب محمد البوسطجي قد زارنا في النجف وكان صديقا لشقيقي الصغير الدكتور محمد الصائغ والصديقين الحبيبين حامد البغدادي رحمه الله وشاكر البغدادي وكان اخي قد تخرج للتو طبيبا بيطريا والحقوق في خدمة الاحتياط ! الشاعر البوسطجي معروف بكونه شاعرا شيوعيا لكنه كان ميالا لسبب اجهله الى مصادقة رجال الدين والعلماء ! واذا كنت قد تعرفت على البوسطجي وانبهرت بشاعريته وثقافته وادبه الجم فقد استجبت الى رغبته في ملاقاة الشيخ اليعقوبي وكان الشيخ صادق نجل اليعقوبي الصغير زميلنا في متوسطة الخورنق في النجف وصديق اخي محمد وتربه  فعرضنا رغبة البوسطجي على صادق فقال اعطوني وقتا افاتح فيه الشيخ الوالد ! وفي اليوم ذاته جاءنا الشيخ صادق وقال ان ابي دعاكم على الغداء في السرداب ! وهكذا انطلقنا الى بيت الشيخ اليعقوبي وكان رحمه الله هو الذي فتح لنا الباب وهذا شرف لم يحظ به كثير من زوار الشيخ ! يمكن القول ان ابا موسى كان يميل الى الشباب كثيرا وقد اخذ معلومات من صادق عن عبد الاله فقال له رياضي يكتب الشعر ومحمد الصائغ طبيب بيطري احتياط ومحمد  البوسطجي فقال له شاعر بصراوي شيوعي وعن شاكر انه فنان وعن حامد  انه محدث لبق !  وربما عرف من خلال ابنه ملامحنا والدليل انه حين صافحه البوسطجي واراد ان يقبل يده امتنع ضاحكا وقال له يبدو انك من خلقك وتهذيبك سوف تجعلني اتعاطف مع الشيوعيين فقال له الشهيد البوسطجي رحمه الله شيخنا اليعقوبي شنو تتعاطف انا اريدك ان تكون شيوعيا وتدفع اشتراك فضحكنا كثيرا حتى شرق الشيخ بالضحك ! ثم التفت على اخي محمد وقال له انها فرصة عظيمة ان يزورني طبيب بيطري لكي اعرض عليه وضعي الصحي فاستحى اخي محمد واخذت عيناه تستنجدان بصادق فقال اليعقوبي شبيك دكتور تباوع على صادق انني جاد جدا في قولي واذا شفيتني فسوف ادفع لك اجرا عاليا ! فقال اخي العفو شيخنا فقال ياعبد الاله فهم اخوك الزغير اذا كان طبيب البشر عجز عن شفائي واذا كان طبيب الجن والسحر عجز عن شفائي فمن حقي بعد هؤلاء ان اعرض نفسي على ولدنا الدكتور محمد  ثم ضحكنا حتى نسينا ان الغداء في السرداب بانتظارنا ! وفي اوراق الشيخ اليعقوبي من الطرائف مايسع مجلدات في الظرف والاريحية لكننا سنكتفي بهذه الحكاية ! كان الشيخ محمد علي اليعقوبي يقرأ بعضا من ليالي عشرة عاشور في بيت السادة البو زوين وهم ليسوا وجهاء الحيرة فقط بل هم وجهاء العراق وكان خلف بيت  البو زوين خربة مهجورة فكمن له بعض الصبيان المناكفين او المكلفين من حساده !  وخلال قراءته واحتدام الموقف البكائي الحزين القوا ثعلبا عبر الجدار علي بيت القزويني فوقع على الجلاس فتفاجأوا بهذا الموقف غير المتوقع  فهرب من هرب  ولبث من لبث  فخرج الشيخ اليعقوبي بذكائه الخارق من هذا الموقف المضحك والمؤلم معا ! فاعرب الشيخ كالعادة عن رباطة جأشه وحضور بديهته فامسك الشيخ اليعقوبي بالثعلب وخاطبه كأنه يعرفه : قل لمن بعثك الينا  ان يكف عن خزعبلات لاتجدي !  والثعلب كان من خوفه  يهز راسه مرتعشاً كأنه يفهم كلام اليعقوبي ويوافقه عليه ! ثم امسكه واعاده الى الخربة فعاد الهاربون  واكمل الشيخ مفردات مجلسه الوقور المكتظ  !  وقرأ قصيدة عن الثعلب كتبها الشاعر والروائي الفرنس لافونتين وترجمها الى العربية شعر الشاعر احمد شوقي
برز الثعلب يوما   فى ثياب الواعظينا
ويقول الحمد لله       اله العالمينا
مخطىء من ظن يوما   ان للثعلب دينا
وطفق يتحدث عن طبائع الثعلب من مقتبسات حياة الحيوان الكبرى للدميري !! وتحول بطريقة مبتكرة الى موضوعه الجاد وتخلص من الحرج !! وفي احد الايام كان احد طلابه كبار السن ثخان البدن يحضر مجلسه ليتعلم ولكنه لفرط سذاجته كان ينتف شعر منخره فيوجعه فيصرخ ( آخ يايابه ) وبصوت عال فضحك الجمهور فنهرهم اليعقوبي بظرفه المعهود وخاطب طالبه ( لاتدير بال انتف على كيفك ) وخاطب الجمهور مبتكرا لهم مثلا بالمناسبة ( لاهم سوى هم الولف ولا وجع سوى وجع النتف ) . !!

شيخنا المفخرة ابو موسى وصادق ابصر النور في النجف اول جمعة من رمضان الفضيل  سنة 1313 هجرية وقد رافق والده وفق مقتضيات الحياة بين الحلة والحيرة  ! وحين استكمل درسيه الحوزوي والمنبري اسهم في دعم نضال العراقيين ضد المحتل الانجليزي ! وحين ثار العقداء الخمسة ومعهم رشيد علي الكيلاني كان يجهد  مع الدكتور ابراهيم حرج الوائلي في الدعاية للحركة العسكرية ضمنت مديرية الدعاية التي مان يراسها الوائلي رحمه الله !  وكان المتظاهرون يخطون اللافتات وفيها منتقيات من شعر اليعقوبي من نحو :  
بالشعب قد عاثت يد عادية فجددوها نهضة ثانية
 ياضربة الله باعدائه     كوني عليهم ضربة قاضية
واذا كان الامام السيد ابو الحسن الموسوي الاصفهاني قد بدا برنامجه التنويري وهاجت عليه الرعاع هياجا لم يسبق له مثيل في مدينة النور فاخذ السيد الجليل يراسل احبابه وطلبته ومريديه وفي الصميم الشيخ التنويري محمد علي اليعقوبي وبخاصة ان الروزخون ذا الجاذبية الجماهيرية الكبيرة السيد صالح الحلي انضم الى خندق اعداء السيد واخذ يشهر به من على المنابر ويشحن الراي النجفي العام بحجة باطلة ان السيد العظيم ابو الحسن فارسي مما اضطر السيد الموسوي الى تحريم حضور مجلس السيد صالح الحلي فاضطر الحلي الى تشفيع خيرة زعماء العراق لكي يرضى عنه السيد فزارته الوفود وقبل السيد صالح الحلي يد الموسوي وقيل انحنى على مداسه فاستغفر الله ومنعه من ذلك لكن السيد حين رفع عنه الحظر لم يعد مجلس الحلي الى طفحه القديم !  الشيخ اليعقوبيس  غادر الحيرة  قبل عائلته وانضم الى مجلس السيد ابو الحسن وشد من ازره! اليعقوبي كان حاضر البديهة سريع النكتة حتى ان مجالس النجف ومقاهيها كانت تستهلك الكثير من طرائفه ونكاته وتستعذبها !!
ولعل عصر الرابطة الادبية في النجف الذهبي هو عصر قبول الشيخ اليعقوبي لر ياسة الرابطة فقد كانت علاقاته مع ادباء العربية مما حقق للرابطة حضورا جماهيريا ونوعيا فضلا عن علاقاته بالعائلة المالكة التي تبرعت للرابطة تبرعات لايستهان بها مازال قسم منها في خزائن الرابطة ان بقيت تلك الخزائن !
اما مودته وصلته بآل البيت فقد كانت طافحة على لسانه وادبه واتذكر حينما اجريت له عملية جراحية لعينه في بغداد فقد زرته مع الخطيب الشهيد السيد جواد شبر ووجدناه حزيناً كئيباً لعدم تمكنه من زيارة امير المؤمنين لان المناسبة كانت ايام عيد الغدير فكان وهو مسجع على الفراش ينظم ويقول:
ابا حسن عذراً اذا كنت لم اطق
زيارة مثواك الكريم مع الناس
ولولا اذى عيني وراسي لساقني
اليك الولا سعياً على العين والرأس
ويقول في مناسبة اخرى في هذا الاطار:
قالوا نرى الايام قد ادبرت
عنك وزادت في تجنيها
فقلت حبي لبني المصطفى
خير من الدنيا وما فيها
وقد شهدت مكتبته رحمه الله بنفسي فيمكنني القول ان ربعها كان من اهداءات المؤلفين من مثل محمد جواد مغنية وعباس محمود العقاد وطه حسين ويوسف السباعي والياس قنصل والياس ابو شبكة والسيد الامين العاملي واغا بزرك وعلي الوردي …. الخ فضلا عن ان ربعها الآخر مخطوطات نفيسة او مصورات وكانت لمكتبته رحمه الله اشتراكات في مجلة العروة الوثقى والاديب والآداب وجامعة عليكره في دكن الهند  وكهف الاسكوريال في اسبانيا ومجلة الرسالة ….. ولاندري مصير هذه المكتبة الكنز بعد انتفاضة آذار 1991  فقد احرقت مكتبات عظيمة مثل مكتبة السيد الحكيم واغابزرك …  !! ويذهب بي الظن الى انه ربما اوصى بها الى مكتبة الرابطة الادبية في النجف التي كانت تحتوي على كتب مهداة من نوري السعيد والملك غازي … وكانت المكتبة تحمل كتبا عليها ختم ملكية للشيخ يعقوب 1853-1910  وهوشاعر وخطيب  ومناضل عرف بعرفانياته
ولم يكن اليعقوبي رغم صداقته  للعائلة المالكة بالساكت عن قول الحق حين يتصل بتلك العائلة المسكينة ! فكان ينقد ويهجو ويحتج ! ثم جاءت 14 تموز 1958  ودخل في خصومات مع الرئيس عبد السلام عارف وناصب طاهر يحيى رئيس الوزراء عهد ذاك العداء ! ولعل الذاكرة الشعبية تحتفظ بابيات من القصيدة الجرادية حين قرر يحيى مكافحة الجراد بالطائرات الزراعية واختراق اسراب الجراد ورش الغازات السامة التي تبيد الجراد فكتب اليعقوبي قصيدة جاء فيها :
فقولوا للوزارة وهي تبغي
مكافحة الجراد عن  البلاد
فهل كافحت في الحكّام رهطاً
اضر على البلاد من الجراد
ثلاثة ارباع القرن العشرين  والشيخ اليعقوبي شعلة من النشاط الابداعي والوطني والديني والاجتماعي لاتخمد !فارق الدنيا جمادي الثانية عام 1385 هجرية واقيمت له الفواتح في العراق وخارجه ! واقيمت اربعينيته في مسجد الهندي واسهم الشعراء والخطباء والسياسيون عراقيين وعربا  في الاحتفالية المهيبة  ومنهم السيد محمود الحبوبي
وكان ابنه النجيب والعالم الأريب الشيخ موسى (1926-1982 ) ناشطا اجتماعيا وداعيا تنويريا قد اشرف بنفسه على مجلة الايمان التي ظهرت في ظرف عصيب على بيت اليعقوبي والنجف والعراق ونعني الفترة من 1963-1968  ! الشيخ محمد علي اليعقوبي كان صديقا حمينا لرموز عصره من الأئمة والزعماء امثال العلامة السيد حسين القزويني والمجاهد السيد محمد سعيد الحبوبي والعلامة الشيخ علي كاشف الغطاء وولده الشيخ محمد الحسين والسيد رضا الهندي والشيخ جواد الشبيي وولده المرحوم الشيخ محمد رضا والشيخ محمد الشبيبي فضلا عن عمق صداقاته بالزعماء عبد الواحد آل سكر  وسيد نور الياسري والسيد محسن ابو طبيخ !
مواقفه الوطنية —————————-

لا اتذكر مناسبة دينية او وطنية او قومية دون ان يسهم فيها الشيخ اليعقوبي وكان المجلي في حلباتها شعرا وخطابة تشهد له بذلك كل مواقفه من حركات التحرير الوطنية في العراق وفي البلاد العربية الاخرى كفلسطين والجزائر وغيرهما
الزعيم الشيخ محمد مهدي كبه
حين انفجرت  الثورة العراقية في الفرات الأوسط  وتجاوب معها العراقيون خاض ابو موسى معارك نجا فيها من الموت باعجوبة وشارك في معارك قريتي الهاشمية   والحصين  وكان لايصغي لسوى هاجسيه الوطني والديني   وكان قد قال في ذلك واجاد :                                                       
أحـبـتنا بـسـاحات الـكفاح      ثـقوا بـالنصر فـيها والنجاح
سـمحتم  بـالنفوس لـها فكنتم      مـثـالاً  لـلشجاعةوالـسماح
زأرتـم  كـالأسود غداة رامت      تـروعـها الأعـادي iiبـالنباح
وكيف  تطيب في الدنيا حياة  الـ      فـتى  فـي ظل شعب مستباح
وخـير  مـن رجال في قصور      شـباب  يـستظل  شبا لصفاح
ومـا  سـيان كأس دم الأعادي      وكـأس طـلى يطاف به  وراح
كـتبتم  بـالدماء سـطور مجد      نـواصع  ما لها في الدهر  ماح
بها ابتهجت نواحي الشعب بشرا      (ولـندن)  مـنه باكية النواحي
فـان لـم ألـق بـينكم  حمامي      عـسى  احظى بتضميد الجراح
وغب خسارة الثوار العراقيين الحرب بسبب من الخيانات والعمالات وتظاهرت بريطانيا المحتلة الخاسرة بالرضوخ لمطلب العراقيين في الحرية وهي تهييء لهم ملكا على المقاس البريطاني فترك الامام السيد ابو الحسن الموسوي النجف مغاضبا وسكن الكوفة في شقة تطل على الفرات قريبا من مقام النبي يونس وقد شهدتها بنفسي وكانت تسمى في الخمسينات ( بالا خانة سيد ابو الحسن ) وكان برفقته تلميذه وصديقه الشيخ محمد علي اليعقوبي ثم طلب السيد الموسوي الاصفهاني من الشيخ اليعقوبي ان يغادر الكوفة نحو قصبات ابو صخير وبخاصة الجعّارة ( الحيرة) لحاجة الناس الى ممثل للسيد ابو الحسن فامتثل ابو موسى للطلب ! ولبث اليعقوبي في الحيرة منعما برعاية السادة ال بو زوين واستطاب اليعقوبي وعياله المقام هناك فما كان من مجالس النجف واحيائها الا ان تضج شوقا لليعقوبي  فاين مجالس النجف من شعر اليعقوبي وخطبه وظرفه ! وكتب اليه الشبيبيان محمد رضا ومحمد باقر كلا على حدة شعرا يستحثه بالعودة الى النجف فهي بحاجة اليه ! لكن اليعقوبي تريث في العودة فما كان من صديقه الشاعر محمد مهدي الجواهري الا ان كتب قصيدة مؤثرة جدا يطلب اليه ان يعود الى عشاقه النجفيين والى الشعر والشعراء !!
هـجرت  الـديار فقلنا العفاء         لـربـع الـسـرور وزواره
وبـت  بـليل لـفرط  الأسى         كـليل الـضجيع عـلى  ناره
وظـل يـحن فؤادي المشوق        لـذكـر  الـحبيب واخـباره
ولو بنت لابنت عن ذا المحيط      لـضـاق عـلـي  بـاقطاره
اطـلـت  الـمقام الا عـودة             تـحـيي الـغـري بـأنواره
لـعمري أسـاء إليك الصنيع          زمــان يـشـاب بـأكداره
كـذا  الدهر كم شاد من  خامل      وحــر تـصـدى  لانـكاره
عـلى الرغم تبدو وان رام أن      يـغطيك مـن مـوج  تـياره
تـنم بـطيب شـذاك الـبلاد        كـما  الـروض فاح  بأزهاره
بـعيشك  شاطر فؤادي الهموم    فـقد ضـاق صدري  بأسراره
فـمثلك يـنهض قطر العراق       ويـجـمع أشـتات  أحـراره
فـلا تـحرم الشرق من مقول         تــروع عــداه  ببـتاره
دعـوا ودعيت لنظم القريض      فـكنت الـسبوق بـمضماره
فـهل  أنـت تـغنمها  فرصة      فـتنهض قـطرك مـن  عاره
اسفاره الى الهند والباكستان ومكة لحضور المؤتمرات العلمية العالمية   
مؤلفاته المخطوطة والمطبوعة ————————–
تناهت اليَّ  اخبار سيئة حين كنت في جامعة الكوفة ان بعض مخطوطة الشيخ محمد علي اليعقوبي  واوراقه ومذكراته قد فقدت بعد استباحة الحرس الجمهوري الصدامي للنجف غب فشل انتفاضة اذار 1991  ولا ندري مصداقية هذه الاخبار ! وان كانت كذلك فاين مصيرها ان كان  قد عثر عليها ام هي مازالت في ضمير الغيب !  ومن ابرز تلك المخطوطات :
  وقائع الأيام وهو مطول سرد الحوادث في جزئين ثم هوامش وتعليقات على معجم البلدان لياقوت الحموي واعيان الشيعة للسيد محسن الاميني العاملي و عبقرية الشريف الرضي للدكتور زكي مبارك و دواوين الشريف الرضي ودعبل بن علي الخزاعي ومهيار الديلمي والصاحب بن عباد 
اما اعماله المطبوعة فنذكر منها :
موسوعة البابليات : وقوامها اربعة مجلدات  تقع في أربعة أجزاء كرسها المؤرخ في شعراء الحلة وأدبائها  وبيوتاتها العلمية والأدبية
مقصورة الحقائق الجلية في الحضرة  العلية وهي ملحمة طويلة كاربت خمسماية بيت فيها مناجاة لامير المؤمنين علي بن ابي طالب كرم الله وجهه عنوان المصائب في شهادة  الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه
ذخائر اليعقوبي   ديوان يتوفر على شعر ليعقوبي في اهل بيت الرحمة  وقد اوصى الشيخ اليعقوبي ان يدفن هذا الشعر معه .
جهاد المغرب العربي شعر توفر على قصائده  في نضال الشعب المغربي وقد صدر ضمن مطبوعات  جمعية الرابطة الأدبية
 ديوان  اليعقوبي قصائد وجدانية ومناسبية
 كما حقق ودقق الشيخ اليعقوبي جمهرة من الدواوين وقيل لولا تحقيقه وتدقيقه لفقدت تلك الدواوين وهذه الدواوين كانت لأعلام كبار منهم السيد ميرزا جعفر القزويني و الشيخ عباس الملا علي والشيخ محمد حسن أبو المحاسن   و الشيخ عبد الحسين شكر والشيخ يعقوب الحاج جعفر  والد الشيخ محمد علي و الشيخ صالح الكواز.

هدية سنية  ——————————
أهدانيها  ولدي الدكتور محمد الطريحي مدير المركز الثقافي العراقي بواشنطن مجلة تطبع في العراق اسمها ثقافتنا  عدديتوفر على ملف العراق والمتغيرات الاقليمية عدد 9 اذار مارس 2011 تصدر عن دائرة العلاقات الثقافية العامة في وزارة الثقافة والمجلة مطبوعة بورق الميتا آرت بحيث تسر الناظرين وقد خصص هذا العدد الصفحات من 175 الى 183 ملفا مهما لعدد من الكتاب الافاضل من نحو الشيخ محمد علي اليعقوبي خطيبا وشاعرا بقلم الدكتور ستار جبار الجابري مركز الدراسات الدولية جامعة بغداد ومن نحو الشيخ اليعقوبي نابغة عصره بقلم السيد رشيد قسام ومن نحو مقالة اليعقوبي انسانا وكانت غفلا من اسم السيد الكاتب ومنها نقتبس ظريفة تنم عن ظرف افذاذنا رحمهم الله ورزقنا بامثالهم : اقيمت للشيخ اليعقوبي وللشيخ ابو المحاسن وليمة غداء لانهما مفطران بسبب السفر وكانت على المائدة دجاجة مشوية فتنازعها  الشاعران فقال ابو المحاسن:
إن ابن يعقوب امسى   منادمي من جناجة
يشف رقة طبع    كما تشف الزجاجة
ما أفطرَ اليومَ إلا    لكي يلفَّ الدجاجة
فاجابه اليعقوبي على البديهة:
ابا المحاسن مالي  سواك في الناس حاجة
قد شمت منك محيا   يحكي الهلالُ انبلاجه
لذاك افطرتُ يومي   ما بين أهل جناجة
فلاتقل عفت صومي  لكي الف الدجاجة
   ونقبس من مقالة الزميل السيد رشيد القسام :
حارب الشيخ اليعقوبي الاستعمار البريطاني الذي احتل مدينة البصرة مع الامام السيد محمد سعيد الحبوبي الذي امره بتحريض عشائر السماوة والرميثة على الانضمام في صفوف المجاهدين ثم عاد الى مدينة الحلة وبعد سقوط بغداد 1917 سافر الى النجف الاشرف حين نشبت الثورة العراقية في 30 جون حزيران  1920 فشهد معارك الهاشمية ضد الانجليز
توفي الشيخ محمد علي اليعقوبي فجر يوم الاحد السابع عشر من تشرين اول اكتوبر 1965
المصادر التي كتبت عن اليعقوبي تجاوزت اربعين مصدرا مثل
الطهراني . اغا بزرك . الذريعة الى تصانيف الشيعة
الخليلي . جعفر . موسوعة العتبات القدسة
وسوعة هكذا عرفتهم
القسام . رشيد .الاسر النجفية
الجبوري . كامل سلمان . مجلة افاق النجف العدد الثاني السنة الاولى 2006
التميمي . جعفر صادق حمودي . مهجم الشعراء العراقيين المتوفين في هذا العصر
فرهود . عبد الرضا . النجف الاشرف ادباؤها كتابها مؤرخوها 1950- 2000
المرجاني . حيدر . خطباء المنبر الحسيني ج1 1976 – 1977
الأسدي . كريم مرزة . الشيخ محمد علي اليعقوبي طرائف ومواقف
http://shoaraa.com/show-35282.html
مسك الختام / لايقدر الفضل سوى اؤلي الفضل —–
الشيخ محمد علي اليعقوبي كان قاموس الادب ولسان العرب وخطيب العصر الفذ واحد امراء الكلام إن خطب ابهج وان نظم اطرب وان قال اتقن يغلب على شعره الجزل المتانة في سلاسة وانسجام .
السيد عبد الحسين الأميني . إ . هـ
والحمد لله رب العالمين حرر في فرجينيا 
الاربعاء 30 من نوفمبر 2011