تعرفت على شيخ قبيلة ربيعة بالبصرة المرحوم احمد سلمان السويف في جامع البراضعية حين كان الجامع يغص بالمستمعين في ايام شهر رمضان المبارك وايام محرم الحرام في بداية التسعينات . وجمعتني معه مناسبة اخرى هي مجلس عزاء على روح الفقيد الشاعر الكبير السيد مصطفى جمال الدين طاب ثراه . حيث اتخذ ابنه محمد مناسبة استشهاد امير المؤمنين {ع} فأقام مجالس حسينية في داره في حي الضباط مقابل الجنينة. لمدة خمسة ايام . تعرفت في تلك المجالس على عدد من الادباء والشعراء وكبار اصحاب الفكر. ثم تنوعت المجالس وازدادت المعرفة بيني وبين شخصيات بصرية منهم الشيخ اسحاق كاظم شيخ عشيرة البو ناصر الكعبية .
وعرفت الشيخ السويف والاخ الشيخ اسحاق من خلال موقف تعرضت له كاد ان يؤدي بحياتي, وكانت الحادثة تحديدا متوافقة مع الذكرى الاولى للانتفاضة الشعبانية أي في عام 1992حيث كانت الاجواء الامنية متوترة . وانتشر الجيش الشعبي والامن في جميع شوارع البصرة .شاهدت مجاميع الرفاق يكدسون العتاد في الساحات والحدائق . وكانت اجواء البصرة تبعث على الرعب.
في يومها طرق بابي شابان لا اعرفهما قدم احدهم اسمه انه دكتور محمد الربيعي وقال ان والده ذهب الى مكة المكرمة ضمن حملة واحدة وافقت عليها المملكة العربية السعودية تلك السنة. 1992 وجعلها صدام حسين تنطلق من محافظة تكريت, كان والد الدكتور هو الشخص الوحيد من البصرة. اثناء عودتهم وصلت القافلة الى مركز تكريت . دهس مدير امن العوجة الحاج البصري والد الدكتور. فكانوا بموقف لا يحسد عليه من الحزن والالم .ترددت اولا لخوفي من القراءة في ليلة الانتفاضة الشعبانية . ثم توكلت على الله .واخبرني الدكتور ابن المتوفي ان الحاضرين اغلبهم اطباء المستشفى التعليمي والمستشفيات الاخرى في البصرة وكان الشيخ المرحوم احمد السويف والشيخ اسحاق كاظم الكعبي ضمن الحاضرين . بعد اداء الصلاة جلست على الكرسي المخصص لجلوس القارئ والاجواء مشحونة بالخوف والحزن . واتذكر اني هيأت مجلسا علميا في تفسير القران وهو قوله تعالى:{ منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة اخرى} اثناء شرح الآية رأيت الانشراح في وجوه الجالسين .. فجأة دخل احد جيرانهم وكان بعثيا بدرجة عضو قيادة فرع البصرة .يرتدي الزيتوني ويتدلى المسدس على فخذه وخلفه افراد حمايته يحملون اسلحة الكلاشنكوف.
كان بمنتهى الغطرسة والتكبر والخيلاء { ابطال الزمن الجميل} ومن شدة تكبره لم يجلس على الارض كبقية الحاضرين بل امرهم ان يضعوا امامي ثلاث مساند وجلس عليهن ولم يخلع حذاءه وصار ينظر الي شزرا.
فقررت ان اثيره بالكلام وحولت الشرح العلمي والتاريخي الى الرواية . فذكرت فضائل الامام علي {ع} في يوم القيامة تحديدا .ذكرت حديث انه لا يجتاز احد الصراط الا من كان معه صك من علي بن ابي طالب. وانه ساقي الحوض . وهو الذي يرفع لواء الحمد يوم القيامة . وانهيت المجلس وخرجت لاني لا اتمكن من الاكل وقتها بسبب تصرفات الطاغوتية لرجال الزمن الجميل..
يبدو انه افتقدني اثناء ما كان الناس يأكلون . قال { وين بيت هذا الشيخ} سكت الجميع صار يكرر السؤال ويهدد قائلا { بالعقيدة الليلة الا اكص لسانه} وفعلا اراد ان يأتي بمفرزة امن الى داري .. هنا جاء موقف الشيخ المرحوم احمد سلمان السويف واسحاق كاظم مطر . وصل الامر ان توسل به الشيخ احمد رحمه الله ان يقبل يده على ان يتركني. فوافق بشرط ان لا ادخل البراضعية ولا اقرا في أي جامع او حسينية في البرا ضعية . رحمك الله يا شيخ احمد .. موقفك ذلك اليوم الى جانب خادم الحسين {ع} يعادل عتق رقبة . السلام على الحسين وعلى ابناء الحسين وعلى اصحاب الحسين .والرحمة لخدام الحسين{ع}.