9 أبريل، 2024 10:53 م
Search
Close this search box.

الشيخوخة الفكرية موناليزا والتراث

Facebook
Twitter
LinkedIn

عندما آتي الى موناليزا واغير ملامحها او اضع بعض الالوان عليها انها ألوان حديثة، فانا اضعت التراثية ولم أنتج جمالا، وعندما آتي بممثل ليقوم بدور لشخصية تاريخية وكان نيتي تشويهها فلن آتي بأرقى فناني العصر ليجسدها وانما اضع شخصا التقطه من الشارع لا يعترض على سيناريو وحوار اضعه على حركاته والحوار.
بهذا المثل المبسط، تمثلت الحالة التي يعيشها الانسان ومنطقتنا بالذات ويصنع تأثيرها بطريقة او اخرى على الحضارة الفكرية العالمية وبنية المجتمعات لأنها تشكل نمط حياتي قد يخافه البعض فيسعى لتشويهه وقد يحاول البعض التقريب وازالة التحدي فيشوه موناليزا.
الفكرة هي ليس بتغيير ملامح موناليزا او اضافة اصباغ حديثة عليها، وانما برسم لوحة عصرية بألوان عصرية بيد فنانين ومن ذات المصدر الذي علم فن تجسيد الحياة ووظف البشر لمهمة البناء وديمومة السلالة وبناء النموذج الصالح وفق آليات صحيحة ليكون معروضا كنموذج ناجح يقتدى به.
واما تشويه الفكرة التي يقوم بها من يعاديها سواء بصنع النموذج السيء الذي يكوّن انطباعات سلبية وحاجبة لأي فكرة ايجابية تطرح كلاما، او بتفعيل ماكينة اعلامية تسطح المفاهيم بالاجتزاء.
كذلك من يضعون الاصباغ بتقريب الظاهر دون البعد الايديولوجي فهم يسطحون المفاهيم لدرجة تقول للمتلقي انا لا أقدم لك شيئا جديدا لكن ما اقوله أفضل مما عندك، او كأنها تقسيم للملكية جغرافيا تفقد القيمة الموجهة كرسالة للأدمية.
شيخوخة الافكار
الافكار تشيخ ان مر زمن فاعليتها كالإنسان تماما، والانسان يتجدد بالسلالة وولادة الابناء فالأحفاد، اما انا وانت فإلى الهرم والتلاشي، كذلك الافكار والمفاهيم لها عصر وزمكان يصبح بعدها الانسان المتمسك بها كما هي خارج عصره مقدسا لأمر ميت يحتاج الى امتداد وابناء يعيشون عصرهم ووسائل جديدة للإعلان عن وجود منظومتهم وفاعليتهم في الحياة، وعندما نتحدث عن الاسلام والقرآن في هذا الاتجاه فان فاعلية الاسلام تتجدد مع الزمان فهي مثاني تفتح عبر العصور والانسان يستنبط منها لعصره، فان تمسك باجتهاد الاجداد فهو قيد الاصل المطلق وحدد الشمولية الايجابية بقيد الانجرار الى ماضي لم يعد موجودا.
من الواضح ان حركة العصر اضحت بإيقاع سريع، وان اللغة اختلفت فأضحى التناغم بين القديم والعصري ينتج نوعا من الصدمة تجعل النفاق والارتزاق أقرب من افكار لا تجد لها من يتبعها بالحرف الا جاهل او متخلف، او يركب عليها افاك يطلب دنياه بغيبوبة الاخرين….. وهنا يشار الى فشل الجماعات الاسلامية بإقامة دولة كما يزعمون، والنماذج الحرفية التي تمكنت كانت ارضية تنتج الفساد والتخلف المدني ولا اثر لما يزعمون، اللهم الا من سلك التجديد بفهم لأصل الاسلام…. فالغاية ليست السلطة وانما العدل وكرامة الانسان.
قال لي صديق علينا احداث صرخة وان نتوجه للعبادات والتربية الاخلاقية، نوع من الارتداد الطبيعي عندما لا يكون هنالك رؤية واضحة عن الدولة والعمل في الدولة وفقدان سيطرة الصالحين على جشع الفساد والنفاق المنفك المرتبط، هذا الاسلوب يا صديقي هو عودة للصفر لكن الطرق سدت بالفوضى فلن تجد من يؤيدك كما ايدك ذوي الاحلام والمنهزمون من الواقع الذين تحولوا الى فاسدين عند التمكين، او يؤيدك من قلبه على القيم وهو رأى رؤية العين ما فعله دعاتها من سلبيات كانوا يجرمون الاخرين عليها، وهذا واضح وراي عام على كل لسان حتى على السنتهم انفسهم وليس تشخيصا لكاتب او رؤية فلسفية.
ان الصرخة لا تنفع بالعودة الى القديم لأنها كهروب الرجل الفاشل الى امه العجوز فلاهي تنفعه ولا هو صغير لتعلمه.
استعادة الشباب:
الشباب ليس عمرا لإنسان هنا وانما شباب الفكر بالتوالد، وتوالد الفكر في الذهن وليس الارحام، وهذا يحتاج فكرا يدير العصر وليس العودة الى عمق التاريخ.
ذات الامر التقليدي عند الرجعيين الجدد من دعاة العلمانية دون فهم معناها، او التمسك بأفكار اضحت تاريخية لكنها لا تمتلك مقومات التجديد لأنها صورة وتقليد، بينما توجه العالم وصناعته للمدنية تجاوزت المرحلة الفكرية التي يعيش بها هذا الطيف من الناس، فالمدنية تتغير وتتغير معها ما تفرزه من قيم مرافقة تحتاج الى تأهيل بيئي.
خلاصة مهمة
ما يدعو اليه الداعون اليوم في بلداننا محض قوالب فكرية مستوردة من تاريخنا او تاريخ امم غيرنا، لا تتناسب وواقعنا ليلبسها لبوس الاصلاح، وهذا امر مهم التفكير به بدل الاختلاف لجعل الراي بالإصلاح وليس بالتترس بساتر التخلف باسم الدين او التمدن والثيوقراطية العلمانية التي باتت موضع تقديس وتكفير للمخالف ايضا.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب