23 ديسمبر، 2024 4:20 ص

الشياطين والدين…

الشياطين والدين…

“اهااا… فلورنس قتلتهم جميعا”
وضع صديقي ابوجاسم يديه على راسه،، متالما… نفث ما في صدره،، بقوة.. ثم التفت لي وقال:
“رحمة لاهلك.. ما تكلي مين جبت هذا الفيلم… دوخني… معقولة..؟
اعتقد ان احداثه ليست منطقية..
ولا اظنه يستحق المشاهدة..”
ابتسمت له وقلت:
” تدري… ترى شفته اكثر من مرة.. وشغلني كثيرا… هذا الفيلم صناعة ملحد حاقد على الدين… او عارف رباني،، واعي لخفايا النفس البشرية حتى النخاع”
كان الفيلم بعنوان “الخارجون عن القانون والملائكة”
Outlaws and Angels6
الفيلم من انتاج ٢٠١٦،لكنه قد شغلني كثيرا،، حيث يبدا الفيلم بمشاهد عن بيت ريفي وعائلة في الغرب، بجوارهم كنيسة،،
ثم، وفي مكان اخر، يقوم مجموعة من الخارجين عن القانون بمهاجمة بنك، ثم هربوا، حتى وصلوا الى ذلك المنزل الذي ظهر في بداية الفيلم… منزل لعائلة تبدو مطمئنة وبريئة وامهم متدينة ظاهرا..
المهاجمون طلبوا الاختباء والطعام خلال ليلة واحدة، تتدرج الاحداث لتكشف ما خلف الكواليس، وتنقلب المعادلات.. حتى تلتحق ابنتهم فلورنس بالمجرم هنري وعصابته،، وتصف رئيسها بالرجل الطيب…
هذا وصف عام،، اجمالي،، عندما شاهدت الفيلم لاول مرة… لكنني كلما شاهدته، اكثر، اكتشف عمق الماساة التي نعيشها، نحن البشر،، او حجم الجهل بماهيتنا النفسية،، وحقيقة رغباتنا،، وكيف نتصنع الدين والمقدس،، لاغراض شخصية،، وبعيدا عن الهدف الاسمى،…
العصابة، هدفها السرقة وليس القتل،،، لكن رئيسها، ليس ساذجا، بل قائدا لهم،، متكلم، ذو اتجاه وجودي،، او غير منتمي،، لا يتورع عن القتل،، لكن فقط، عند الضرورة.. بل هو عبر عن شعار صعلوكي،، عندما قال “نحن نسرق من البنوك،، ما سرقوه منا”…
بالرغم من ذلك، فان هنري يحمل ضميرا،، يمنعه من استغلال العائلة،،، بل ينصدم بسلوك الاب، الذي استغل بناته، بطريقة منحرفة..
الام في هذه العائلة المسيحية في الفيلم، تظهر وهي تصلي قبل العشاء، مطولا،، ذلك، قبل دخول الغرباء،،
ولكن، بعد دقائق تتضح الحقائق الباطنية والنفسية للمراة والزوج…
الام،، التي تحمل الانجيل،، تدخل في علاقة مع فرد من العصابة،، ثم تسرق،، ثم تقتل..
الوالد، الذي يعطي الموعظة في الكنيسة،، تفضحه ابنته…
وكل تلك الكوارث الاخلاقية، يلقي الاب بمسووليتها على الشيطان… وعلى الويسكي الذي يشربه..
لماذا اثار هذا الفيلم اهتمامي؟
يبدو ان واقعنا السياسي، هو الذي شدني الى هذا الفيلم..
اقصد وجود النفاق عند السلطة،، وخاصة جماعة الاحزاب الاسلامية،، فضلا عمن يستغل الدين لاغراض شخصية،،
هذا السلوك الطقوسي، المتظاهر بحب الله والدين والمقدسات،، الذي يخفي خلفه مخلوقات هلامية لزجة،، لا تحمل اية قيم او ضمير..
واعظ الكنيسة في الفيلم، يستغل عائلته،، لانه لم يجد مواطنين في المنطقة، ليمارس معهم النفاق والغش..
وهكذا في واقعنا، عموما،، يستخدم الدين غطاءا للسرقة والغش.. وهم يغشون انفسهم ايضا،، بالاعمال الخيرية او الطقوس او الذكر..
بل، حتى المخلصين،، قد تختلط عليهم الامور.. ويبتعدون بتخطيطاتهم عن التخطيط الالهي..
هل خفيت علينا حقيقة انفسنا..
قال تعالى.
وَإِن تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى..
وللحديث بقية..