قرأت كعادتي البارحة مابين المغرب والعشاء وردي الخاص، فوقفت عند قوله تعالى: ” والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقنهم ينفقون” الشورى 38. فقلت ..
ماعلاقة الشورى، بالصلاة والزكاة؟.
ولماذا جاءت الشورى بين أعظم شعيرتين، وهما.. الصلاة.. والزكاة؟.
فالصلاة تحمل في طياتها .. إمتثال للإمام، والاستماع له، وموافقته فيما يجب الموافقة، وتنبيهه إذا أخطأ وزاغ.
والإمام مطالب بمراعاة ظروف المصلين .. فلا يرهقهم بإطالة قراءة، أو طول درس، ولزاما عليه أن يخاطبهم بما يفقهون.
وكذلك الشورى فهي..
إمتثال واستماع لأحسن الرؤى.
وفي نفس الوقت رد ماكان سيئا من القول والرأي.
وتقدير لظروف الناس واحترامهم.
فلا نختار لهم إلا مايخفف عنهم ويريحهم.
والإنفاق يعني ..
أن الإنسان ليس حرا في ماله.
فهو ينفق مما هو محدد له وواجب عليه سلفا.
وينتظر بفارغ الصبر اليوم الموعود لإخراج زكاته عن طيب خاطر.
وكذلك الشورى فهي ..
إنفاق للجهد والوقت للاستماع إلى الآخرين.
وانتظار بفارغ الصبر آراء مختلفة متضاربة، لاختيار الأكثر فاعلية، في معالجة ما مال واعوج، وظهر فساده.
تكمن قيمة الشورى في المجتمع .. وعلو مكانتها.. في أن المجتمع..
يعرف قيمة إقامة الصلاة.
ويعرف قيمة إقامة الإنفاق.
وبناء على ذلك .. الدكتاتورية القائمة في مجتمعاتنا، مردها..
لانعرف قيمة إقامة الصلاة.
ولا نعرف قيمة إقامة الإنفاق.
فالذي لاينفق من وقته.. لن ينفق من رأيه.
والذي لاينفق من ماله.. لن ينفق من مشورته ورأيه.
والذي لايحسن العطاء.. لن يحسن أخذ ممن حوله.
ومن حرم غيره مما يملك.. حرم على نفسه مما يملك غيره
فتعليم الصبي الصلاة.. هو في نفس الوقت تعليمه للشورى المتمثلة في احترام آراء الناس، واختلافاتهم، والاستماع لهمومهم والجلوس إليهم، منذ نعومة أظفاره.
وتعليم الصبي العطاء والإنفاق.. هو في نفس الوقت تعليمه الشورى، المتمثلة في الإنصات والاستماع، ومشاركة الناس في أفراحهم وأحزانهم، ومشاركتهم بالتالي في عقولهم وآرائهم.