في برنامج (توب كير) الذي يعرض من على قناة (ام بي سي) والذي يهتم بآحدث موديلات السيارات الحديثة ويقوم بتجربتها في اماكن وعرة وشوارع مختلفة، وفي حلقة الاسبوع الماضي من هذا البرنامج، جرب مقدم البرنامج سيارته الحديثة في شوارع جبال كردستان (التي اصبحت دولة عالمية)، وكان اول مالفت انتباه المقدم هو الشوارع المليئة ب(الطسات) حيث علق باستغراب ساخرا: اظن ان من قام بتعبيد هذا الشارع اكتفى برمي الاسفلت وهرب. ومع الاخذ بنظر الاعتبار ان اقليم كردستان تقدم علينا كثيرا في مجال البناء والاعمار، الا ان شوارعه الخارجية تماما والبعيدة عن مراكز المدن والمحصورة بين الجبال والوديان، لم تنل اعجاب مقدم البرنامج الانكليزي، فماذا سيقول لو قرر تجربة سيارته موديل 2012 في شوارع العاصمة، الداخلية منها والخارجية ؟ .
بعد 2003 مباشرة، كانت حملة تبليط الشوارع ورص الارصفة هي اول خطوات الاعمار مما أثار اعجاب المواطنين الذين تورمت قلوبهم من تخسفات بعض الطرق ومنحهم خيط امل في عاصمة حضارية اقل مافيها شوارع مستوية، لكن الفرحة لم تكتمل، فكل الشوارع التي تم اكساءها تقريبا عادت الى وضعها السابق بل أسوأ وبعد اشهر قليلة، فهل كانت التخصيصات المالية شحيحة الى الحد الذي يدفع المقاولون الى رمي الاسفلت والهروب –كما قال مقدم البرنامج؟ ام ان هنالك اسباب اخرى؟ واليوم، وبعد ثمان سنوات، مازالت شوارع بغداد قاطبة تعاني الحفر والتخسفات حتى صار السير على شارع مستوي يعد امرا غريبا لم يتعوده السائق العراقي..
ومرة ثانية، ومنذ بداية العام الحالي، باشرت امانة بغداد بجولة لاكساء وتعبيد الشوارع، ولم يتغير شئ، فبمجرد انتهاء العمل وبعد ايام او شهور قليلة يعود الشارع الى سابق وضعه أو أسوأ، فشارع حي المدارس في مدينة الشعب وبعد رحلة عمل طويلة تسببت في قطع الطرق وتحويلها وشدة الزحام واثارة الغبار وغيرها، بعد كل هذه المعاناة التي تحملها ابناء المنطقة، فوجئوا بعد شهرين تقريبا بانخفاض مستوى وسط الشارع الى حفرة عميقة اكبر من ان تكون مجرد (طسة)، وتكرر الامر مع شوارع الكرادة، وباب المعظم وغيرها كثير. لابد من التساؤل اذن، ألم يتبدل المقاولون؟ ولماذا تنفق الاموال الطائلة على اعمال ترقيعية، الاتوجد لجان مراقبة او تفتيش تدقق في مراحل المشروع وكيفية تنفيذه حسب المواصفات المتفق عليها مع المقاول؟ .
والغريب ان تنفيذ الشوارع في هذه المرحلة لم يخلف التخسفات والحفر فقط، بل رافقته موضه جديدة ابتدعها منفذو المشاريع لم يسبق ان ظهرت في بلدنا ولااظن انها شاعت في غيره، الا وهي موضة ابراز (المنهولات) على شكل تلال صغيرة او اخفاءها في حفر عميقة، وبذلك تحول تشوارع بغداد الى ساحات للسباق المتعرج للسيارات، ففي شارع الضباط في الاعظمية والذي تم انهاء اكساءه قبل اسابيع، بدا سير السيارات بطريقة حلزونية ملفت للنظر، وربما يبدو تقافز السيارات لتجنب الحفر العميقة التي تركت ل(المنهولات) سهلا في النهار، فكيف يكون الامر ليلا ؟ .
والاغرب من ذلك ان احد (المنهولات) الذي يقع في بداية احد الازقة الي تم اكساؤه قبل اسبوعين، بني هذا المنهول على شكل تل يصل ارتفاعه الى متر تقريبا مما يجعل الاصطدام به امرا طبيعيا جدا من قبل اي سائق يدخل المنطقة للمرة الاولى او يشاء حظه ان (يضرب صفنه) في تلك اللحظة .
لم أجد جوابا عندما سألتني ابنتي اثناء خروجنا للمرة الاولى بعد اكساء زقاقنا الذي انتظرنا (تبليطه) منذ سنوات طويلة، فقد كان سؤالها بكل بساطة: (الشارع البارحة بلطوه واعوج وبيه طسات؟؟).. وأسال بدوري ويتساءل كل المواطنين الذين يترقبون عمليات الاكساء والتعبيد التي تستغرق شهورا طويلة، لماذا لايتم انجاز الشوارع لتكون مستوية كما كانت في السابق؟ ولماذا لايتم اخضاع المقاولين الى رقابة مشددة؟ وأين الخلل، هل هو في المشاريع التي تنفق عليها امانة بغداد المليارات وسوء تنفيذ هذه المشاريع، ام في الشوارع التي قد تكون هي (عوجة) اصلا!! .