{إستذكارا لدماء الشهداء التي ستظل تنزف الى يوم القيامة، من أجساد طرية في اللحود، تفخر بها أرواح خالدة في جنات النعيم، أنشر موسوعة “دماء لن تجف” في حلقات متتابعة، تؤرخ لسيرة مجموعة الابطال الذين واجهوا الطاغية المقبور صدام حسين، ونالوا في معتقلاته، خير الحسنيين.. الشهادة بين يدي الله، على أمل ضمها بين دفتي كتاب، في قابل الايام.. إن شاء الله}
برز نجم الشهيد هاشم جياد حامد الداودي، في “الديوانية” مركز محافظة “القادسية” خلال مشاركته، في إنتفاضة آذار 1991.. الشعبانية، وله من العمر ستة عشر عاما فقط، لم يغادر عمر اليفاعة الى الشباب.. كردي الأصل، تماهى شخصيا وعائليا مع الجنوبيين، يربطهما نسب الإنسانية المشتركة، في وطن واحد، ذي مصير ثابت، لا إنفصام له، مثل العروة الوثقى للمؤمنين.
أهالي الديوانية لا يتذكرون من عائلة جياد عرقها، قدر ما يثمنون المحبة المتبادلة طوال العيش السلمي، الذي أسفر عن إستشهاد مشترك، بين أصلاء الكرد وأبناء العروبة، عندما إنتفضت إرادة العراقيين ضد الطاغية المقبور صدام حسين؛ إثر هزيمته، من غزو دولة الكويت الشقيقة.
نور الهلاهل
ولد الداودي في العام 1974 وإستشهد في 1991، تحيط بروحه هالة زغاريد، من حناجر حوريات الجنة، يوم ولد ويوم إستشهد ويوم يبعث حيا!
غادر الحياة، وهو لم يزل في عنفوان فتوته، مستيقظ الحواس، التي روضها في طاعة الله، مواجها جبروت الطاغية، بقلب مؤمن ثابت الجنان، لم تهزه صواريخ الـ (أرض – أرض) التي دك لواء أمن (صدام) الخاص، بسعيرها الملتهب، بيوتا تكتظ بأطفال ونساء وشيوخ واجفين، ترتعد فرائصهم ريثما يصل ملاك الموت رحمة بهم، قبل وصول قوات الديكتاتور المسعورة، تلتهمهم!
يا بئس ما وضعوا أنفسهم فيه، من موقف جبار يتحدى الرب والانسانية معا.. “كأن لا صام ولا صلى”.
كاسب الآخرة
الشهيد هاشم.. أعزب، تزوج ما يشاء من حوريات الجنة، بعقد إلهي مهيب، حاملا تعب السنوات الستة عشرة، شاكيا بين يدي رب رحيم، حياةً قضاهايعمل كاسبا؛ لإستحصال رزقه، وغادرها كاسبا سمة الخلود في الدنيا والعلياء في الآخرة.
لم تمهله منغصات القانون البعثي، على العلم فلم يكمل دراسته، مكتفيا بـ “يقرأ ويكتب” إعتقل لمشاركته في الإنتفاضة، بشرف وعز، وغيب رفاته الطاهر، الى أن زالت غمة الديكتاتورية البعثية، فوجد جثمانه الطاهر، في مقبرة جماعية إكتشفت بعد 2003، منخورة برصاص بنادق جهاز الامن الخاص.
لم يكتفِ البعثيون ومديرية أمن الديوانية، بقتله؛ إنما ظلوا يقتلون عائلته، وآلاف العوائل.. يوما فيوم؛ تنكيلا بتربيتهم أبطالا وقفوا بوجه الظلم متصدين للجور.. ملاحقة لم تنقطع، بل قطعت حقوق مواطنتهم، الى أن زالت غمة البعث وإستفاق الشعب من كابوس الطاغية.