يقول الإمام الحسين:
((ان كانت الأبدان للموتِ أُنشِئَتْ*** فقتلُ امرئ بالسيفِ في اللّه افضل)).
كل انسان مصيره الى التراب،ويوضع في حفرة يتساوى فيها الحاكم والمحكوم،والغني والفقير، والجاهل والعالم.
لكن هناك فرق بين الموت في سوح المعارك،والموت على الفراش،وبين الموت على الأيمان أو الكفر،وبين الموت على الهداية أو الضلالة،وبين ان يأتيك ملك الموت بصورة حسنة جميلة ليقبض روحك، وبين ان يأتيك بصورة مكفهرة ينتزعها منك، وفرق بين حياة الآخرة،والقرب من الله،والرزق الطيب،وبين حياة المشقة والتعب، ودار الهموم والغموم،ودار المحن والبلايا،كالدنيا الدنيئة.
شهيدنا الغالي(محمد هاشم)،رأيته متحمساً،ومتلهفاً بالذهاب الى الجهاد ،منذ ان صدرت الفتوى من المرجعية،لم يهدأ له بال،ولم يقرّ له قرار،الى ان التحق بفرقة العباس القتالية،مصطحباً معه سلاحه الشخصي.
الشهيد البطل،عرفته طيب القلب،ولين الجانب،وحسن المعشر،ورعاً تقياً،لم أر منه يوماً شيء أكرهه،أو سمعت عنه كلمة أذّى فيها صديق أو صاحب،يحب الناس ويحبونه،ويوم استشهاده أبكى جميع محبيه،وأبكانا وأدمى قلوبنا،فعلاً كان يوم حزن وهم وغم علينا.
شهيدنا،كان عضواً في مؤسسة الانوار النجفية،فرع”الشطرة”،التابعة للمرجع الديني الشيخ بشير النجفي”حفظه الله”،والتي تعتني بالفقراء والأيتام، وللشهيد فيها دور كبير في خدمة هؤلاء الناس،ولا يدخر دونهم جهداً في قضاء حوائجهم واعانتهم.
الشهيد محمد هاشم”ابو عباس”،كان مستقراً في بيت،وموظفاً في الدولة، متزوج وله أربعة أولاد،فترك وظيفته، الوقت الذي تتملق وتتزلف الناس وتعطي الرشاوى من الحصول على الوظيفة، وترك زوجته رفيقة عمره،وترك أولاده وهم في ريعان الشباب،وهم أحوج إليه، وذهب للجهاد، وبقى تقريباً سنة بدون راتب،لأجل ماذا ولمن؟
ترك كل شيء وراء ظهره،طاعة لله وطلباً لمرضاته،وإستجابة للمرحعية، وللدفاع عن المقدسات والوطن، الشهيد الغالي أختار أقرب الطرق للوصول الى ربه،والعيش بجواره في الحياة الأبدية،الشهيد حدد هدفه، ونوى الذهاب نحوه،حتى نال مراده، وتوّسم بوسام الشهادة في قاطع تلعفر بتاريخ 15/11/2016،ويكفيه فخراً ان الشيخ علي النجفي نجل المرجع الديني، نعاه للعراقيين في منشور نشره على صفحته الشخصية في الفيسبوك.
فقدناك أخاً وصديقاً عزيزاً،كنا نستأنس برؤيتك وصحبتك،فرحمك الله يا أبا عباس، يا ليتنا كنا معك، لقد زهدت بالدنيا وطلقتها، وتركتها لنا،نعيش همها وغمها،نسأل المولى عز وجل ان يلحقنا بك،ونتبع أثرك،وأن يحشرنا معك في الآخرة مثلما جمعنا بك في الدنيا.