23 ديسمبر، 2024 3:19 م

الشهيد محمد علاوي/146

الشهيد محمد علاوي/146

{إستذكارا لدماء الشهداء التي ستظل تنزف الى يوم القيامة، من أجساد طرية في اللحود، تفخر بها أرواح خالدة في جنات النعيم، أنشر موسوعة “دماء لن تجف” في حلقات متتابعة، تؤرخ لسيرة مجموعة الابطال الذين واجهوا الطاغية المقبور صدام حسين، ونالوا في معتقلاته، خير الحسنيين.. الشهادة بين يدي الله، على أمل ضمها بين دفتي كتاب، في قابل الايام.. إن شاء الله}
طافت جموع العراقيين، تلعن الطاغية المقبور صدام حسين، وحروبه الهوجاء، إنطلاقا من ساحة “سعد” في البصرة، ثاني أيام شهر آذار من العام 1991؛ إثر هزيمته، في غزو دولة الكويت الشقيقة.

يومها كان الجيش عائدا يجرجر أذيال الخيبة، لا يعرف لم قاتل ولماذا يهان مهزوما!؟ فعمت الإنتفاضة أرجاء العراق كافة، من الشمال الى الجنوب، لكنها إحبطت بتآمر المحيط الدولي، وقسوة الجيش على الشعب، يبيده بقوة مفرطة!

نصب الجيش العراقي.. مع الأسف.. نفسه خصما وحكما، ميدانيا، من خلال أعمدة شجت أديم الأرض، حيثما إستولى على مدينة، من المنتفضين، وأعادها الى صدام، رابطا أبناء العراق الذين قالوا: “لا لحروب الديكتاتور المهووس بالدم” رميا بالرصاص، بعد حشرهم أياما قاسية البرد والجوع والضنك، في جملونات من المعدن المضلع، يتفقدها وزير الدفاع.. حينها.. حسين كامل، يحصد ما تطاله رشاشته من أرواح يزهقا.

الضمائر مناديل

بانت ملامح البطولة، من بينهم، على كثيرين.. بل كلهم مات منتصرا على قاتله، سيرا على نهج أبي الشهداء الحسين.. عليه السلام، فالشهيد محمد عبيد ناصر علاوي، من أهلي النجف، توسط الموت، كما لو متنزها، ولم يتخاذل، في مواجهة التحقيق المزري.. المؤسس على تفاوت القناعات، مسفرا عن إعدامه ميدانيا، في ساحة التحقيق المكشوفة،…

الشهيد علاوي، تولد النجف 1966، سعيد بموته فيها، وهو يقاتل جيش الطاغية، الذي تبرأ من عراقيته.. وما زال.. ليضع ضميره منديلا، يمسح الطغاة قرفهم به.. هذه هي حقيقة الجيش العراقي مع الأسف، منذ أسسته بريطانيا في 6 كانون الثاني 1921ما زال يستأسد على المسالمين العزل ويستخذي أمام الطغاة، وآخرها تسليمه السلاح الحديث لـ “داعش” هاربا قبل أن يلتقيها!

جيشٌ مستخذٍ

كان علاوي يؤدي الخدمة العسكرية الإلزامية، حين أنطلقت الإنتفاضة، فإلتحق بها، في مدينته.. النجف الأشرف.. أعزب، يحمل شهادة الدراسة إلإبتدائية، لكن للوطن مدرسة تفوق أكاديميات الجامعة، وعيا وتثقيفا ذاتيا، مكنه من المساهمة الفاعلة، في تنفيذ توجيهات المرجعية، بقيادة العمليات…

شارك في الإنتفاضة، مسترسلا في القتال، ريثما تمكن الجيش من أسر الشرفاء، وإيداعهم جملونات حسين كامل؛ لتعدمهم سلطة صدام، وبينهم الشهيد محمد علاوي، الذي حقق حضورا لافتا، في الذود عن ضريح أبي الحسنين.. الإمام علي.. عليه السلام، بإعتباره محرابا يتجه من خلاله، الى الايمان بالله والوطن.

إستشهد برصاص الجيش، مربوطا الى الأعمدة التي إخترقت ضلع العراق، ليعدم عليها أبناؤه، بعد طول مقاومة غير متكافئة، بين عزلا لا يملكون سوى الدعاء، وبين جيش الباطل، مدعوما بالإرادة الدولية؛ التي فضلت صداما ضعيفا على شعب مؤمن بالله ورسوله وآل بيته، يمنحونه قوة تفوق ما يأفك أعداء الصلاح في الأنسانية.. أولئك الذين يريدونها فوضى يخبطونها شاربين الصافي.

رحم الله الشهيد محمد عبيد ناصر علاوي، ومن سبقوه الى الشهادة، ومن تزامنوا معه، في الرحيل، ومن إلتحقوا به، عابرين الفضاءات اللانهائية، الى رحاب جنة الخلد.. ريح وريحان وطيب مقام.