{إستذكارا لدماء الشهداء التي ستظل تنزف الى يوم القيامة، من أجساد طرية في اللحود، تفخر بها أرواح خالدة في جنات النعيم، أنشر موسوعة “دماء لن تجف” في حلقات متتابعة، تؤرخ لسيرة مجموعة الابطال الذين واجهوا الطاغية المقبور صدام حسين، ونالوا في معتقلاته، خير الحسنيين.. الشهادة بين يدي الله، على أمل ضمها بين دفتي كتاب، في قابل الايام.. إن شاء الله} تتأصل عائلة آل طعمة، بكونها واحدة من الأسر العريقة في كربلاء المقدسة، تخرج فيها علماء أفاضل وأدباء مبدعون ومؤلفون راسخون في العلم، على مديات آفاق الفقه الإسلامي والعلوم الدينية، بذلوا زاخر العطاء، في سبيل إحياء مآثر أهل البيت النبوة.. عليهم السلام.
ولد سماحة السيد صادق آل طعمة الحائري، في العام 1347هـ.. تخرج في المدارس الرسمية معلماً، ضمن دورة رجال الدين سنة 1371هـ، متتجها لدراسة علوم الدين، بدخول مدرسة الخطيب الدينية، وتخرج فيها يحمل شهادة عليا، متلقيا علومه عن أساتذة بارعين أمثال: الشيخ محمد الخطيب والسيد علي الكاظمي والشيخ عبد الحسين الدارمي والشيخ عبدالأمير المنصوري والشيخ حسين البيضاني والسيد محمد رضا الطبسي والسيد محمد كاظم القزويني وغيرهم.
إرتاد النوادي الأدبية والمحافل الدينية، مشاركا بنظم الشعر وتدبيج المحاضرات، لينشر قصائده ومقالاته على الصحف العراقية واللبنانية، في سن مبكرة.
شمائله
قال فيه الأستاذ عبد الحميد التحافي ضمن كتابه (آل طعمة في التاريخ) أنه “شاعر وكاتب جيد، ذو قلم سيال شارك في أكثر المناسبات الدينية في كربلاء وخارجها وهو ذو خلق طيب ونفس رفيعة مجبولة على الخير…”.
كان خطاطاً ماهراً، عرف بهذا الفن في الأوساط الإسلامية، نهلاً من والده بالوراثة، وقد قال عنه العلامة الأديب السيد مرتضى القزويني في تقريضه لكتاب الحركة الأدبية المعاصرة في كربلاء: “صرف سيدنا صادق آل طعمة جهوداً طويلة في مزاولة الخط العربي بل مختلف الخطوط على تعدد أنواعها حتى أصبح بفضل الله عز وجل من مشاهير الخطاطين، وإنك لا تجد لوحة جميلة أو قطعة جذابة، أو خطاً حسناَ إلاّ وترى معظمها بتوقيع الأستاذ الخطاط السيد صادق آل طعمة…”.
وفي كتابه (معجم رجال الفكر والادب في كرباء) قال عنه السيد سلمان آل طعمة: “كاتب متفنن وخطاط بارع وشاعر مجيد نشر مقالاته وقصائده في الصحف والمجلات…” كما ذكره في باقي مؤلفاته المناسبة.
خط نسخًا من القرآن الكريم، أكثر من مرة بمختلف الأحجام، بعضها على هيئة أحزاب تقرأ في مجالس الفاتحة، إضافة الى زيارة وارث والكتيبة المعروضة في طارمة الروضة الحسينية بخط الثلث المتقن الجميل.
له مهارة في علم تجويد القرآن الكريم، نظم بها دورات تخرج عليه مجموعة من أهل هذا الفن، فضلا عن عمله عريفاً بارعاً في الاحتفالات الدينية والمناسبات الإسلامية، داخل كربلاء وخارجها.. بالأخص في المهرجان العالمي لميلاد الإمام علي في كربلاء.
قصائد
إعتقل ثلاث مرات، من قبل أزلام الطاغية المقبور صدام حسين؛ على أثر نشاطاته الدينية والسياسية.. الأولى عام 1978 والثانية عام 1979 والثالثة.. الاخيرة يوم الجمعة 16 آب 1980.
ظل النظام يلاحقه؛ بسبب النشاط السياسي البارز والمختلف.. تميزا وبروزا.. واختلاطه بمراجع الدين العظام.. داخل وخارج العراق، منشدا قصائد عصماء تزلزل عرش الظالمين؛ فجاء إعتقاله الأخير بعد أن قاد وفداً رفيعاً يضمُّ خيرة رجالات الأدب والشعر والعلماء من كربلاء للنجف الأشرف؛ لمبايعة وتأييد سماحة المرجع الديني الإمام الشهيد السيد محمد باقر الصدر.. (ق. س) وما إن عاد بالوفد من النجف الشرف حتى ألقى قصيدة ارتجالية غرّاء في اليوم التالي وسط الصحن الحسيني المطهَّر، مزق بها البعثيين الصداميّيون وحزبهم الكافر؛ سيق جراءها للأعدم في التيزاب المركز، حسب الوثيقة التي عثرت عليها المحكمة الجنائية العراقية العليا في الأدلة الجنائية ببغداد، وعرضت مرافعة قضيته ضد رموز النظام الصدامي الكافر من على قناة “العراقية” الفضائية في محاكمة أزلام النظام البائد، ضمن قضية تصفية رجال الدين، أوائل الثمانينيات.
أعدم سماحة السيد الشهيد، يوم 28 آب 1982م، طبقًا للمرسوم الجمهوري المرقم ( 799 ) ومقتبس الحكم الصادر من قبل مديرية الأمن العام، الموجود حاليا ضمن أضابير مقر جمعية السجناء الأحرار / بغداد برقم: (5346) والتوثيق الإلكتروني لدى مؤسسة الشهداء.. بغداد.
علمه
قدم مؤلفات مهمة للمكتبة الإسلامية، بقلم رصين وأسلوب بديع وأدب رفيع ووعي راسخ الإيمان، متبحر في علوم الدين والدنيا، طبع بعضها وستطبع الأخر تباعا، إن شاء الله تعالى، ومنها: “الحركة الأدبية المعاصرة في كربلاء” ثلاثة مجلدات، طبع الأول والثاني، من قبل العتبة الحسينية المقدسة، و”فاجعة عزاء طويريج” مطبوع و”ذكرى فقيد الإسلام الخالد في ترجمة السيد الميرزا مهدي الشيرازي” مطبوع و”نفحات قسم من ديوان شعره” وقد قرضه وأرخه الأديب السيد مرتضى الوهاب المتوفّى 1393هـ، طبعته العتبة الحسينية ايضا، أما المخطوطات، فهي: “من شذرات الفكر” و”من وحي الأدب” في طريقه للطباعة، و”قبسات من نهضة الحسين.. عليه السلام” و”صفحات مشرقة من تاريخ كربلاء” و”معالجات في شؤون نظام العتبات المقدسة” و”من أعلام الفكر في كربلاء” و”الحركة العلمية الدينية في كربلاء” و”الشعائر الحسينية” و”من بطولات كربلاء في فترة الطّغيان الشّيوعي” و”هؤلاء أدباء كربلاء” وسواها من المؤلفات القيمة.. النافعة، تضاف الى مقدمات وتقاريض كتبها لمجموعة من المؤلفات التي وضعها آخرون.
رحم الله . الشهيد صادق محمد رضا محمد مهدي آل طعمة الموسوي الحائري، وحشرنا معه يوم الحساب، بينما أعداؤه.. قتلة العلماء، في تباب.