19 ديسمبر، 2024 3:41 ص

الشهيد خليل الفيلي/166

الشهيد خليل الفيلي/166

{إستذكارا لدماء الشهداء التي ستظل تنزف الى يوم القيامة، من أجساد طرية في اللحود، تفخر بها أرواح خالدة في جنات النعيم، أنشر موسوعة “دماء لن تجف” في حلقات متتابعة، تؤرخ لسيرة مجموعة الابطال الذين واجهوا الطاغية المقبور صدام حسين، ونالوا في معتقلاته، خير الحسنيين.. الشهادة بين يدي الله، على أمل ضمها بين دفتي كتاب، في قابل الايام.. إن شاء الله}
أكمل الشهيد خليل إبراهيم سلمان الفيلي، دراسته الإبتدائية، في بغداد.. مسقط رأسه العام 1955، مواصلا الثانوية بتفوق، ليبلغ دبلوم الهندسة الميكانيكية العام 1975.

شاب طموح، مقبل على الهناء ترف سعادة تنبع من روحه، فيضا لمحيط حياة حالمة، غاب عنها، وما زال أثرها نابضا في لحده العاطر، يصل الدنيا بجنات السماء العليا.
لندن

الشهيد الفيلي من عائلة ميسورة؛ تمكنت من إستحصال بعثة له؛ كي يدرس في لندن، لم تغره مباهج جمالية وغريزية، تملء زوايا معتمة في مدن العالم كافة.. المتحضرة والهمجية على حد سواء، إنما تماهى مع طروحات الهندسة.. أكاديميا في جامعات عاصمة الضباب؛ عائدا منها بشهادة عليا.

الطائرة تخب عباب أمواج الريح، على مدى خمس ساعات من الحلم، إستنفدها بخيال عقلاني، يضع قدميه المحلقتين.. اللحظة.. في الفضاء، على أرض واقع الرافدين.. عازما على خدمة الوطن، بوعي مثالي.

معامل موجودة يسهم بترين أدائها وأخرى يحتاجها إقتصاد العراق يدق ركائز أساساتها، يشارك في البناء.. أحلام وآمال تراءت له، قبل أن تتجلى أولى الإحباطات بينة بدعوته لأداء الخدمة العسكرية.. الإلزامية، في العام 1980، يشارك.. قهرا.. في حرب الطاغية المقبور صدام حسين، ضد إيران.

 

كمين

أعد صدام كمينا للتجار.. الكرد الفيليين، مجتمعا بهم، في غرفة تجارة بغداد؛ لتسفيرهم إلى إيران، متخلين عن عوائلهم، وفي يوم قدم خليل الى البيت مجازا من وحدته العسكرية، فعرف بتسفير والده مع مجموعة من التجار، وفي نفس الليلة اقتحم مسلحون من جلاوزة صدام بيتهم، واخذوا أفراد العائلة كافة.. لم يستثنوا طفلا ولا عجوزا، ساقوهم إلى دائرة الأمن العامة، ثم تركوهم عند الحدود العراقية الإيرانية.

مآس فظيعة مروا بها؛ بين جبيال قاسية، في طبيعة جبلية لا ترحم، تساقطت نساء وأطفال وعجائز وشيوخ.. موتى ومن واصل السير متحاملا على وهن قواه، إلتهمته الضواري، ولم ينجُ إلا بضعة أفراد، تحفظت إيران على إعتبارهم مواطنين عاءئدين لها؛ لأنها ليست ملزمة بحماقات الطاغية صدام!

سجن

أفرد خليل عن عائلته، إذ حُجز في (سجن رقم واحد) أربعة أشهر، نقل بعدها الى (سجن أبو غريب) واضرب عن الطعام، هو والشباب المعتقلون معه، من الكرد الفيليين، يطالبون إلحاقهم بذويهم المسفرين.

إغتاظ القائمون على السجن؛ فعزلوهم فرادى، وإختفوا… الى أن  عثر على رفاتهم الطاهر في مقابر جماعية، بذر الديكتاتور بين حنايا ذرات أديم ترابها، حقده على الكرد الفيليين؛ كونهم عراقيين اصلاء ومخلصين لله ورسوله وآل بيت النبوة ووطنهم.

تجمعت لديه أسباب خسيسة عدة، لتسفيرهم، تحت ذريعة أنهم فرس، الأمر الذي وجدت إيران نفسها غير ملزمة به، لكنها إستقبلتهم إنسانياً.. على الأقل بإعتبارهم منفيين من دولتهم التي لا تريد الإعتراف بهم، وليس مواطنيها العائدين من بلد إلغيت إقامتهم فيه.. فهم عراقيون خلص! وهذا يدركه صدام قبل سواه، إلا أنه.. شاه ذكره.. طمع بثرواتهم وأملاكهم؛ مما حدى به الى إفتعال أسباب أحلاها مر؛ متوزعة بين نفي وقتل!

أحدث المقالات

أحدث المقالات