23 ديسمبر، 2024 9:26 م

الشهيد القاضي سمير صالح/129

الشهيد القاضي سمير صالح/129

{إستذكارا لدماء الشهداء التي ستظل تنزف الى يوم القيامة، من أجساد طرية في اللحود، تفخر بها أرواح خالدة في جنات النعيم، أنشر موسوعة “دماء لن تجف” في حلقات متتابعة، تؤرخ لسيرة مجموعة الابطال الذين واجهوا الطاغية المقبور صدام حسين، ونالوا في معتقلاته، خير الحسنيين.. الشهادة بين يدي الله، على أمل ضمها بين دفتي كتاب، في قابل الايام.. إن شاء الله}
كرم المحتد أبرز سمات القاضي سمير صالح عبد الهادي، فهو من عائلة أصيلة، طبعت شخصيته بنبلها، فعاش رفيع القيمة.. عالي جناب، من دون تكبر، إنما وقار يتواضع لله وعباده.
 
أبو صيدا
ولد الشهيد القاضي، العام 1949، مكملا دراسته في كلية القانون والمعهد القضائي، ليتخرج فيهما قاضيا، نذر أحكامه للحق، وإن كره المنحازون عن جادة الصواب الى الحرام.
عمل في محكمة قضاء (أبو صيدا) التابعة لمحافظة ديالى، مؤديا واجبه من ثصميم وجدانه؛ كأن الكون مرهون بما يقضي، مدركا أن زلـله العدم وأن إتقاء الله هو الوجود.. سبيله الى رضا الله والناس، لا تأخذه في الحق ملامة.
بنتان
سيرة حسنة، أضفت على شخصه عصامية عظامية، ميزته نجما في سماء القضاء؛ نال إعجاب المجتمع المحيط به.. من قضاة وكتاب عدول ومحامين وموظفي محاكمـ إستحالوا معجبين برصانته، صلبا لا يخدش أحدا ولينا لا يستهان به، إلا من شاء ان يجاب الحق، فهذا شأنه؛ لأنه عاش على مبدا “من يزعل من الحق لا اريد رضاه بالباطل”.
سليل عائلة كريمة.. كبيرة واسعة الأثر، في كل شيء.. النبل والعطاء والخير والتضحيات.. متزوج وله بنتين، أنشأهما على أدق المناهج التربوية الأصيلة، التي قومت أخلاقهما، مثل رمحين مستقيمين.. يسكن (البياع) واحدا من أشهر أحياء بغداد المعروفة.
 
الدعوة
إنتمى الى حزب (الدعوة) الإسلامية؛ متأثرا بفكر السيد الشهيد آية الله محمد باقر الصدر، وهي منظومة قائمة على وعي جوهري، من يسلك سبيله يغرق في حب الله والناس، نائلا الاحترام، حتى من عدوه؛ لذا كان الشهيد عبد الهدي محبوباً بين زملائه في العمل وجيرانه وأبناء منطقته، مجسدا المعنى الإجرائي الفعلي للمسلم المؤمن بكرامة الآخرين يدافع عنها، حد إلقاء القبض عليه، من أمن الطاغية المقبور صدام حسين، وإعدامه.
 
فطام اللثغة
إنه بحق ابن عائلة، أرضعت الإيمان قبل فطام اللثغة الأولى لأبنائها؛ إذ قدمت الشهداء من أجل الحرية والكرامة والوطن.
وبهذا فأن إستمرار عمله الطيب، لم يرق لأزلام النظام البعثي؛ لذلك إعتقل العام 1980 وظل في الزنازين الى أن أستشهد سنة 1983.
ووري رفاته الطاهر، مخفيا عن ذويه، الى أن حط الله كبرياء الطاغية، مسقطا عرشه، يوم 9 نيسان 2003؛ فعثر عليه في أحدى المقابر الجماعية، يتوسد الثرى، وسط جموع الشهداء الناعمين بجنائن الفردوس.