{إستذكارا لدماء الشهداء التي ستظل تنزف الى يوم القيامة، من أجساد طرية في اللحود، تفخر بها أرواح خالدة في جنات النعيم، أنشر موسوعة “دماء لن تجف” في حلقات متتابعة، تؤرخ لسيرة مجموعة الابطال الذين واجهوا الطاغية المقبور صدام حسين، ونالوا في معتقلاته، خير الحسنيين.. الشهادة بين يدي الله، على أمل ضمها بين دفتي كتاب، في قابل الايام.. إنشاء الله}
إنتقى الموت الفنان باسم محمد سعيد احمد ربيع، وحده، من بين جوق المعتقلين معه؛ كنوع من تحرز نظام الطاغية المقبور صدام حسين، وقائيا، من نسمة معارضة إذا هبت، عملا بوصية مروان إبن الحكم، لولاته على العراق: “إقتلوا لأدنى شبهة”.
لم يخرج الولاة عن أمر الخليفة، مطلقين السيف على جناحين يقطع الرقاب، من دون سبب في معظم الحالات، وهو ما إتبعه صدام، مطلقا رفيف الكلاشنكوف، والمقصلة وثرامات الشعبة الخامسة وحبال المشانق، ترتوي من رفيف الارواح الصاعدة لله، تشكو ظلم الانسان لأخيه الانسان، تهافتا على المال والسلطة المستبيحة لحرمات الاخرين.
بينما باسم يطلق إبتسامته بوجوه أهل المهدية، في الحلة، التي ولد العام 1955، ونشأ وإعتقل وأعدم فيها..
سيرة منذورة للموت
عاش الشهيد وانتقل الى رحاب نعيم الجنة، اسما على مسمى؛ فهو دائم الابتسام، محبا للجميع، لا يرجو الا مرضاة الله من خلال صلته الرحوم بالآخرين.. فيض سلام ينبعث من الذات ناشرا عذوبته على الجميع..
يقول كلمته موازنا فيها إسعاد من يحدث، بغض الطرف عن العيوب والتأكيد على المحاسن، ايمانا منه بقول الشاعر: “فكلك عورات وللسان أعين”.
لذا عاش رفاها مكفولا بالانتماء للآخرين؛ خاصة بعد عودته من معهد الفنون الجميلة / قسم التشكيل، الى “جبلة” حاملا دبلوم الفنون؛ ليعمل مدرسا فيها.
تمهيدا للحب
إعتقل من قبل رجال جهاز أمن النظام البائد، وأدع رهن مديرية أمن ألحلة، العام 1982، لمدة إسبوع، مع أولاد عمومته، الذين أطلق سراحهم، ولحق بهم باسم ربيع، في ما بعد، جثة تطلق ألوانا ملائكية؛ إذ نفذ به حكم الإعدام في العام نفسه، حين كان أهله يجهزون لتزويجه من ابنة عمه التي أحبها كثيرا.
لم يقترف أي ذنب سوى انه كان وديعا مسالما ولم ينتم إلى حزب البعث الظالم فاعتبره البعثيون مجرما، ولم تشفع له موهبته ولا شبابه الجميل فسار على مدارج النور، إلى جوار ربه شهيدا.
أثر إعدامه على عائلته كثيرا وخصوصا والدته التي بقيت ترفض الحديث عن كونه أعدم.. غير مصدقة زوال وسامته عن وجه الارض الى تحت الثرى، ولسان حالها يرثيه: “ألن ارى الثريا عند السحر، بعد الان.. ولي خطيبة عالقة بين الحب وموتي!
ترك أثرا واضحا على نفوس من عرفوه، وإرثا فنيا يشكل ثروة لمن يحسن تسويق لوحاته الجميلة على الجدران ومشاعر شفافة خطت على أفق السماء أعمالاً فنية رائعة لقصة شهيد أحب الحرية، وأفنى وجوده على طريق بلوغها، ممهدا.